الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

{ وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ * وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } فقرأ ابن مسعود : يبدي ، ودليله قوله :

{ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } [ البروج : 13 ] .

ودليل العامّة

{ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } [ الأعراف : 29 ]

{ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] قال الربيع بن خيثم والحسن : وهو هيّن عليه وما شيء عليه بعزيز ، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس ، وهذا كقول الفرزدق :

إنّ الذي سمك السماء بنا لها *** بيتاً دعائمُهُ أعزّ وأطولُ

أي عزيزة طويلة .

وقال آخر :

لعمركَ إنَّ الزبرقان لباذل معروفه *** عند السنين وأفضلُ

أي فاضل .

وقال مجاهد وعكرمة : الإعادة أهون عليه من البدأة أي أيسر . وهي رواية الوالبي عن ابن عبّاس : ووجه هذا التأويل أنّ هذا مَثَل ضربه الله تعالى ، يقول : إعادة الشيء على الخلق أهون من ابتدائه فينبغي أن يكون البعث أهون عليه عندكم من الإنشاء . وقال قوم : وهو أهون عليه ، أي على الخلق ، يُصاح بهم صيحة فيقومون ، ويقال لهم : كونوا فيكونون أهون عليهم من أن يكونوا نطفاً ثمّ علقاً ثمّ مضغاً إلى أن يصيروا رجالاً ونساء . وهذا معنى رواية حسان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس واختيار قطرب .

{ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى } أي الصفة العليا { فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } قال ابن عبّاس : ليس كمثله شيء . وقال قتادة : مثله أنّه لا إله إلاّ هو ولا ربّ غيره . { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }