الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ رَجُلٖ مِّنۡهُمۡ أَنۡ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنَّ لَهُمۡ قَدَمَ صِدۡقٍ عِندَ رَبِّهِمۡۗ قَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٞ مُّبِينٌ} (2)

{ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً } الآية ، قال ابن عباس : لما بعث الله محمداً رسولاً أنكرت الكفار وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد فأنزل الله تعالى : { أَكَانَ لِلنَّاسِ } أهل مكة والألف للتوبيخ { عَجَباً } { أَنْ أَوْحَيْنَآ } أن في محل الرفع وأوحينا صلة له تقديره أكان للناس عجباً لإيحائنا { إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ } محمد ، وفي حرف عبد الله : عجيبٌ ، بالرفع على اسم كان ، وأن في محل نصب على خبره { أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ } أن على محل نصب بقصد الخافض وكذلك الثانية .

{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ } .

قال ابن عباس : أجراً حسناً بما قدموا من أعمالهم . قال الضحاك : ثواب صدق . مجاهد : الأعمال الصالحة ، علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : سبقت لهم السعادة في الذكر الأول . سلف صدق ، زيد بن أسلم : محمد صلى الله عليه وسلم شفيع لهم . يمان : إيمانهم ، عطاء : مقام صدق لا زوال فيه ولا بؤس ، نعيم مقيم وخلود وخلود لا موت فيه ، الحسن : عمل صالح أسلفوه ( فأثابهم ) عليه ، الأعمش : سابقة صدق . أبو حاتم : منزل صدق نظيره

{ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ } [ الإسراء : 80 ] عبد العزيز بن يحيى : قدم صدق . قوله عزّ وجلّ :

{ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى } [ الأنبياء : 101 ] . الزجاج : منزلة رفيعة ، وقيل : هو بعثهم وتقديم الله تعالى هذه الأمة في البعث يوم القيامة ، بيانه قوله صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، وقيل : عِدَة الله تعالى لهم ، والقدم : القدم كالنقص والقبض وأُضيف القدم إلى الصدق وهو [ علة ] كما قيل : مسجد الجامع ، وحقّ اليقين .

قال ابن الأعرابي : القدم المتقدم في الشرف .

قال العجاج :

زل بنو العوام عن آل الحكم *** وتركوا الملك لملك ذي قدم

أي متقدم .

قال أبو عبيدة والكسائي : كل سابق في خير أو شر فهو عند العرب قدم . يقال : لفلان قدم في الإسلام ، وله عندي قدم صدق ، وقدم سوء ، وهو مؤنث يقال : قدم حسنة وقدم صالحة . قال حسان بن ثابت :

لنا القدم العليا إليك وخلفنا *** لأوّلنا في طاعة الله تابع

قال ذو الرمّة :

لكم قدم لا ينكر الناس أنها *** مع الحسب العاديّ طمت على البحر

وقال آخر :

قعدت بهم قدم الفجار وذكرت *** أنسابهم من فضة من مالق

أي ما يقدّم لهم من الفجّار .

{ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ } قال المفسرون : القرآن ، وقرأ أهل الكوفة : لساحر يعني محمد ( صلى الله عليه وسلم ) .