الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

قوله تعالى ذكره : { وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده } 26 ، إلى قوله : { بما لديهم فرحون } 31 .

أي : والذي له هذه الصفات هو الذي يبدؤ الخلق من غير أصل وأمثال ثم يفنيه ثم يعيده بعد إفنائه كما بدأ .

{ وهو أهون عليه } أي : وإعادته هين عليه قال ابن عباس{[54736]} .

وقيل : المعنى : الإعادة أهون على المخلوق لأنه يقوم بشرا سويا ، وقد كان في الابتداء ينقل من حال إلى حال{[54737]} .

روي ذلك أيضا عن ابن عباس{[54738]} .

وعن ابن عباس : أن معناه : وهو أيسر عليه{[54739]} . وقاله مجاهد{[54740]} .

فيكون هذا بمنزلة قوله : { وكان ذلك على الله يسيرا }{[54741]} .

وقال عكرمة : تعجب الكفار من إحياء الله الموتى فنزلت هذه الآية{[54742]} .

فالمعنى عنده : إعادة الخلق أهون عليه من ابتدائه{[54743]} .

وقال قتادة : إعادته أهون عليه من بدايته ، وكل شيء عليه هين{[54744]} .

وفي حرف{[54745]} ابن مسعود : " وهو علي{[54746]} هين{[54747]} " وقيل : أهون على بابها ، على معنى أسهل عليه من الابتداء{[54748]} .

وجاز ذلك في صفات الله كما قال : { وكان ذلك على الله يسيرا }{[54749]} .

وحسن ذلك كله لأن الله خاطب العباد بما يعقلون ، فأعلمهم أنه يجب عندهم أن يكون البعث أسهل من الابتداء ، فجعله مثلا لهم لأنهم كذلك يعرفون في عادتهم أن إعادة الشيء مع تقدم مثال أسهل من اختراع الشيء بغير مثال تقدم ، فهو مثل لهم على ما يفهمون ، ألا ترى أن بعده { وله المثل الأعلى في السماوات والأرض } معناه : أنه لا إله إلا الله لا مثال له .

قال ابن عباس : { وله المثل الأعلى } ليس كمثله شيء{[54750]} .

وقال قتادة : مثله أنه لا إله إلا هو ولا رب غيره{[54751]} .

وقيل : المعنى ما أراد كان{[54752]} وحقيقته في اللغة أن المثل الوصف{[54753]} .

فمعناه وله الوصف الأعلى من كل وصف .

{ وهو العزيز } في انتقامه من أعدائه { الحكيم } في تدبيره خلقه على ما يشاء


[54736]:انظر: جامع البيان 21/36، والكشف والبيان 6/40، والمحرر الوجيز 12/255
[54737]:هو قول ابن عباس وقطرب في الجامع للقرطبي 14/22
[54738]:انظر: الدر المنثور 6/491
[54739]:انظر: جامع البيان 21/36، والمحرر الوجيز 12/256، وتفسير ابن كثير 3/431، والدر المنثور 6/491.
[54740]:انظر: المحرر الوجيز 12/256
[54741]:النساء: آية 30
[54742]:انظر: جامع البيان 21/36، والجامع للقرطبي 14/22
[54743]:انظر: جامع البيان 21/36
[54744]:انظر: المصدر السابق
[54745]:الحرف هنا: معناه القراءة انظر: الجامع للقرطبي 14/21
[54746]:هكذا في الأصل ولعله خطأ والصواب "وهو عليه"
[54747]:انظر: المحرر الوجيز 12/256، والجامع للقرطبي 14/21، والبحر المحيط 7/169، وفتح القدير 4/221، والقراءة المنسوبة إلى ابن مسعود في هذه المصادر هي: "وهو عليه هين"
[54748]:انظر: الجامع للقرطبي 14/22
[54749]:النساء: آية 30
[54750]:انظر: جامع البيان 21/38، والكشف والبيان 6/41، وتفسير ابن كثير 3/432، والدر المنثور 6/491
[54751]:انظر: جامع البيان 21/38، والكشف والبيان 6/41، والجامع للقرطبي 14/22، وتفسير ابن كثير 3/432
[54752]:انظر: الجامع للقرطبي 14/22
[54753]:جاء في القاموس المحيط 4/49، مادة "مثل"... والمثل محركة الحجة والحديث... والصفة" انظر: أيضا التاج 8/110، مادة "مثل"