ثم قال : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا } ، لأن أهل مكة كانوا يتعجبون ويقولون { أَبَعَثَ الله بَشَرًا رَّسُولاً } فنزل : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إلى رَجُلٍ مّنْهُمْ } ؛ يقول : أعجب أهل مكة أن أختار عبداً من عبيّدي وأرسله إلى عبادي من جنسهم وحسبهم ، حتى يقدروا أن ينظروا إليه يعرفونه ولا ينكرونه ؟ ثم بيَّن ما أوحى الله تعالى إليه فقال : { أَنْ أَنذِرِ الناس } ، يعني : خوف أهل مكة بما في القرآن من الوعيد ؛ ويقال : في الآية تقديم ، ومعناه تلك آيات الكتاب الحكيم للناس ، أكان عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس ؟ وقال غلبة المفسرين على ظاهر التنزيل . ثم قال : { وَبَشّرِ الذين ءامَنُواْ } ، أي بما في القرآن من الثواب في الجنة . { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبّهِمْ } ، قال مقاتل : يعني : بأن أعمالهم التي قدموها بين أيديهم سلف خير عند ربهم وهي الجنة ، وقال ابن عباس : يعني : الصحابة عند ربهم وهي الجنة . وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : يعني : شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، لهم شفيع صدق عند ربهم ؛ وقال الحسن : هي رضوان الله في الجنة ؛ وقال القتبي : { قدم صدق } يعني : عَمَلاً صالحاً قدموه .
{ قَالَ الكافرون إِنَّ هذا لساحر مُّبِينٌ } ؛ قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر { لسحر } بغير ألف ، يعني : إن هذا القرآن لسحر مبين ، كذب ظاهر ، قرأ الباقون : { لساحر مُّبِينٌ } . فإن قيل : إنما قال الكفار هذا القول ، فما الحكمة في حكاية كلامهم في القرآن ؟ قيل : الحكمة فيه من وجوه أحدها أنهم كانوا يقولون قولاً فيما بينهم ، فيظهر قولهم عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان في ذلك علامة لنبوته لمن أيقن به ؛ والثاني : أن في ذلك تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم ليصبر على ذلك ، كما قال : { فاصبر على مَا يَقُولُونَ } ، والثالث : أن في ذلك تنبيهاً لمن بعده أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ولا يمتنع بما يسمع من المكروه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.