بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ} (55)

قوله تعالى :

{ إنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ } وذلك أن عبد الله بن سلام وأصحابه قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن اليهود أظهروا لنا العداوة ، وحلفوا أن لا يخالطونا في شيء ، ومنازلنا فيهم ، بعيدة من المسجد ، ولا نجد محدثاً دون هذا المسجد ، فنزلت هذه الآية { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ } يقول : حافظكم وناصركم الله ورسوله { والذين آمَنُواْ } فقال : يا رسول الله رضينا بالله ورسوله ، وبالمؤمنين . وقال الضحاك : إن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ، أتاه بنو أسد بن خزيمة ، وهم سبعمائة رجالهم ونساؤهم . فلما قدموا المدينة . فقالوا : يا رسول الله اغتربنا وانقطعنا عن قبائلنا ، وعشيرتنا فمن ينصرنا ؟ فنزل { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ والذين آمَنُواْ } .

ثم قال : { الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكاة } قال ابن عباس : وذلك أن بلالاً لما أذّن ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس في المسجد يصلون بين قائم وراكع وساجد ، فإذا هو بمسكين يسأل الناس ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : «هَلْ أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئاً ؟ » قال : نعم . قال : «مَاذَا » ؟ قال : خاتم فضة . قال : «وَمَنْ أَعْطَاكَ » ؟ . قال : ذلك المصلي . قال : «فِي أيِّ حَالٍ أعْطَاكَ » ؟ قال : أعطاني وهو راكع . فنظر ، فإذا هو عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه . فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على «عبد الله بن سلام » { الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكاة وَهُمْ رَاكِعُونَ } يعني : يتصدقون في حال ركوعهم حيث أشار بخاتمه إلى المسكين حتى نزع من أصبعه ، وهو في ركوعه . ويقال : يراد به جميع المسلمين أنهم يصلون ويؤدون الزكاة .