أخرج النحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة بني إسرائيل بمكة .
وأخرج البخاري وابن الضريس وابن مردويه ، عن ابن مسعود أنه قال في بني إسرائيل والكهف ومريم : إنهن من العِتاق الأُول ، وهن من تِلادي .
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه النسائي والحاكم وابن مردويه ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عمرو الشيباني قال : صلى بنا عبد الله الفجر فقرأ بسورتين ، الآخرة منهما بنو إسرائيل .
أخرج ابن جرير عن حذيفة أنه قرأ «سبحان الذي أسرى بعبده من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى » .
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً } قال : { سبحان } تنزيه الله تعالى { الذي أسرى } بمحمد صلى الله عليه وسلم { من المسجد الحرام } إلى بيت المقدس ، ثم رده إلى المسجد الحرام . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول :
قلت له لما علا فخره *** سبحان من علقمة الفاجر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه من طريق ثابت ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أتيت بالبراق ، وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه . . . فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ، ثم دخلت المسجد فصليت ركعتين ثم خرجت ، فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن فقال جبريل : اخترت الفطرة . ثم عرج بنا إلى سماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بآدم ، فرحب بي ودعا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بإبني الخالة ، عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا ، فرحّبا بي ودعوا إلي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بيوسف ، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن ، فرحب بي ودعا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بإدريس ، فرحب بي ودعا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بهارون ، فرحب بي ودعا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بموسى ، فرحب بي ودعا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى ، فإذا ورقها فيها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشى تغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها ، فأوحى إلي ما أوحى وفرض عليّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة . قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم . فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب ، خفف عن أمتي . فحط عني خمساً فرجعت إلى موسى فقلت : حط عني خمساً ، فقال : إن أمتك لا يطيقون ذلك ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف . قال : فلم أزل أرجع بين ربي وموسى حتى قال : يا محمد ، إنهن خمس صلوات لكل يوم وليلة ، بكل صلاة عشر ، فتلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشراً ، ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئاً ، فإن عملها كتبت سيئة واحدة . فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحيت منه » .
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن أنس قال : «ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة ، جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام ، فقال أولهم : أيهم هو ؟ فقال أوسطهم : هو خيرهم . فقال أحدهم : خذوا خيرهم . فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى ، فيما يرى قلبه ، وتنام عيناه ولا ينام قلبه ، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه ، فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه ، ثم أتى بطست من ذهب محشواً إيماناً وحكمة فحشا به صدره ولغاديده - يعني عروق حلقه - ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا ، فضرب باباً من أبوابها فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحباً به وأهلاً . ووجد في السماء الدنيا آدم ، فقال له جبريل : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلم عليه ورد عليه آدم وقال : مرحباً وأهلاً بابني . . . نعم الابن أنت . فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان فقال : ما هذان النهرين يا جبريل ؟ قال : هذا النيل والفرات عنصرهما . ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر . قال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك .
ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى : من هذا ؟ قال : جبريل . قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحبا به وأهلاً .
ثم عرج به إلى السماء الثالثة فقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية .
ثم عرج به إلى السماء الرابعة فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى الخامسة فقالوا مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السادسة فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السابعة فقالوا له مثل ذلك ، كل سماء فيها أنبياء قد سماهم ، منهم إدريس في الثانية ، وهارون في الرابعة ، وآخر في الخامسة ولم أحفظ اسمه ، وإبراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله ، فقال موسى : رب لم أظن أن ترفع عليّ أحداً ، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبار رب العزة فتدلّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى الله فيما يوحي إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة ، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال : يا محمد ، ماذا عهد إليك ربك ؟ قال : عهد إلي ، خمسين صلاة كل يوم وليلة . قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك ، ارجع فليخفف عنك ربك وعنهم . فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنه يستشيره فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت ، فعلا به إلى الجبار تبارك وتعالى فقال وهو مكانه : يا رب ، خفف عنا . . . ؛ فإن أمتي لا تستطيع ذلك . فوضع عنه عشر صلوات . ثم رجع إلى موسى واحتبسه ، فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ، ثم احتبسه موسى عند الخمس فقال : يا محمد ، والله لقد راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فضعفوا وتركوه ، فأمتك أضعف أجساداً وقلوباً وأبداناً وأبصاراً وأسماعاً ، فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك . يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل ، فرفعه عند الخامسة فقال : يا رب ، إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم ، فخفف عنا . فقال الجبار : يا محمد ، قال : لبيك وسعديك . قال : إنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب ، وكل حسنة بعشر أمثالها . فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك . فرجع إلى موسى فقال : كيف فعلت ؟ فقال : خفف عنا ، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها . فقال موسى : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ، ارجع إلى ربك فليخفف عنك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا موسى ، قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه . قال : فاهبط بسم الله . واستيقظ وهو في المسجد الحرام » .
وأخرج النسائي وابن مردويه من طريق يزيد بن أبي مالك ، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أتيت ليلة أسرى بي بدابة فوق الحمار ودون البغل ، خطوها عند منتهى طرفها . . . كانت تسخّر للأنبياء قبلي ، فركبته معي جبريل فسرت ، فقال : انْزِلْ فَصَلِّ . ففعلت . . . فقال : أتدري أين صليت ؟ صليت بطيبة وإليها المهاجر إن شاء الله . ثم قال : انزل فصَلِّ . ففعلت فقال : أتدري أين صليت ؟ صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى ، ثم قال : انزل فَصلِّ . فصليت فقال أتدري أين صليت ؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى . ثم دخلت بيت المقدس فجمع لي الأنبياء عليهم السلام ، فقدَّمني جبريل فصليت بهم .
ثم صعد بي إلى السماء الدنيا فإذا فيها آدم فقال لي : سلم عليه فقال : مرحباً بابني والنبي الصالح .
ثم صعد بي إلى السماء الثانية ، فإذا فيها ابنا الخالة عيسى ويحيى ، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة ، فإذا فيها يوسف . ثم صعد بي إلى السماء الرابعة ، فإذا فيها هارون . ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فإذا فيها إدريس . ثم صعد بي إلى السماء السادسة فإذا فيها موسى ، ثم صعد بي إلى السماء السابعة فإذا فيها إبراهيم ، ثم صعد بي إلى فوق السبع سماوات ، وأتيت سدرة المنتهى فغشيتني ضبابة . . . فخررت ساجداً ، فقيل لي : إني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة ، فقم بها أنت وأمتك ، فمررت على إبراهيم فلم يسألني شيئاً ، ثم مررت على موسى فقال لي : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة . قال : إنك لن تستطيع أن تقوم بها أنت ولا أمتك ، فاسأل ربك التخفيف . فرجعت فأتيت سدرة المنتهى فخررت ساجداً . . . فقلت : يا رب ، فرضت علي وعلى أمتي خمسين صلاة ، فلن أستطيع أن أقوم بها أنا ولا أمتي . . . فخفف عني عشراً . فمررت على موسى فسألني فقلت : خفف عني عشراً . قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فخفف عني عشراً ثم عشراً حتى قال : هن خمس بخمسين ، فقم بها أنت وأمتك . فعلمت أنها من الله صرى . فمررت على موسى فقال لي : كم فرض عليك ؟ فقلت : خمس صلوات ، فقال : فرض على بني إسرائيل صلاتان فما قاموا بهما ، فقلت : إنها من الله فلم أرجع » .
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر ، عن يزيد بن أبي مالك ، عن أنس رضي الله عنه قال : « لما كان ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتاه جبريل عليه السلام بدابة فوق الحمار ودون البغل . حمله جبريل عليها ينتهي خفها حيث ينتهي طرفها فلما بلغ بيت المقدس أتى إلى الحجر الذي ثمة ، فغمزه جبريل عليه السلام بإصبعه فثقبه ، ثم ربطها ثم صعد . . . فلما استويا في صرحة المسجد قال جبريل : يا محمد ، هل سألت ربك أن يريك الحور العين ؟ قال : نعم . قال : فانطلق إلى أولئك النسوة فسلّم عليهن ، وهن جلوس عن يسار الصخرة . فأتيتهن فسلَّمت عليهن فرددن عليَّ السلام ، فقلت : من أنتن ؟ فقلن : خيرات حسان . . . نساء قوم أبرار نقوا فلم يدرنوا ، وأقاموا فلم يظعنوا ، وخلدوا فلم يموتوا . ثم انصرفت فلم ألبث إلا يسيراً حتى اجتمع ناس كثير ، ثم أذن مؤذن وأقيمت الصلاة ، فقمنا صفوفاً فانتظرنا من يؤمنا ، فأخذ جبريل بيدي فقدّمني . . . فصليت بهم ، فلما انصرفت قال جبريل : يا محمد ، أتدري من صلَّى خلفك ؟ قلت : لا . قال : صلى خلفك كل نبي بعثه الله . ثم أخذ بيدي فصعد بي إلى السماء ، فلما انتهينا إلى الباب استفتح ، قالوا : من أنت ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قالوا : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم . ففتحوا له وقالوا : مرحباً بك وبمن معك . فلما استوى على ظهرها إذا فيها آدم . فقال لي جبريل : ألا تسلِّم على أبيك آدم ؟ قلت : بلى . . . فأتيته فسلمت عليه ، فردّ عليّ وقال لي : مرحباً بابني والنبي الصالح . ثم عرج بي إلى السماء الثانية فاستفتح فقالوا له مثل ذلك ، فإذا فيها عيسى ويحيى . ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فاستفتح ، فقالوا له مثل ذلك ، فإذا فيها يوسف . ثم عرج بي إلى السماء الرابعة فاستفتح ، فقالوا له مثل ذلك ، فإذا فيها إدريس . ثم عرج بي إلى السماء الخامسة فاستفتح ، فقالوا له مثل ذلك ، فإذا فيها هارون . ثم عرج بي إلى السماء السادسة فاستفتح ، فقالوا له مثل ذلك ، فإذا فيها موسى . ثم عرج بي إلى السماء السابعة فاستفتح ، فقالوا له مثل ذلك ، فإذا فيها إبراهيم . ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة حتى انتهى بي إلى نهر عليه خيام الياقوت واللؤلؤ والزبرجد ، وعليه طير خضر أنعم طير رأيت . فقلت : يا جبريل ، إن هذا الطير لناعم . قال : يا محمد ، آكله انعم منه . ثم قال : أتدري أي نهر هذا ؟ قلت : لا . قال : الكوثر الذي أعطاك الله إياه ، فإذا فيه آنية الذهب والفضة تجري على رضراض من الياقوت والزمرّد ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن ، فأخذت من آنيته فاغترفت من ذلك الماء فشربت فإذا هو أحلى من العسل وأشد رائحة من المسك .
ثم انطلق بي حتى انتهى إلى الشجرة ، فغشيتني سحابة فيها من كل لون ، فرفضني جبريل وخررت ساجداً لله . فقال الله لي : يا محمد ، إني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة ، فقم بها أنت وأمتك . ثم انجلت عني السحابة وأخذ بيدي جبريل فانصرفت سريعاً ، فأتيت على إبراهيم فلم يقل لي شيئاً ، ثم أتيت على موسى فقال : ما صنعت يا محمد ؟ قلت : فرض عليَّ وعلى أمتي خمسين صلاة . قال : فلن تستطيع أنت ولا أمتك . فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك . فرجعت سريعاً حتى انتهيت إلى الشجرة ، فغشيتني السحابة وخررت ساجداً وقلت : ربي ، خفف عنّا . قال : قد وضعت عنكم عشراً . ثم انجلت عني السحابة ، فرجعت إلى موسى فقلت : وضع عني عشراً . قال : ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنكم . فوضع عشراً إلى أن قال : هن خمس بخمسين ، ثم انحدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : ما لي لم آت على أهل سماء إلا رحبوا بي وضحكوا إلي ، غير رجل واحد سلمت عليه فرد علي السلام ورحب بي ولم يضحك إلي ؟ ! قال : ذاك مالك خازن النار ، لم يضحك منذ خلق ولو ضحك لأحد لضحك إليك . قال : ثم ركبت منصرفاً ، فبينما هو في بعض طريقه مرّ بعير من قريش تحمل طعاماً منها جمل عليه غرارتان ، غرارة سوداء وغرارة بيضاء ، فلما حاذى العير نفرت منه واستدارت وصرع ذلك البعير وانكسر ، ثم إنه مضى فأصبح فأخبر عما كان ، فلما سمع المشركون قوله أتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا : يا أبا بكر ، هل لك في صاحبك ؟ يخبر أنه أتى في ليلته هذه مسيرة شهر ثم رجع من ليلته . . . ! فقال أبو بكر رضي الله عنه : إن كان قاله فقد صدق ، وإنا لنصدقه فيما هو أبعد من هذا ، نصدقه على خبر السماء . فقال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما علامة ما تقول ؟ قال : مررت بعير لقريش وهي في مكان كذا وكذا ، فنفرت العير منا واستدارت . . . وفيها بعير عليه غرارتان : غرارة بيضاء ، وغرارة سوداء . فصرع فانكسر ، فلما قدمت العير سألوهم فأخبروهم الخبر على مثل ما حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك سمي أبو بكر ( الصديق ) وسألوه : هل كان فيمن حضر معك موسى وعيسى ؟ قال : نعم . قالوا : فصفهما . قال : أما موسى ، فرجل آدم كأنه من رجال ازد عمان . وأما عيسى ، فرجل ربعة سبط ، تعلوه حمرة كأنه يتحادر من لحيته الجمان » .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة ، عن أنس رضي الله عنه قال : «لما جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق ، فكأنها هزت أذنيها فقال جبريل : يا براق ، فوالله ما ركبك مثله . وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو بعجوز على جانب الطريق ، فقال : ما هذه يا جبريل ؟ قال : سر يا محمد . فسار فإذا شيء يدعوه متنحيا عن الطريق يقول : هلم يا محمد ، فقال له جبريل : سر يا محمد . فسار ما شاء الله أن يسير فلقيه خلق من خلق الله فقالوا : السلام عليك يا أول . . . السلام عليك يا آخر . . . السلام عليك يا حاشر . فقال له جبريل عليه السلام : اردد السلام . فرد السلام ، ثم لقيه الثانية فقال له مثل ذلك ، ثم الثالثة كذلك حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فعرض عليه الماء والخمر واللبن ، فتناول رسول الله اللبن . فقال له جبريل عليه السلام : أصبت الفطرة ، ولو شربت الماء لغرقت أمتك ، ولو شربت الخمر لغوت أمتك ، ثم بعث له آدم عليه السلام فمن دونه من الأنبياء ، فأمّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ، ثم قال جبريل : أما العجوز التي رأيت على جانب الطريق ، فلم يبق من الدنيا إلا ما بقي من عمر تلك العجوز ، وأما الذي أراد أن تميل إليه ، فذاك عدو الله إبليس أراد أن تميل إليه . وأما الذين سلموا عليك فإبراهيم وموسى وعيسى » .
وأخرج ابن مردويه من طريق كثير بن خنيس ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بينما أنا مضطجع في المسجد ليلة نائماً ، إذ رأيت ثلاثة نفر أقبلوا نحوي ، فقال الأول : هو . . . هو . قال الأوسط : نعم . قال الآخر : خذوا سيد القوم ، فرجعوا عني ، ثم رأيتهم الليلة الثانية ، فقال الأول : هو . . . هو . قال الأوسط : نعم . وقال الآخر : خذوا سيد القوم ، فرجعوا عني حتى إذا كانت الليلة الثالثة رأيتهم ، فقال الأول هو هو . وقال الأوسط : نعم . وقال الآخر : خذوا سيد القوم ، حتى جاؤوا بي زمزم فاستلقوني على ظهري ثم غسلوا حشوة بطني ، ثم قال بعضهم لبعض : أنقوا . ثم أتى بطست من ذهب مملوءة حكمة وإيماناً ، فأفرغ في جوفي . ثم عرج بي إلى السماء فاستفتح فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريل . قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد . قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . ففتح . . . فإذا آدم إذا نظر عن يمينه ضحك ، وإذا نظر عن شماله بكى . قلت : يا جبريل ، من هذا . . . ! ؟ قال : هذا أبوك آدم ، إذا نظر عن يمينه رأى من في الجنة من ذريته ضحك ، وإذا نظر عن يساره رأى من في النار من ذريته بكى » .
ثم قال أنس بن مالك : يا ابن أخي إنه يطول علي الحديث . «ثم عرج بي حتى جاء السماء السادسة فاستفتح . . . فقال : من هذا ؟ قال : جبريل . قال : ومن معك ؟ قال : محمد . قال : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . ففتح فإذا موسى . ثم عرج بي إلى السماء السابعة فاستفتح . . . قيل من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قال : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . ففتح فإذا إبراهيم ، قال مرحباً بالابن والرسول . ثم مضى حتى جاء الجنة فاستفتح فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قال : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . ففتح الباب . قال : فدخلت الجنة فأُعْطِيتُ الكوثر ، فإذا نهر في الجنة عضادتاه بيوت مجوفة من لؤلؤ ، ثم مضى حتى جاء سدرة المنتهى { فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى } [ النجم : 9 ] ففرض عليّ وعلى أمتي خمسين صلاة ، فرجعت حتى أمر موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة . قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت إليه فوضع عني عشراً ، فمررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ فقلت : أربعين صلاة . قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت إليه فوضع عني عشراً ، فمررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : ثلاثين صلاة . قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت إليه فوضع عني عشراً ، فرجعت إلى موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ فقلت : عشرين صلاة . قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت فوضع عني عشراً ، ثم مررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : عشر صلوات . قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت فوضع عني خمساً . ثم قال : إنه لا يبدل قولي ولا ينسخ كتابي ، تخفيفها عنكم كتخفيف خمس صلوات ، وإنها لكم كأجر خمسين صلاة . فمررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : خمس صلوات . قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك . فإن بني إسرائيل قد أُمِرُوا بأيسر من هذا فلم يطيقوه . قال : لقد رجعت إلى ربي حتى إني لأستحي منه » .
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وصححه ، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : « قلنا يا رسول الله ، كيف أسري بك ؟ فقال : صليت بأصحابي العتمة بمكة معتماً ، فأتاني جبريل بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل وقال : اركب ، فاستصعبت علي فأدارها بأذنها ثم حملني عليها ، فانطلقت تهوي بنا . . . يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضاً ذات نخل ، فقال : انزل . فنزلت فقال : صَلِّ . فصليت ، ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم . قال : صليت بيثرب . . . صليت بطيبة ، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثم بلغنا أرضاً فقال : انزل . فنزلت . فقال : صلِّ فصليت ، ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم . قال : صليت بمدين ، صليت عند شجرة موسى ، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثم بلغنا أرضاً بدت لنا قصورها ، فقال : انزل فنزلت ، ثم قال : صَلِّ فصليت ، ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت ؟ فقلت : الله أعلم . فقال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم ، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني ، فأتى قبلة المسجد فربط فيه الدابة ، ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر فصليت من المسجد حيث شاء الله ، وأخذني من العطش أشد ما أخذني فأُتيتُ بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل ، أُرْسِلَ إلي بهما جميعاً فعدلت بينهما ، فهداني الله فأخذت اللبن فشربت حتى فرغت منه ، وكان إلى جانبي شيخ متكئ على منبره فقال : أخذ صاحبك الفطرة وإنه لمهدي . ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي في المدينة ، فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي فقلنا : يا رسول الله ، كيف وجدتها ؟ قال : مثل الحمة السخنة . ثم انصرف بي فمررنا بعير قريش بمكان كذا وكذا ، وقد أضلوا بعيراً لهم قد جمعه فلان ، فسلّمت عليهم فقال بعضهم : هذا صوت محمد ، ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر فقال : يا رسول الله ، أين كنت الليلة ؟ قد التمستك في مكانك . فقلت : أعلمت أني أتيت بيت المقدس الليلة ؟ فقال : يا رسول الله ، إنه مسيرة شهر فصفه لي . قال : ففتح لي صراط كأني أنظر إليه ، لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم عنه . فقال أبو بكر رضي الله عنه : أشهد أنك رسول الله . وقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة ، زعم أنه أتى بيت المقدس الليلة فقال : إن من آية ما أقول لكم : إني مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا وقد أضلوا بعير لهم فجمعه فلان ، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم كذا ، ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه شيخ أسود وغرارتان سوداوان ، فلما كان ذلك اليوم أشرف القوم ينظرون حتى كان قريباً من نصف النهار قدمت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم » .
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن مردويه من طريق قتادة رضي الله عنه ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن مالك بن صعصعة حدثه أن رسول الله حدثهم عن ليلة أسري به قال : «بينما أنا في الحطيم - وربما قال قتادة رضي الله عنه - في الحجر مضطجعاً ، إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه : الأوسط بين الثلاثة ، فأتاني فشق ما بين هذه إلى هذه - يعني من ثغر نحره إلى شعرته - فاستخرج قلبي ، فأوتيت بطست من ذهب مملوء إيماناً وحكمة فغسل قلبي بماء زمزم ثم حشى ثم أعيد مكانه . ثم أوتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق ، يقع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى بي السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا فلما خلصت فإذا فيها آدم فقلت : يا جبريل ، من هذا ؟ قال : هذا أبوك آدم عليه السلام ، فسلم عليه . فسلمت عليه فرد علي السلام ثم قال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثانية فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة فقلت : يا جبريل ، من هذان ؟ قال : هذان يحيى وعيسى فسلم عليهما ، فسلمت عليهما فردا السلام ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثالثة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فلما خلصت إذا يوسف فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى إلى السماء الرابعة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فلما خلصت إذا إدريس فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . فلما خلصت إذا هارون فسلمت عليه فرد عليّ السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى إلى السماء السادسة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فلما خلصت إذا أنا بموسى فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، فلما تجاوزت بكى . قيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً بُعِثَ بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي . ثم صعد حتى أتى إلى السماء السابعة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فلما خلصت إذا إبراهيم ، قلت : من هذا يا جبريل قال : هذا أبوك إبراهيم فسلّم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا أربعة أنهار يخرجن من أصلها : نهران باطنان : ونهران ظاهران ، فقلت : يا جبريل ، ما هذه الأنهار . . . ! ؟ فقال : أما الباطنان ، فنهران في الجنة . وأما الظاهران فالنيل والفرات ، ثم رفع إليَّ البيت المعمور قلت : يا جبريل ، ما هذا ؟ قال : هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة ، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه ، آخر ما عليهم . ثم أُتِيتُ بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن ، فعرضا عليّ فقيل : خذ أيهما شئت فأخذت اللبن فقيل لي : أصبت الفطرة ، أنت عليها وأمتك . ثم فرضت عليَّ الصلاة خمسون صلاة كل يوم ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة كل يوم . قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك . فرجعت إلى ربي فحط عني خمساً ، فأقبلت حتى أتيت على موسى فأنبأته بما حط فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فإن أمتك لا يطيقون ذلك . قال : فما زلت بين موسى وبين ربي يحط عني خمساً خمساً حتى أقبلت بخمس صلوات ، فأتيت على موسى فقال : بم أمرت ؟ قلت : بخمس صلوات كل يوم . قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك . . . إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك . فقلت : لقد رجعت إلى ربي حتى لقد استحيت ، ولكني أرضى وأسلم فنوديت أن يا محمد ، إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي الحسنة بعشر أمثالها » .
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن مردويه من طريق يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس رضي الله عنه قال : كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله قال : « فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء ، فلما جئنا السماء الدنيا قال جبريل عليه السلام لخازن السماء : افتح . قال : من هذا ؟ قال : جبريل . قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم ، معي محمد . قال : أرسل إليه ؟ قال : نعم . ففتح ، فلما علونا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة ، فإذا نظر قبل يمينه تبسم وإذا نظر قبل شماله بكى ، فقال : مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح ، قلت لجبريل : من هذا ؟ قال : هذا آدم ، وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه ، فأهل اليمين منهم أهل الجنة . والأسودة التي عن شماله أهل النار ، فإذا نظر عن يمينه ضحك ، وإذا نظر عن شماله بكى ، ثم عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها افتح . فقال له خازنها مثل ما قال الأول ، ففتح » .
قال أنس رضي الله عنه : فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ، ولم يثبت كيف منازلهم .
قال ابن شهاب : وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام »
قال ابن حزم وأنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ففرض الله على أمتي خمسين صلاة ، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال : ما فرض الله على أمتك ؟ قلت : فرض خمسين صلاة . قال : فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فرجعت فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال : راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك . فراجعت ربي فقال : هي خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال : ارجع إلى ربك . قلت : قد استحيت من ربي . ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فغشيتها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك » .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله بالمدينة عن ليلة أسري به من مكة إلى المسجد الأقصى قال : «بينا أنا نائم عشاء بالمسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا وإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعته بصري حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى شبهة بدوابكم هذه بغالكم غير أن مضطرب الأذنين يقال له البراق وكانت الأنبياء تركبه قبلي . . . يقع حافره عند مد بصره فركبته فبينا أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني : يا محمد ، انظرني أسألك ، فلم أجبه ، ثم دعاني داع عن شمالي يا محمد ، انظرني أسألك فلم أجبه ، فبينا أنا سائر إذا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله ، فقالت : يا محمد انظرني أسألك
فلما ألتفت إليها حتى أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء عليهم السلام توثقها بها ، ثم أتاني جبريل عليه السلام بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن فشربت اللبن وتركت الخمر فقال جبريل : أصبت الفطرة ، أما أنك لو أخذت الخمر غوت أمتك . فقلت : الله أكبر . . . الله أكبر . . . فقال جبريل : ما رأيت في وجهك هذا ؟ قلت : بينا أنا أسير إذ دعاني داع عن يميني : يا محمد ، انظرني أسألك فلم أجبه .
قال : ذاك داعي اليهود ، أما أنك لو أجبته لتهودت أمتك . قلت : وبينا أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري : يا محمد انظرني أسألك ، فلم أجبه . قال : ذاك داعي النصارى ، أما أنك لو أجبته لتنصرت أمتك ، فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة ، تقول : يا محمد ، انظرني أسألك فلم أجبها . قال : تلك الدنيا أما أنك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة .
ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين ، ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم ، فلم تر الخلائق أحسن من المعراج . . ! أما رأيت الميت حين رمى بصره طامحا إلى السماء عجبه المعراج . . . ؟ فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك ، مع كل ملك جنده مائة ألف . فاستفتح جبريل باب السماء قيل : من هذا ؟ قال : جبريل
قيل : قد بعث إليه ؟ قال : نعم ، فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته لم يتغير منه شيء ، وإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول : روح طيبة ونفس طيبة ، اجعلوها في عليين . ثم تعرض عليه أرواح ذريته الكفار الفجار فيقول : روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين . فقلت : يا جبريل ، من هذا ؟ قال : هذا أبوك آدم فسلم علي ورحب بي فقال : مرحبا بالابن الصالح .
ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأخونة عليها لحم قد أروح وأنتن ، عندها أناس يأكلون منها .
قلت : يا جبريل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام .
وفي لفظ : فإذا أنا بقوم على مائدة عليها لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم وإذا حوله جيف ، فجعلوا يقبلون على الجيف يأكلون منها ويدعون اللحم فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الزناة . . . . عمدوا إلى ما حرم الله عليهم وتركوا ما أحل الله لهم ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بقوم بطونهم أمثال البيوت ، كلما نهض أحدهم خر يقول : الله لا تقم الساعة وهم على سابلة آل فرعون فتجيء السابلة فتطؤهم ، فسمعتهم يضجون إلى الله قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا ، لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، ثم مضيت هنيهة ، فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل قد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ، ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار ، ثم يخرج من أسافلهم ، فسمعتهم يضجون إلى الله .
قلت : يا جبريل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن ، ونساء منكسات بأرجلهن ، فسمعتهن يضججن إلى الله ، قلت يا جبريل من هؤلاء النساء ؟ قال : هؤلاء اللاتي يزنين ويقتلن أولادهن ، ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم ، ثم يدس في أفواههم ويقول : كلوا مما أكلتم ، فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلك .
قلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون الذين يأكلون لحوم الناس ، ثم صعدنا إلى السماء الثانية ، فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب ! قلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ،
ثم صعدنا إلى السماء الثالثة ، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما شبيه أحدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما ، فسلمت عليهما وسلما علي ورحبا بي ، ثم صعدنا إلى السماء الرابعة ، فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا ، فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ، ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء ، تكاد لحيته تصيب سرته من طولها ، قلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا المحبب في قومه . . . هذا هرون بن عمران ومعه نفر كثير من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران رجل آدم كثير الشعر ، لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما وإذا هو يقول : يزعم الناس أني أكرم الخلق على الله وهذا أكرم على الله مني ، ولو كان وحده لم أبال ، ولكن كل نبي ومن تبعه من أمته .
قلت : يا جبريل ، من هذا ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران ومعه نفر من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم ، وإذا هو جالس مسند ظهره إلى البيت المعمور ومعه نفر من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي وقال : مرحبا بالابن الصالح ، فقيل لي : هذا مكانك ومكان أمتك ، ثم تلا إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) [ آل عمران آية 68 ] وإذا بأمتي شطرين : شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس ، وشطر عليهم ثياب رمد . ثم دخلت البيت المعمور ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض ، وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد ، وهم على خير .
فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور ، ثم خرجت أنا ومن معي قال : والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة ،
ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا كل ورقة منها تكاد تغطي هذه الأمة ، وإذا في أصلها عين تجري يقال لها سلسبيل فيشق منها نهران فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ فقال : أما هذا فهو نهر الرحمة : وأما هذا ، فهو نهر الكوثر الذي أعطاكه الله .
فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي من ذنبي ما تقدم وما تأخر ، ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة فإذا فيها ما لا عين رأت وما لا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وإذا أنا بأنهار من ماء غير آسن ، وأنها من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى .
وإذا فيها رمان كأنه جلود الإبل المقتبة ، وإذا فيها طير كأنها البخت . قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله إن تلك الطير لناعمة ؟ قال : آكلها أنعم منها يا أبا بكر ، وإني لأرجو أن تأكل منها . قال : ورأيت فيها جارية لعساء ، فسألتها لمن أنت ؟ فقالت : لزيد بن حارثة . فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا . ثم عرضت علي النار فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته ، ولو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم غلقت دوني ، ثم إني رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشاها فكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى ، ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة ، ثم إن الله أمرني بأمره وفرض علي خمسين صلاة وقال : لك بكل حسنة عشر ، وإذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة فإذا عملتها كتبت لك عشرا وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء ، فإن عملتها كتبت عليك سيئة واحدة . ثم دفعت إلى موسى فقال : بم أمرك ربك ؟ قلت : بخمسين صلاة . قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك . فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب ، خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم .
فوضع عني عشرا . . . فما زلت أختلف بين موسى وبين ربي حتى جعلها خمسا ، فناداني ملك : عندها تمت فريضتي وخففت عن عبادي ، فأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها . ثم رجعت إلى موسى فقال : بم أمرت ؟ قلت : بخمس صلوات : قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك . قلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييته .
ثم أصبح بمكة يخبرهم العجائب : إني رأيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء ثم رأيت كذا وكذا ، فقال أبو جهل : ألا تعجبون مما يقول محمد ؟ قال : فأخبرته بعير لقريش لما كانت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا وإنها نفرت ، فلما رجعت رأيتها عند العقبة وأخبرتهم بكل رجل وبعيره كذا ومتاعه كذا ، فقال رجل : أنا أعلم الناس ببيت المقدس . . . فكيف بناؤه وكيف هيئته وكيف قربه من الجبل ؟ فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس فنظر إليه فقال : بناؤه كذا وهيئته كذا وقربه من الجبل كذا . فقال : صدقت » .
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن جرير ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة وابن أبي حاتم وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا من حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } قال : جاء جبريل عليه السلام إلى النبي ومعه ميكائيل ، فقال جبريل لميكائيل عليهما السلام : ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه وأشرح صدره .
فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل عليه السلام بثلاث طساس من ماء زمزم ، فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غلّ وملأه حلماً وعلماً وإيماناً ويقيناً وإسلاماً ، وختم بين كتفيه بخاتم النبوّة ، ثم أتاه بفرس فحمل عليه . . . كل خطوة منه منتهى بصره . فسار وسار معه جبريل ، فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم . . . كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ، ما هذا . . ! ؟ قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه . ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر ، كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء ، فقال : ما هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة ثم أتى على قوم على إقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع . . . يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها ، قال : ما هؤلاء يا جبريل . . . ! ؟ قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم الله شيئاً ، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر ولحم آخر نيئ خبيث ، فجعلوا يأكلون من النيئ الخبيث ويتركون النضيج الطيب . قلت : ما هؤلاء يا جبريل ! ؟ قال : هذا الرجل من أمتك . . . تكون عنده المرأة الحلال فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالاً طيباً فتأتي رجلاً خبيثاً تبيت معه حتى تصبح ، ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته ، قال : ما هذا يا جبريل . . . ! ! ؟ قال : هذا مثل أقوام من أمتك . . . يقعدون على الطريق فيقطعونه . ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها ، فقال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الرجل من أمتك يكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها ، ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار . . . كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، قال : ما هؤلاء يا جبريل . . . ! ؟ قال : هؤلاء خطباء الفتنة . ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم ، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع . قال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها . ثم أتى على واد فوجد ريحاً طيبة باردة وريح مسك ، وسمع صوتاً فقال : يا جبريل ، ما هذا ؟ قال : هذا صوت الجنة . . . تقول : يا رب ، ائتني بما وعدتني فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي ولبني وخمري ، فائتني ما وعدتني ، فقال : لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة .
قالت : رضيت . ثم أتى على وادٍ فسمع شكوى ووجد ريحاً منتنة فقال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا صوت جهنم ، تقول : رب ائتني بما وعدتني ، فلقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي ، وقد بعد قعري واشتد حري فائتني ما وعدتني ، قال : لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة ، وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب . قالت : قد رضيت . ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى صخرة ، ثم دخل فصلى مع الملائكة عليهم السلام . . . فلما قضيت الصلاة قالوا : يا جبريل ، من هذا معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم . قالوا : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء . ثم لقي أرواح الأنبياء عليهم السلام فأثنوا على ربهم ، فقال إبراهيم عليه السلام : الحمد لله الذي اتخذني خليلاً وأعطاني ملكاً عظيماً وجعلني أمة قانتاً يؤتم بي ، وأنقذني من النار وجعلها عليّ برداً وسلاماً . ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه عز وجل فقال : الحمد لله الذي كلمني تكليماً وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي ، وجعل من أمتي { قوماً يهدون بالحق وبه يعدلون } [ الأعراف : 159 ] ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملك عظيماً ، وعلمني الزبور ، وألان لي الحديد ، وسخر لي الجبال يسبحن والطير ، وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب . ثم إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي سخر لي الرياح ، وسخر لي الشياطين يعملون ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات ، وعلمني منطق الطير ، وآتاني من كل شيء فضلاً ، وسخر لي جنود الشياطين والإنس والطير ، وفضلني على كثير من عباده المؤمنين ، وآتاني ملكاً عظيماً لا ينبغي لأحد من بعدي ، وجعل ملكي ملكاً طيباً ، ليس فيه حساب ، ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل آدم خلقه من تراب ثم قال له : كن فيكون ، وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ، وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله ، وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ، ورفعني وطهرني وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان علينا سبيل . ثم إن محمد صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل فقال : «كلكم أثنى على ربه وإني مثن على ربي » فقال : «الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين ، وكافة للناس بشيراً ونذيراً ، وأنزل علي الفرقان فيه تبيان لكل شيء ، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس ، وجعل أمتي أمة وسطاً ، وجعل أمتي هم الأولون والآخرون ، وشرح لي صدري ، ووضع عني وزري ، ورفع لي ذكري ، وجعلني فاتحاً وخاتماً » .
فقال إبراهيم عليه السلام : بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم . ثم : أتي بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها ، فأتي بإناء منها فيه ماء ، فقيل : اشرب ، فشرب منه يسيراً ، ثم رفع إليه إناء آخر فيه لبن ، فقيل : اشرب ، فشرب منه حتى روي ، ثم رفع إليه إناء آخر فيه خمر ، فقيل له : اشرب ، فقال : لا أريده قد رويت . فقال له جبريل : - عليه السلام - أما إنها ستحرم على أمتك ، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليل . ثم صعدوا بي إلى السماء فاستفتح ، فقيل : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ، فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء ، كما ينقص من خلق الناس ، على يمينه باب يخرج منه ريح طيبة ، وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة ، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه فرح وضحك ، وإذا نظر إلى الباب الذي عن يساره بكى وحزن ، فقلت يا جبريل ، من هذا ؟ قال : هذا أبوك آدم ، وهذا الباب الذي يمينه باب الجنة ، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر ، والباب الذي عن شماله باب جهنم ، إذا نظر من يدخله بكى وحزن . ثم صعد بي جبريل عليه السلام إلى السماء الثانية ، فاستفتح قيل : من هذا معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ، فإذا هو بشابين ، قال : يا جبريل ، من هذان ؟ قال : عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا فصعد به إلى السماء الثالثة ، فاستفتح ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ، فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس في الحسن كما فضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك يوسف عليه السلام ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فاستفتح فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ، فدخل فإذا هو برجل ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا إدريس رفعه الله مكاناً علياً . ثم صعد إلى السماء الخامسة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحباً به حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ، ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقص عليهم ، قال : من هذا يا جبريل ومن هؤلاء حوله ؟ قال : هذا هرون المحبب وهؤلاء بنو إسرائيل .
ثم صعد به إلى السماء السادسة فاستفتح فقيل له : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ، فإذا هو برجل جالس فجاوزه فبكى الرجل قال : يا جبريل من هذا ؟ قال : موسى ، قال : فما له يبكي ؟ قال : زعم بنو إسرائيل أني أكرم بني آدم على الله ، وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنيا وأنا في أخرى فلو أنه بنفسه لم أبال ، ولكن مع كل نبي أمته . ثم صعد به إلى السماء السابعة فاستفتح ، فقيل من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ، فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسي وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس ، وقوم في ألوانهم شيء ، فقام هؤلاء الذين في ألوانها شيء فدخلوا نهراً فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص ولم يكن في أبدانهم شيء ، ثم دخلوا نهراً آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، ثم دخلوا نهراً آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم فصارت مثل ألوان أصحابهم ، فجاؤوا فجلسوا إلى أصحابهم ، فقال : يا جبريل ، من هذا الأشمط ، ومن هؤلاء بيض الوجوه ، ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، وما هذه الأنهار التي دخلوا ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم أول من شمط على الأرض . وأما هؤلاء البيض الوجوه ، فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، فقوم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ، فتابوا فتاب الله عليهم ، وأما الأنهار ، فأولها رحمة الله ، والثاني نعمة الله ، والثالث سقاهم ربهم شراباً طهوراً . ثم انتهى إلى السدرة ، قيل له هذه السدرة ينتهي إليها كل واحد خلا من أمتك على نسك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاماً لا يقطعها ، والورقة منها مغطية للأمة كلها ، فغشيها نور الخلاق عز وجل ، وغشيتها الملائكة عليهم السلام أمثال الغربان حين تقع على الشجرة . فكلمه الله تعالى عند ذلك فقال له : سل ، فقال : اتخذت إبراهيم خليلاً ، وأعطيته ملكاً عظيماً ، وكلمت موسى تكليماً ، وأعطيت داود ملكاً عظيماً ، وألنت له الحديد وسخرت له الجبال ، وأعطيت سليمان ملكاً عظيماً وسخرت له الجن والإنس والشياطين وسخرت له الرياح وأعطيته ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك وَأَعَذْتَهُ وأمَّه من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل .
فقال له ربه عز وجل : وقد اتخذتك خليلاً ، وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن ، وأرسلتك إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً ، وشرحت لك صدرك ، ووضعت عنك وزرك . ورفعت لك ذكرك ، فلا أذكر إلا ذكرت معي ، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس ، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي ، وجعلت من أمتك أقواماً قلوبهم أناجيلهم ، وجعلتك أول النبيين خلقاً ، وآخرهم بعثاً ، وأولهم يقضى له ، وأعطيتك سبعاً من المثاني لم أعطها نبياً قبلك ، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ، لم أعطها نبياً قبلك ، وأعطيتك الكوثر وأعطيتك ثمانية أسهم : الإسلام والهجرة والجهاد والصلاة والصدقة وصوم رمضان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلتك فاتحاً وخاتماً . قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فضلني ربي وأرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيراً ونذيراً ، وألقى في قلب عدوي الرعب من مسيرة شهر ، وأحل لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وجعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً ، وأعطيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه ، وعرضت علي أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع ، ورأيتهم أتوا على قوم ينتعلون الشعر ، ورأيتهم أتوا على قوم عراض الوجوه صغار الأعين ، كأنما خرمت أعينهم بالمخيط ، فلم يخف عليّ ما هم لاقون من بعدي ، وأمرت بخمسين صلاة ، فلما رجع إلى موسى عليه السلام قال : بم أمرت ؟ قال : بخمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، فقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشراً ، ثم رجع إلى موسى فقال : بكم أمرت ؟ قال : بأربعين : قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فرجع فوضع عنه عشراً ، إلى أن جعلها خمساً ، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، قال : قد رجعت إلى ربي حتى استحيت منه ، فما أنا براجع إليه . قيل له : أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات ، فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة ، وإن كل حسنة بعشر أمثالها ، فرضي محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا . قال : وكان موسى عليه السلام من أشدهم عليه حين مر به ، وخيرهم له حين رجع إليه .
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أخيه عيسى ، عن أبيه عبد الرحمن ، عن أبيه أبي ليلى : أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالبراق فحمله بين يديه ، ثم جعل يسير به فإذا بلغ مكاناً مطأطئاً طالت يداه وقصرت رجلاه حتى يستوي به ، وإذا بلغ مكاناً مرتفعاً قصرت يداه وطالت رجلاه حتى يستوي به ثم عرض له رجل عن يمين الطريق ، فجعل يناديه يا محمد ، إلى الطريق ، مرتين ، فقال له جبريل عليه السلام : امض ولا تكلم أحداً ، ثم عرض له رجل عن يسار الطريق ، فقال له إلى الطريق يا محمد ، فقال له جبريل عليه السلام : امض ولا تكلم أحداً ، ثم عرضت له امرأة حسناء جميلة ، ثم قال له جبريل السلام : تدري من الرجل الذي دعاك عن يمين الطريق ؟ قال : لا ، قال : تلك اليهود دعتك إلى دينهم .
ثم قال : تدري من الرجل الذي دعاك عن يسار الطريق ؟ قال : لا ، قال : تلك النصارى ، دعتك إلى دينهم . ثم قال : تدري من المرأة الحسناء الجميلة ؟ قال : لا ، قال : تلك الدنيا تدعوك إلى نفسها ، ثم انطلقا حتى أتيا بيت المقدس ، فإذا هم بنفر جلوس ، فقالوا مرحباً بالنبي الأمي ، وإذا في النفر شيخ ، قال : ومن هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم ، وهذا موسى ، وهذا عيسى ، ثم أقيمت الصلاة ، فتدافعوا . حتى قدموا محمداً صلى الله عليه وسلم ، ثم أتوا بأشربة ، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم اللبن ، فقال له جبريل عليه السلام أصبت الفطرة ، ثم قيل له : قم إلى ربك ، فقام فدخل ، ثم جاء فقيل له : ماذا صنعت ؟ قال : «فرضت على أمتي خمسون صلاة » فقال له موسى عليه السلام : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فإن أمتك لا تطيق هذا ، فرجع ثم جاء فقال له موسى عليه السلام : ماذا صنعت ؟ فقال : «ردها إلى خمس وعشرين صلاة » فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فرجع ثم جاء فقال : ردها إلى اثنتي عشرة ، فقال موسى عليه السلام : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فرجع ثم جاء فقال : «ردها إلى خمس » فقال موسى عليه السلام : ارجع فاسأله التخفيف قال : «قد استحيت من ربي فما أراجعه وقد قال لي ربي أن لك بكل ردة رددتها مسألة أعْطَيْتُكَها » .
وأخرج ابن عرفة في جزئه المشهور وأبو نعيم في الدلائل وابن عساكر في تاريخه من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتاني جبريل عليه السلام بدابة دون البغل وفوق الحمار ، فحملني عليه ثم انطلق يهوي بنا كلما صعد عقبة استوت رجلاه كذلك مع يديه ، وإذا هبط استوت يداه مع رجليه ، حتى مررنا برجل طَوَال سِبْطَ آدم كأنه من رجال شنوأة ، وهو يقول : ويرفع صوته أكرمته وفضلته ، فدفعنا إليه فسلمنا ، فرد السلام ، فقال : «من هذا معك يا جبريل ؟ قال : هذا أحمد قال : مرحباً بالنبي الأمي العربي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته ، ثم اندفعنا ، فقلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام ، قلت : ومن يعاتب ؟ قال : يعاتب ربه فيك ، قلت : ويرفع صوته على ربه ؟ ! قال : إن الله قد عرف له حديثه ، ثم اندفعنا حتى مررنا بشجرة كأن ثمرها السراح تحتها شيخ وعياله ، فقال لي جبريل عليه السلام : اعمد إلى أبيك إبراهيم ، فدفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام ، فقال إبراهيم : من معك يا جبريل ؟ قال : هذا ابنك أحمد ، فقال : مرحباً بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته ، يا بني ، إنك لاق ربك الليلة ، وإن أمتك آخر الأمم وأضعفها ، فإن استطعت أن تكون حاجتك أو جلها في أمتك فافعل ، ثم اندفعنا حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى ، فنزلت فربطت الدابة بالحلقة التي في باب المسجد التي كانت الأنبياء عليهم السلام تربط بها ، ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين قائم وراكع وساجد ، ثم أتيت بكأسين من عسل ولبن ، فأخذت اللبن فشربت ، فضرب جبريل عليه السلام منكبي ، وقال أصبت الفطرة ، ثم أقيمت الصلاة فأممتهم ثم انصرفنا فأقبلنا » .
وأخرج الحارث بن أبي أسامة والبزار والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وابن عساكر من طريق علقمة رضي الله عنه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتيت بالبراق فركبته إذا أتى على جبل ارتفعت رجلاه وإذا هبط ارتفعت يداه ، فسار بنا في أرض غمة منتنة ، ثم أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة ، فسألت جبريل عليه السلام ؟ قال : تلك أرض النار وهذه أرض الجنة ، فأتيت على رجل قائم يصلي ، فقلت : من هذا يا جبريل ؟ فقال : هذا أخوك عيسى عليه السلام فسرنا ، فسمعنا صوتاً وتذمراً ، فأتينا على رجل فقال : من هذا معك ؟ قال : هذا أخوك محمد صلى الله عليه وسلم ، فسلم ودعا بالبركة وقال : سل لأمتك اليسر ، فقلت من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى عليه السلام ، قلت على من كان تذمره ؟ قال : على ربه عز وجل ، قلت : أعلى ربه ؟ ! قال : نعم . قد عرف حدته ، ثم سرنا فرأيت مصابيح وضوءاً ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذه شجرة أبيك إبراهيم عليه السلام ادن منها ، فدنوت منها ، فرحب بي ودعا لي بالبركة ، ثم مضينا حتى أتينا بيت المقدس ، فربطت الدابة بالحلقة التي تربط بها الأنبياء عليهم السلام ، ثم دخلت المسجد فنشرت لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، من سمى الله منهم ومن لم يسم ، فصليت بهم إلا هؤلاء الثلاث : إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام » .
وأخرج ابن مردويه من طريق المغيرة بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد ، ثم دخلت إلى الصخرة ، فإذا ملك قائم معه آنية ثلاث ، فتناولت العسل ، فشربت منه قليلاً ، ثم تناولت الآخر فشربت منه حتى رويت ، فإذا هو لبن ، فقال اشرب من الآخر ، فإذا هو خمر ، قلت قد رويت . قال : أما أنك لو شربت من هذا لم تجتمع أمتك على الفطرة أبداً ، ثم انطلق بي إلى السماء ، ففرضت عليّ الصلاة ، ثم رجعت إلى خديجة رضي الله عنها وما تحوّلت عن جانبها الآخر » .
وأخرج الطبراني وابن مردويه ، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به في بيتي ، ففقدته من الليل ، فامتنع عني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريش ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن جبريل عليه السلام أتاني فأخذ بيدي فأخرجني فإذا على الباب دابة دون البغل وفوق الحمار ، فحملني عليها ثم انطلق حتى أتى بي إلى بيت المقدس ، فأراني إبراهيم يشبه خلقه خلقي ، ويشبه خلقي خلقه ، وأراني موسى آدم طوالاً ، سبط الشعر أشبهه برجال ازد شنوأة ، وأراني عيسى ابن مريم ربعة أبيض يضرب إلى الحمرة شبهته بعروة بن مسعود الثقفي ، وأراني الدجال ممسوح العين اليمنى شبهته بقطن بن عبد العزى ، قال : وأنا أريد أن أخرج إلى قريش فأخبرهم ما رأيت » فأخذت بثوبه ، فقلت إني أذكرك الله ، إنك تأتي قوماً يكذبونك وينكرون مقالتك ، فأخاف أن يسطوا بك ، قالت : فضرب ثوبه من يدي ، ثم خرج إليهم فأتاهم وهم جلوس ، فأخبرهم ، فقام مطعم بن عدي فقال : يا محمد ، لو كنت شاباً كما كنت ما تكلمت بما تكلمت به وأنت بين ظهرانينا . فقال رجل من القوم : يا محمد ، هل مررت بإبل لنا في مكان كذا وكذا ؟ قال : « نعم ، والله وجدتهم قد أضلوا بعيراً لهم فهم في طلبه » قال : هل مررت بإبل لبني فلان قال : «نعم وجدتهم في مكان كذا وكذا ، قد انكسرت لهم ناقة حمراء ، فوجدتهم وعندهم قصعة من ماء فشربت ما فيها » قالوا : فأخبرنا عن عدتها وما فيها من الرعاء . قال : «قد كنت عن عدتها مشغولاً » فقام وأتى بالإبل فعدها وعلم ما فيها من الرعاء . ثم أتى قريشاً فقال لهم : «سألتموني عن إبل بني فلان ، فهي كذا وكذا ، وفيها من الرعاء فلان وفلان ، وسألتموني عن إبل بني فلان فهي كذا وكذا وفيها من الرعاء ابن أبي قحافة وفلان وفلان وهي مصبحتكم الغداة الثنية » فقعدوا إلى الثنية ينظرون أصدقهم ما قال ، فاستقبلوا الإبل فسألوا ، هل ضل لكم بعير ؟ قالوا : نعم . فسألوا الآخر ، هل انكسر لكم ناقة حمراء ؟ قالوا : نعم . قال : فهل كان عندكم قصعة من ماء ؟ قال أبو بكر رضي الله عنه : والله أنا وضعتها فما شربها أحد منا ولا أهريقت في الأرض ، فصدقه أبو بكر رضي الله عنه وآمن به ، فسمي يومئذ الصديق .
وأخرج أبو يعلى وابن عساكر ، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم بغلس وأنا على فراشي ، فقال : «شعرت أني نمت الليلة في المسجد الحرام فأتاني جبريل ، فذهب بي إلى باب المسجد ، فإذا دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل مضطرب الأذنين فركبته ، فكان يضع حافره مد بصره ، إذا أخذ بي في هبوط طالت يداه وقصرت رجلاه ، وإذا أخذ بي في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه ، وجبريل لا يفوتني حتى انتهينا إلى بيت المقدس ، فأوثقته بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها ، فنشر لي رهط من الأنبياء عليهم السلام منهم إبراهيم وموسى وعيسى فصليت بهم وكلمتهم ، وأتيت بإناءين أحمر وأبيض ، فشربت الأبيض ، فقال لي جبريل عليه السلام : شربت اللبن وتركت الخمر ، لو شربت الخمر لارتدت أمتك ، ثم ركبته فأتيت المسجد الحرام ، فصليت به الغداة ، فتعلقت بردائه وقلت : أنشدك الله يا ابن عم ، إن تحدث بها قريشاً ، فيكذبك من صدقك ، فضربت بيدي على ردائه فانتزعته من يدي ، فارتفع عن بطنه فنظرت إلى عكنه فوق إزاره كأنها طي القراطيس ، وإذا نور ساطع عند فؤاده كاد يختطف بصري ، فخررت ساجدة ، فلما رفعت رأسي إذا هو قد خرج ، فقلت لجاريتي : ويحك اتبعيه ، وانظري ماذا يقول وماذا يقال له ، فلما رجعت أخبرتني أنه انتهى إلى نفر من قريش فيهم المطعم بن عدي وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة . فقال : «إني صليت الليلة العشاء في هذه المسجد وصليت به الغداة وأتيت فيما بين ذلك ببيت المقدس فنشر لي رهط من الأنبياء فيهم إبراهيم وموسى وعيسى فصليت بهم وكلمتهم » فقال عمرو بن هشام - كالمستهزئ - : صفهم لي .
فقال : صلى الله عليه وسلم : «أما عيسى ففوق الربعة ودون الطويل عريض الصدر جعد الشعر يعلوه صهبة كأنه عروة بن مسعود الثقفي ، وأما موسى فضخم آدم طوال كأنه من رجال شنوأة كثير الشعر غائر العينين متراكب الأسنان مقلص الشفة خارج اللثة عابس ، وأما إبراهيم فوالله لأنا أشبه الناس به خلقاً » فضجوا وأعظموا ذاك ، فقال المطعم : كل أمرك قبل اليوم كان أمماً غير قولك اليوم ، أنا أشهد أنك كاذب ، نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعداً شهراً ومنحدراً شهراً تزعم أنك أتيته في ليلة ! واللات والعزى لا أصدقك . فقال أبو بكر رضي الله عنه - يا مطعم ، بئس ما قلت لابن أخيك جبهته وكذبته ، أنا أشهد أنه صادق ، فقالوا : يا محمد ، صف لنا بيت المقدس ، قال : دخلته ليلاً وخرجت منه ليلاً ، فأتاه جبريل عليه السلام فصوّره في جناحه ، فجعل يقول : باب منه كذا في موضع كذا ، وباب منه كذا في موضع كذا ، وأبو بكر رضي الله عنه يقول : صدقت صدقت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : «يا أبا بكر إن الله قد سماك الصديق » قالوا يا محمد ، أخبرنا عن عيرنا ، قال : «أتيت على عير بني فلان بالروحاء قد أضلوا ناقة لهم ، فانطلقوا في طلبها فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد وإذا قدح ماء فشربت منه ، ثم انتهيت إلى عير بني فلان فنفرت مني الإبل وبرك منها جمل أحمر عليه جوالق مخطط ببياض لا أدري أكسر البعير أم لا ، ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم يقدمها جمل أورق وها هي ذه تطلع عليكم من الثنية » فقال الوليد بن المغيرة : ساحر ، فانطلقوا فنظروا فوجدوا كما قال ، فرموه بالسحر ، وقالوا : صدق الوليد . فأنزل الله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلاَّ فتنة للناس } [ الإسراء : 60 ] .
وأخرج ابن إسحق وابن جرير ، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : ما أسري برسول الله إلا وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة ، فصلى العشاء الآخرة ، ثم نام ونمنا ، فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما صلى الصبح وصلينا معه قال صلى الله عليه وسلم : « يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي ، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ، ثم صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين » .
وأخرج ابن سعد وابن عساكر ، عن عبد الله بن عمر ، وأم سلمة وعائشة وأم هانئ وابن عباس رضي الله عنهما ، دخل حديث بعضهم في بعض قالوا : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة من شعب أبي طالب إلى بيت المقدس . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «حملت على دابة بيضاء بين الحمار وبين البغل في فخذها جناحان تحفز بهما رجليها ، فلما دنوت لأركبها شمست ، فوضع جبريل عليه السلام يده على معرفتها ثم قال : ألا تستحيين يا براق مما تصنعي ، والله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم على الله منه ، فاستحيت حتى ارفضت عرقاً ، ثم قرت حتى ركبتها ، فعلت بأذنيها وقبضت الأرض حتى كان منتهى وقع حافرها طرفها ، وكانت طويلة الظهر طويلة الأذنين .
وخرج معي جبريل لا يفوتني ولا أفوته حتى أتى بيت المقدس ، فأتى البراق إلى موقفه الذي كان يقف فربطه فيه ، وكان مربط الأنبياء عليهم السلام ، رأيت الأنبياء جمعوا لي ، فرأيت إبراهيم وموسى وعيسى ، فظننت أنه لا بد أن يكون لهم إمام ، فقدمني جبريل عليه السلام حتى صليت بين أيديهم ، وسألتهم ؟ فقالوا : بعثنا بالتوحيد » .
وقال بعضهم : فقد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ، فتفرقت بنو عبد المطلب يطلبونه يلتمسونه ، وخرج العباس رضي الله عنه حتى إذا بلغ ذا طوى ، فجعل يصرخ يا محمد يا محمد ، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك لبيك ، فقال : ابن أخي ، أعييت قومك منذ الليلة ، فأين كنت ؟ قال : أتيت من بيت المقدس ، قال : في ليلتك ؟ ! قال : نعم . قال : هل أصابك إلا خير ؟ قال : ما أصابني إلا خير . وقالت أم هانئ رضي الله عنها : ما أسري به إلا من بيتنا ، بينا هو نائم عندنا تلك الليلة صلى العشاء ثم نام ، فلما كان قبل الفجر أنبهناه للصبح فقام فصلى الصبح . قال : «يا أم هانئ ، لقد صليت معكم العشاء كما رأيت بهذا الوادي ثم قد جئت بيت المقدس فصليت به ، ثم صليت الغداة معكم » ثم قام ليخرج ، فقلت لا تحدث هذا الناس فيكذبوك ويؤذوك . فقال : والله لأحدثنهم ، فأخبرهم ، فتعجبوا وقالوا لم نسمع بمثل هذا قط . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام : « يا جبريل ، إن قومي لا يصدقوني » قال : يصدقك أبو بكر وهو الصديق . وافتتن ناس كثير وضلوا كانوا قد أسلموا وقمت في الحجر ، فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه ، فقال بعضهم : كم للمسجد من باب ؟ - ولم أكن عددت أبوابه - فجعلت أنظر إليها وأعدها باباً باباً وأعلمهم ، وأخبرتهم عن عير لهم في الطريق وعلامات فيها ، فوجدوا ذلك كما أخبرتهم . وأنزل الله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : كانت رؤيا عين رآها بعينه .
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل ، عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بالبراق ليلة أسري به مسرجاً ملجماً ليركبه فاستصعب عليه فقال له جبريل عليه السلام : أبمحمد صلى الله عليه وسلم تفعل هذا ؟ فوالله ما ركبك خلق أكرم على الله منه . قال : فأرفضّ عرقاً .
وأخرج ابن مردويه ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول ، قبل الهجرة بسنة .
وأخرج البيهقي في الدلائل ، عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ، قبل خروجه إلى المدينة بستة عشر شهراً .
وأخرج البيهقي ، عن السدي رضي الله عنه قال : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ، قبل مهاجره بستة عشر شهراً .
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن مردويه والبيهقي في كتاب حياة الأنبياء ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام قائماً يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر » .
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي ، عن أنس رضي الله عنه قال : حدثني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، مر على موسى وهو يصلي في قبره . قال : وذكر لي أنه حمل على البراق . قال : فأوثقت الفرس . أو قال : الدابة بالحلقة . فقال أبو بكر رضي الله عنه صفها لي يا رسول الله ، قال : كذه وذه . وكان أبو بكر رضي الله عنه قد رآها .
وأخرج ابن مردويه ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما أسري بي إلى السماء رأيت موسى يصلي في قبره » .
وأخرج الطبراني ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على موسى وهو قائم يصلي في قبره .
وأخرج ابن مردويه ، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما أسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره » .
وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يمر بالنبي والنبيين معهم الرهط ، والنبيين معهم القوم والنبي والنبيين ليس معهم أحد ، حتى مر بسواد عظيم ، فقلت : من هؤلاء ؟ فقيل موسى وقومه ، ولكن ارفع رأسك وانظر ، فإذا سواد عظيم ! قد سد الأفق من ذا الجانب وذا الجانب ، فقيل لي : هؤلاء وسوى هؤلاء من أمتك ، سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب . قال : فدخل ولم يسألوه بأنفسهم ولم يفسر لهم . فقال قائلون : نحن هم . وقال قائلون هم أبناؤنا الذين ولدوا في الإسلام ، فخرج فقال : «هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون » . فقام عكاشة بن محصن فقال : أنا منهم يا رسول الله ؟ فقال : «أنت منهم » ، فقام رجل آخر فقال : أنا منهم ؟ قال : «سبقك بها عكاشة » .
وأخرج أحمد والنسائي والبزار والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل بسند صحيح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة ، فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة ؟ قال : ماشطة بنت فرعون وأولادها كانت تمشطها ، فسقط المشط من يدها ، فقالت بسم الله ، فقالت ابنة فرعون ، أبي ؟ قالت : بل ربي وربك ورب أبيك . قالت : أولك رب غير أبي ؟ قالت : نعم . قالت : فأخبر بذلك أبي ؟ قالت : نعم فأخبرته فدعاها فقال : ألك رب غيري ؟ قالت : نعم ، ربي وربك الله الذي في السماء . فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ، ثم أمر بها لتلقي فيها وأولادها . قالت : إن لي إليك حاجة ، قال : وما هي ؟ قالت : تجمع عظامي وعظام ولدي ، فتدفنه جميعاً . قال : ذلك لك لما لك علينا من الحق ، فألقوا واحداً واحداً حتى بلغ رضيعاً فيهم قال : أسرعي يا أمه ولا تقاعسي فإنك على الحق ، فألقيت هي وولدها . قال ابن عباس رضي الله عنه وتكلم أربعة وهم صغار : هذا ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى ابن مريم .
وأخرج ابن ماجه وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ليلة أسري بي وجدت ريحاً طيبة ، فقلت : يا جبريل ، ما هذه ؟ قال : هذه الماشطة وزوجها وابنها ، بينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها ، فقال : تعس فرعون ، فأخبرت أباها ، وكان للمرأة ابنان وزوج ، فأرسل إليهم ، فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما ، فأبيا ، فقال : إني قاتلكما : فقالا إحسان منك إلينا ، إن قتلتنا أن تجعلنا في بيت ، ففعل ، فلما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجد ريحاً طيبة ، فسأل جبريل عليه السلام ؟ فأخبره .
وأخرج أحمد وأبو داود ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون في وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم » .
وأخرج ابن مردويه ، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ليلة أسري بي مررت بناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت عادت كما كانت ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ ، قال : هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون » .
وأخرج ابن مردويه ، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليلة أسري بي رأيت رجلاً يسبح في نهر يلقم الحجارة فسألت من هذا ؟ فقيل لي : هذا آكل الربا » .
وأخرج الترمذي والبزار والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل ، عن بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما كان ليلة أسري بي ، أتى جبريل الصخرة التي ببيت المقدس ، فوضع أصبعه فيها فخرقها فشد بها البراق » .
وأخرج الطبراني وابن مردويه ، عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال : لما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به الماء ، ثم الخمر ، ثم اللبن ، أخذ اللبن . فقال له جبريل عليه السلام : أصبت الفطرة ، وبه غذيت كل دابة ، ولو أخذت الخمر غويت وغوت أمتك وكنت من أهل هذه ، وأشار إلى الوادي الذي يقال له وادي جهنم ، فنظر إليه فإذا هو نار تلتهب .
وأخرج أحمد وابن مردويه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني ليلة أسري بي ، وضعت قدمي حيث توضع أقدام الأنبياء عليهم السلام من بيت المقدس ، وعرض عليّ عيسى عليه السلام ، فإذا أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود ، وعرض عليّ موسى عليه السلام ، فإذا رجل جعد ضرب من الرجال ، وعرض عليّ إبراهيم عليه السلام ، فإذا أقرب الناس به شبهاً صاحبكم » .
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حين أسري بي لقيت موسى عليه السلام ، فنعته فإذا هو رجل مضطرب رجل الرأس كأنه من رجال شنوأة ، ولقيت عيسى عليه الصلاة والسلام فنعته ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس ، ورأيت إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنا أشبه ولده به ، وأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر ، قيل لي خذ أيهما شئت ، فأخذت اللبن فشربت ، قيل لي هديت للفطرة أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك » .
وأخرج مسلم والنسائي وابن مردويه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي ، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها ، فكربت كرباً ما كربت مثله قط ، فرفعه الله لي أنظر إليه ، ما سألوني عن شيء ، إلا أنبأتهم به ، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، وإذا موسى عليه السلام قائم وإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوأة ، وإذا عيسى عليه السلام قائم يصلي أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفي ، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم ، - يعني نفسه - فحانت الصلاة فأممتهم ، فلما فرغت قال قائل : يا محمد ، هذا مالك خازن جهنم ، فالتفت إليه فبدأني بالسلام » .
وأخرج ابن مردويه ، عن عمر رضي الله عنه قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم رأى مالكاً خازن النار ، فإذا رجل عابس يعرف الغضب في وجهه .
وأخرج أحمد ، عن عبيد بن آدم ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان بالجابية ، فذكر فتح بيت المقدس ، فقال لكعب رضي الله عنه : أين ترى أن أصلي ؟ قال : خلف الصخرة . قال : لا . ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتقدم إلى القبلة فصلى .
وأخرج أحمد وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والضياء في المختارة بسند صحيح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ليلة أسري بالنبي دخل الجنة فسمع في جانبها وجساً ، فقال : يا جبريل ما هذا ؟ فقال : هذا بلال المؤذن .
فقال النبي حين جاء إلى الناس : «قد أفلح بلال رأيت له كذا وكذا » فلقيه موسى عليه الصلاة والسلام فرحب به وقال مرحباً بالنبي الأمي ، قال : « وهو رجل آدم طويل سبط ، شعره مع أذنيه أو فوقهما ، فقال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا موسى عليه السلام ، فمضى فلقيه رجل فرحب به ، قال : من هذا ؟ قال : هذا عيسى عليه السلام ، فمضى فلقيه شيخ جليل مهيب فرحب به وسلم عليه ، وكلهم يسلم عليه ، قال : من هذا يا جبريل ؟ ، قال : أبوك إبراهيم عليه السلام . قال : ونظر في النار ، فإذا قوم يأكلون الجيف ! قال : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس . ورأى رجلاً أحمر أزرق جداً ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا عاقر الناقة ، فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى ، قام يصلي ، ثم التفت فإذا النبيون أجمعون يصلون معه ، فلما انصرف جيء بقدحين أحدهما عن اليمين ، والآخر عن الشمال ، في أحدهما لبن ، وفي الآخرة عسل ، فأخذ اللبن فشرب منه ، فقال الذي كان معه القدح : أصبت الفطرة » .
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن مردويه وأبو نعيم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ، ثم جاء من ليلته فحدثهم بمسيره ، وبعلامة بيت المقدس وبعيرهم ، فقال ناس : نحن لا نصدق محمداً بما يقول : فارتدوا كفاراً ! فضرب الله رقابهم مع أبي جهل . وقال أبو جهل : يخوفنا محمد بشجرة الزقوم ، هاتوا تمراً وزبداً فتزقموا به . ورأى الدجال في صورته ، رؤيا عين ليس برؤيا منام . وعيسى وموسى وإبراهيم عليهم السلام ، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال ؟ فقال : «رأيته قيلمانياً أقمرهجان ، إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دري ، كأن شعره أغصان شجرة . ورأيت عيسى عليه السلام شاباً أبيض جعد الرأس حديد البصر مبطن الخلق ، ورأيت موسى أسحم آدم كثير الشعر شديد الخلق ، ونظرت إلى إبراهيم عليه السلام فلا أنظر إلى أرب منه إلا نظرت إليه مني حتى كأنه صاحبكم ، قال جبريل سلم على أبيك فسلمت عليه » .
وأخرج البخاري ومسلم والطبراني وابن مردويه من طريق قتادة ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران عليه السلام رجلاً طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوأة ، ورأيت عيسى ابن مريم عليه السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس ، ورأيت مالكاً خازن جهنم ، والدجال في آيات أراهن الله » قال : { فلا تكن في مرية من لقائه } [ السجدة : 23 ] فكان قتادة رضي الله عنه يفسرها أن النبي صلى الله عليه وسام قد لقي موسى عليه السلام .
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور ، عن ابن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لقيت ليلة أسري بي ، إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، فتذاكروا أمر الساعة ، فردوا أمرهم إلى إبراهيم ، فقال لا علم لي بها ، فردوا أمرهم إلى موسى ، فقال : لا علم لي بها ، فردوا أمرهم إلى عيسى ، فقال : أما وجبتها ، فلا يعلم بها أحد إلا الله تعالى . وفيما عهد إلي ربي ، أن الدجال خارج ، ومعي قضيبان ، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص ، فيهلكه الله إذا رآني ، حتى أن الحجر والشجر يقول : يا مسلم ، إن تحتي كافراً ، فتعال فاقتله ، فيهلكهم الله ، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم ، فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، فيطأون بلادهم ، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ، لا يمرون على ماء إلا شربوه ، ثم يرجع الناس إلي ، فيشكونهم فأدعو الله تعالى عليهم ، فيهلكهم ويميتهم ، حتى تجيف الأرض من نتن ريحهم ، فينزل الله المطر ، فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر . ففيما عهد إليَّ ربي إن كان كذلك ، أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلاً أو نهاراً » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن حذيفة رضي الله عنه أنه حدث ، عن ليلة أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال : ما زايل البراق حتى فتحت له أبواب السماوات ، فرأى الجنة والنار ، ووعد الآخرة أجمع ، ثم عاد ولفظ ابن مردويه ، فأري ما في السماوات وأري ما في الأرض قيل له أي دابة البراق ؟ قال : دابة طويل أبيض خطوه مد البصر .
وأخرج أبو يعلى والطبراني في الأوسط وابن عساكر ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليلة عرج بي إلى السماء ، ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوباً ، محمد رسول الله ، وأبو بكر الصديق خلفي » .
وأخرج البزار عن ابن عمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما عرج بي إلى السماء ، ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوباً ، محمد رسول الله » .
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند صحيح ، عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مررت ليلة أسري بي على الملأ الأعلى ، فإذا جبريل كالحلس البالي من خشية الله » ، وفي لفظ لابن مردويه ، مررت على جبريل في السماء الرابعة ، فإذا هو كأنه حلس بال من خشية الله » .
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة ، عن عبد الرحمن بن قرط رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ليلة أسري بي إلى المسجد الأقصى ، كان بين المقام وزمزم ، جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فطارا به حتى بلغ السماوات العلى ، فلما رجع قال : سمعت تسبيحاً في السماوات العلى مع تسبيح كثير سبحت السماوات العلى من ذي المهابة مشفقات من ذي العلوّ بما علا ، سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى » .
وأخرج ابن عساكر ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما أسرى بي جبريل ، سمعت تسبيحاً في السماوات العلى ، فرجف فؤادي فقال لي جبريل عليه السلام : تقدم يا محمد ولا تخف ، فإن اسمك مكتوب على العرش ، لا إله إلا الله محمد رسول الله » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ليلة أسري بي لما انتهينا إلى السماء السابعة ، نظرت فوق فإذا رعد وبرق وصواعق ، وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات والعقارب ترى من خارج بطونهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا ، فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت إلى أسفل مني ، فإذا أنا برهج ودخان وأصوات ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم ، لا يتفكرون في ملكوت السماوات والأرض ، ولولا ذلك لرأوا العجائب » .
وأخرج ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما أسري بي ، مررت بالكوثر ، فقال جبريل عليه السلام : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، فضربت بيدي على تربته ، فإذا مسك أذفر » .
وأخرج ابن مردويه ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لما عرج بي إلى السماء ، رأيت نهراً يطرد عجاجاً مثل السهم ، أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، حافتاه قباب من در مجوف ، فضربت بيدي إلى جانبه ، فإذا مسكة ذفراء ، فضربت بيدي إلى رضراضها ، فإذا در . قلت : يا جبريل ، ما هذا النهر ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك » .
وأخرج ابن مردويه ، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رأيت إبراهيم ليلة أسري بي وهو أشبه من رأيت بصاحبكم » .
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه ، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
«عرج بي إلى السماء فرأيت إبراهيم خليل الرحمن ، فقال إبراهيم : يا جبريل ، من هذا الذي معك ؟ فقال جبريل : هذا محمد ، فرحب بي وقال : مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة ، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة . فقال له النبي : - صلى الله عليه وسلم - وما غراس الجنة ؟ قال : لا حول ولا قوة إلا بالله » .
وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتيت ليلة أسري بي على إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فقال : يا محمد ، أخبر أمتك أن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » .
وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني وابن مردويه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لقيت إبراهيم ليلة أسري بي ، فقال : يا محمد ، أقرئ أمتك مني السلام ، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله » .
وأخرج ابن مردويه ، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما أسري بي رأيت الجنة من درة بيضاء ، فقلت يا جبريل ، إنهم يسألوني عن الجنة ؟ قال : أخبرهم أن أرضها قيعان وترابها المسك » .
وأخرج ابن ماجة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رأيت ليلة أسري بي مكتوباً على باب الجنة ، الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر ، فقلت : يا جبريل ، ما بال القرض أفضل من الصدقة ؟ قال : لأن السائل يسأل وعنده ، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة » .
وأخرج الطبراني ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما أسري بي إلى السماء ، أدخلت الجنة ، فوقعت على شجرة من أشجار الجنة ، لم أر في الجنة أحسن منها ولا أبيض ورقاً ولا أطيب ثمرة ، فتناولت ثمرة من ثمراتها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي ، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة رضي الله عنها ، فإذا أنا اشتقت إلى ريح الجنة شممت ريح فاطمة » .
وأخرج الحاكم وضعفه ، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أتاني جبريل عليه السلام بسفرجلة ، فأكلتها ليلة أسري بي ، فعلقت خديجة بفاطمة ، فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة » .
وأخرج البزار وأبو قاسم البغوي وابن قانع كلاهما في معجم الصحابة وابن عدي وابن عساكر ، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«ليلة أسري بي انتهيت إلى قصر من لؤلؤة ، ولفظ البغوي أسري بي في قفص من لؤلؤة ، فراشه ذهب يتلألأ نوراً وأعطيت ثلاثاً : إنك سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين » .
وأخرج ابن قانع والطبراني وابن مردويه ، عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما أسري بي إلى السماء السابعة ، فإذا على ساق العرش الأيمن ، لا إله إلا الله محمد رسول الله » .
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله : «لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي » .
وأخرج ابن عساكر ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليلة أسري بي ، رأيت على العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق عمر الفاروق عثمان ذو النورين » .
وأخرج الدارقطني في الأفراد والخطيب وابن عساكر ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «رأيت ليلة أسري بي في العرش فريدة خضراء فيها مكتوب بنور أبيض ، لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق عمر الفاروق » .
وأخرج البزار ، عن علي رضي الله عنه قال : لما أراد الله تعالى أن يعلم رسوله الأذان ، أتاه جبريل عليه السلام بدابة يقال لها البراق ، فذهب يركبها فاستصعبت ، فقال لها جبريل عليه السلام - أسكني ، فوالله ما ركبك عبد أكرم على الله من محمد - صلى الله عليه وسلم - فركبها حتى انتهى إلى الحجاب الذي يلي الرحمن ، فبينما هو كذلك ، إذ خرج عليه ملك من الحجاب ، فقال الملك : الله أكبر الله أكبر ، فقيل من وراء الحجاب : صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر ، ثم قال الملك : أشهد أن لا إله إلا الله ، فقيل له من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا الله لا إله إلا أنا . فقال الملك : أشهد أن محمداً رسول الله ، فقيل من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا أرسلت محمداً ، فقال الملك : حيّ على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة . ثم قال : الله أكبر الله أكبر ، فقيل من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا أكبر أنا أكبر ، ثم قال : لا إله إلا الله ، فقيل من وراء الحجاب صدق عبدي ، لا إله إلا أنا ، ثم أخذ الملك بيد محمد صلى الله عليه وسلم فقدمه ، فأم أهل السماوات فيهم آدم ونوح ، فيومئذ أكمل الله لمحمد الشرف على أهل السماوات والأرض .
وأخرج أبو نعيم في الدلائل ، عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج به إلى السماء ، فانتهى إلى مكان من السماء وقف فيه ، وبعث الله ملكاً فقام من السماء مقاماً ما قامه قبل ذلك ، فقيل له : علمه الأذان ، فقال الملك : الله أكبر الله أكبر فقال الله : صدق عبدي أنا الله الأكبر ، فقال الملك : أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال الله : صدق عبدي أنا الله لا إله إلا أنا فقال الملك : أشهد أن محمداً رسول الله ، فقال الله : صدق عبدي أنا أرسلته وأنا اخترته وأنا ائتمنته ، فقال : حي على الصلاة ، فقال الله : صدق عبدي ودعا إلي فريضتي وحقي ، فمن أتاها محتسباً كانت كفارة لكل ذنب ، فقال الملك : حي على الفلاح ، فقال الله : صدق عبدي أنا أقمت فرائضها وعدتها ومواقيتها ، ثم قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : تقدم ، فتقدم ، فائتم به أهل السماوات ، فتم له شرفه على سائر الخلائق .
وأخرج ابن مردويه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما أسري بي إلى السماء أذن جبريل ، فظنت الملائكة أنه يصلي بهم ، فقدّمني فصليت بالملائكة » .
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عن ابن عمر رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به إلى السماء ، أوحى إليه بالأذان ، فنزل به فعلمه جبريل .
وأخرج ابن مردويه ، عن علي رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم - علم الأذان ليلة أسري به وفرضت عليه الصلاة .
وأخرج ابن مردويه ، عن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضت عليه الصلاة ليلة أسري به .
وأخرج أحمد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : فرض الله على نبيه صلى الله عليه وسلم الصلاة خمسين صلاة ، فسأل ربه فجعلها خمس صلوات .
وأخرج أبو داود والبيهقي ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كانت الصلاة خمسين ، والغسل من الجنابة سبع مرات ، وغسل البول من الثوب سبع مرات ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ؟ حتى جعلت الصلاة خمساً ، وغسل الجنابة مرة ، وغسل البول من الثوب مرة .
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانتهى إلى سدرة المنتهى وإليها ينتهي ما يصعد به ، وفي لفظ : يعرج به من الأرواح حتى يقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها حتى يقبض { إذ يغشى السدرة ما يغشى } [ النجم : 16 ] قال : غشيها فراش من ذهب . وأعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلوات الخمس ، وخواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لا يشرك بالله شيئاً من أمته المقحمات .
وأخرج الطبراني ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
« لما أسري بي انتهيت إلى سدرة المنتهى ، فإذا نبقها أمثال القلال » .
وأخرج ابن مردويه ، عن أنس رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه - وسلم لما انتهى إلى سدرة المنتهى رأى فراشاً من ذهب يلوذ بها .
وأخرج ابن مردويه ، عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت : «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : يصف سدرة المنتهى ، فقال : «فيها فراش من ذهب ، وثمرها كالقلال ، وأوراقها كآذان الفيلة » قلت : يا رسول ، ما رأيت عندها ؟ قال : «رأيته عندها » يعني ربه عز وجل .
وأخرج ابن ماجة وابن مردويه ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا قالوا لي يا محمد ، مر أمتك بالحجامة » .
وأخرج أحمد و والحاكم وصححه وابن مردويه ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي ، إلا قالوا عليك بالحجامة » وفي لفظ مر أمتك بالحجامة .
وأخرج ابن مردويه ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما مررت على ملأ من الملائكة ليلة أسري بي إلا أمروني بالحجامة » .
وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج أدعوهم إلى دين الله وعبادته ، فأمروا أن يجيبوني وهم في النار مع من يحصى من ولد آدم ، وولد إبليس » .
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد والطبراني في الأوسط وابن مردويه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، فكان بذي طوى قال : يا جبريل ، إن قومي لا يصدقوني ، قال يصدقك أبو بكر وهو الصديق » .
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك ، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه ، وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا : هل لك في صاحبك ، يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس . قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم . قال : لئن قال ذلك ، لقد صدق . قالوا : فتصدقه إنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ ! قال : نعم . إني لأصدقه بما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والبزار والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والضياء في المختارة وابن عساكر بسند صحيح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما كان ليلة أسري بي ، فأصبحت في مكة قطعت وعرفت أن الناس مكذبي ، فقعدت معتزلاً حزيناً ، فمر به عدوّ الله أبو جهل ، فجاء حتى جلس إليه ، فقال له كالمستهزئ ، هل كان من شيء ؟ قال : نعم . قال وما هو ؟ قال : «إني أسري بي الليلة » قال : إلى أين ؟ قال : «إلى بيت المقدس » قال : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : نعم . فلم يرد أن يكذبه مخافة أن يجحده الحديث ، إن دعا قومه إليه . قال : أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني ؟ قال : نعم . قال : هيا يا معشر بني كعب بن لؤي ، فانقضت إليه المجالس وجاؤوا حتى جلسوا إليهما . قال : حدث قومك بما حدثتني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني أسري بي الليلة » قالوا : إلى أين ؟ قال : «إلى بيت المقدس » قالوا إيليا ؟ قال : نعم . قالوا : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : نعم . قال : فمن بين مصفق ، ومن بين واضع يده على رأسه متعجباً ! قالوا : وتستطيع أن تنعت المسجد ؟ وفي القوم من قد سافر إليه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فذهبت أنعت فما زلت أنعت حتى التبس عليّ بعض النعت ، فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه ، حتى وضع دون دار عقيل » أو عقال فنعته وأنا أنظر إليه ، فقام القوم أما النعت فوالله لقد أصاب .
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما كذبتني قريش لما أسري بي إلى بيت المقدس قمت في الحجر ، فجلا الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه » .
وأخرج أبو نعيم في الدلائل ، عن عروة رضي الله عنه قال : قالت قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أخبرهم بمسراه إلى بيت المقدس ، أخبرنا ماذا ضل عنا وائتنا بآية ما تقول : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ضلت منكم ناقة ورقاء عليها بر لكم » فلما قدمت عليهم قالوا انعت لنا ما كان عليها ، ونشر له جبريل عليه السلام ما عليها كله ينظر إليه ، فأخبرهم بما كان عليها وهم قيام ينظرون ، فزادهم ذلك شكاً وتكذيباً .
وأخرج البيهقي في الدلائل ، عن السدي رضي الله عنه قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر قومه بالرفقة والعلامة في العير قالوا : فمتى تجيء ؟ قال : يوم الأربعاء ، فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينظرون ، وقد ولى النهار ولم تجئ ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ، فزيد له في النهار ساعة وحبست عليه الشمس ، فلم ترد الشمس على أحد ، إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى يوشع بن نون عليه السلام حين قاتل الجبارين .
واخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير ، عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم أتى بدابة دون البغل وفوق الحمار يضع حافره عند منتهى طرفه ، يقال له البراق . ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعير للمشركين ، فنفرت فقالوا : يا هؤلاء ما هذا ؟ فقالوا ما نرى شيئاً ؛ ما هذه الرائحة إلا ريح ، حتى أتى بيت المقدس ، فأتى بإناءين : في أحدهما خمر ، وفي الآخر لبن فأخذ اللبن فقال جبريل عليه السلام : «هديت وهديت أمتك » .
وأخرج ابن سعد وابن عساكر ، عن الواقدي ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وغيره من رجاله ، قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يريه الجنة والنار فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في بيته ظهراً أتاه جبريل وميكائيل ، فقالا : انطلق إلى ما سألت الله ، فانطلقا به إلى ما بين المقام وزمزم ، فأتي بالمعراج ، فإذا هو أحسن شيء منظراً ، فعرج به إلى السماوات سماءً سماءً فلقي فيها الأنبياء وانتهى إلى سدرة المنتهى ، ورأى الجنة والنار . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ولما انتهيت إلى السماء السابعة لم أسمع إلا صريف الأقلام » وفرضت عليه الصلوات الخمس ونزل جبريل عليه السلام ، فصلى برسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات في مواقيتها .
وأخرج ابن مردويه ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسري به ، ريحه ريح عروس وأطيب من ريح عروس .
وأخرج ابن مردويه ، عن جبير قال : سمعت سفيان الثوري رضي الله عنه سئل ، عن ليلة أسري به ، فقال : أسري ببدنه .
وأخرج أبو نعيم في الدلائل ، عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية الكلبي رضي الله عنه إلى قيصر وكتب إليه معه ، فلقيه بحمص ودعا الترجمان ، فإذا في الكتاب من محمد رسول الله ، إلى قيصر صاحب الروم ، فغضب أخ له وقال : تنظر في كتاب رجل بدأ بنفسه قبلك ، وسماك قيصر صاحب الروم ولم يذكر أنك ملك ؟ ! قال له قيصر : إنك والله ما علمت أحمق صغيراً ، مجنوناً كبيراً : تريد أن تحرق كتاب رجل قبل أن أنظر فيه ؟ فلعمري لئن كان رسول الله كما يقول : فنفسه أحق أن يبدأ بها مني ، وإن كان سماني صاحب الروم ، فلقد صدق ، ما أنا إلا صاحبهم وما أملكهم ، ولكن الله سخرهم لي ولو شاء لسلطهم علي ، ثم قرأ قيصر الكتاب ، فقال : يا معشر الروم ، إني لأظن هذا الذي بشر به عيسى ابن مريم ، ولو أعلم أنه هو مشيت إليه حتى أخدمه بنفسي ، لا يسقط وضوءه إلا على يدي ، قالوا : ما كان الله ليجعل ذلك في الإِعراب الأميين ويدعنا ، ونحن أهل الكتاب قال : فأصل الهدى بيني وبينكم الإِنجيل ، ندعو به فنفتحه ، فإن كان هو إياه اتبعناه ، وإلا أعدنا عليه خواتمه كما كانت إنما هي خواتيم مكان خواتم قال : وعلى الإِنجيل يومئذ اثنا عشر خاتماً من ذهب ختم عليه هرقل ، فكان كل ملك يليه بعده ظاهر عليه بخاتم آخر ، حتى ألقى ملك قيصر وعليه إثنا عشر خاتماً ، يخبر أوّلهم لآخرهم أنه لا يحل لهم أن يفتحوا الإنجيل في دينهم ، وإنهم يوم يفتحونه بغير دينهم ويهلك ملكهم ، فدعا بالإنجيل ففض عنه أحد عشر خاتماً حتى بقي عليه خاتم واحد ، فقامت الشمامسة والأساقفة والبطارقة ، فشقوا ثيابهم وصكوا وجوههم ونتفوا رؤوسهم ! قال : ما لكم ؟ قالوا : اليوم يهلك ملك بيتك ، وتغير دين قومك .
قال : فأصل الهدى عندي . قالوا : لا تعجل حتى نسأل عن هذا ونكاتبه وننظر في أمره ؟ قال : فمن نسأل عنه ؟ قالوا : قوماً كثيراً بالشام ، فأرسل يبتغي قوماً يسألهم ؟ فجمع له أبو سفيان وأصحابه ، فقال : أخبرني يا أبا سفيان عن هذا الرجل الذي بعث فيكم ، فلم يأل أن يصغر أمره ما استطاع ، قال : أيها الملك ، لا يكبر عليك شأنه ، إنا لنقول : هو ساحر ، ونقول : هو شاعر ، ونقول : هو كاهن . قال قيصر : كذلك والذي نفسي بيده كان يقال للأنبياء عليهم السلام قبله . قال : أخبرني عن موضعه فيكم . قال : هو أوسطنا . قال : كذلك بعث الله كل نبي من أوسط قومه . أخبرني عن أصحابه . قال : غلماننا وأحداث أسنانهم والسفهاء ، أما رؤساؤنا فلم يتبعه منهم أحد . قال : أولئك والله أتباع الرسل ، أما الملأ والرؤوس فأخذتهم الحمية . قال : أخبرني عن أصحابه هل يفارقونه بعدما يدخلون في دينه ؟ قال : ما يفارقه منهم أحد . قال : فلا يزال داخل منكم في دينه ؟ قال : نعم . قال : ما تزيدونني عليه إلا بصيرة ، والذي نفسي بيده ليوشكن أن يغلب على ما تحت قدمي . يا معشر الروم ، هلموا إلى أن نجيب هذا الرجل إلى ما دعا إليه ونسأله الشام أن لا يطأ علينا أبداً . فإنه لم يكتب قط نبي من الأنبياء إلى ملك من الملوك يدعوه إلى الله فيجيبه إلى ما دعاه ، ثم يسأله مسألة إلا أعطاه مسألته ما كانت ، فأطيعوني .
قالوا : لا نطاوعك في هذا أبداً . قال أبو سفيان : والله ما يمنعني من أن أقول عليه قولاً أسقطه من عينه إلا أني أكره أن أكذب عنده كذبة تأخذها علي ، ولا يصدقني حتى ذكرت قوله ليلة أسري به . قلت : أيها الملك ، أنا أخبرك عنه خبراً تعرف أنه قد كذب . قال : وما هو ؟ قلت : إنه يزعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد إيليا ، ورجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح قال : وبطريق إيليا عند رأس قيصر . قال البطريق : قد علمت تلك الليلة . فنظر إليه قيصر فقال ما علمك بهذا ؟ قال : إني كنت لا أبيت ليلة حتى أغلق أبواب المسجد ، فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني ، فاستعنت عليه عمالي ومن يحضرني كلهم ، فعالجته فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول به جبلاً ، فدعوت الناجرة ، فنظروا إليه ، فقالوا هذا باب سقط عليه [ ] التجاق والبنيان ، فلا يستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر من أين أتى ، فرجعت وتركته مفتوحاً فلما أصبحت غدوت ، فإذا الحجر الذي من زاوية الباب مثقوب ، وإذا فيه أثر مربط الدابة ، فقلت لأصحابي ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي ، فقد صلى الليلة في مسجدنا ، فقال قيصر : يا معشر الروم ، أليس تعلمون أن بين عيسى وبين الساعة نبي بشركم به عيسى عليه السلام ؟ وهذا هو النبي الذي بشر به عيسى ، فأجيبوه إلى ما دعا إليه ، فلما رأى نفورهم قال : يا معشر الروم ، دعاكم ملككم يختبركم كيف صلابتكم في دينكم ، فشتمتموه وسببتموه وهو بين أظهركم فخروا له سجداً .
وأخرج الواسطي في فضائل بيت المقدس ، عن كعب رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، وقف البراق في الموقف الذي كان يقف فيه الأنبياء ، ثم دخل من باب النبي ، وجبريل عليه السلام أمامه ، فأضاء له ضوء كما تضيء الشمس ، ثم تقدم جبريل عليه السلام أمامه ، حتى كان من شامي الصخرة ، فأذن جبريل عليه السلام ، ونزلت الملائكة عليهم السلام من السماء ، وحشر الله لهم المرسلين عليهم السلام ، فأقام الصلاة ثم تقدم جبريل عليه السلام ، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالملائكة والمرسلين ، ثم تقدم قدام ذلك إلى موضع ، فوضع له مرقاة من ذهب ومرقاة من فضة وهو المعراج حتى عرج جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء .
وأخرج الواسطي من طريق أبي حذيفة مؤذن بيت المقدس ، عن جدته أنها رأت صفية زوج النبي رضي الله عنها وكعباً رضي الله عنه يقول : لها يا أم المؤمنين ، صلي ههنا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالنبيين عليهم السلام حين أسري به ههنا ، وأومأ أبو حذيفة بيده إلى القبلة القصوى في دبر الصخرة .
وأخرج الواسطي ، عن الوليد بن مسلم رضي الله عنه قال : حدثني بعض أشياخنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر على بيت المقدس ليلة أسري به فإذا عن يمين المسجد وعن يساره نوران ساطعان ، فقلت يا جبريل ، ما هذان النوران ؟ قال : أما هذا الذي عن يمينك فإنه محراب أخيك داود - عليه السلام - وأما هذا الذي عن يسارك فعلى قبر أختك مريم .
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر ، عن الحسن بن الحسين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بينا أنا نائم في الحجر جاءني جبريل فهمزني برجله ، فجلست فلم أر شيئاً ، فعدت لمضجعي ، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه ، فجلست فلم أر شيئاً ، فعدت لمضجعي فجاءني فهمزني بقدمه ، فجلست فأخذ بعضدي ، فقمت معه فخرج إلى باب المسجد ، فإذا دابة أبيض بين الحمار والبغل له في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه يضع يده في منتهى طرفه ، فحملني عليه ، ثم خرج لا يفوتني ولا أفوته » .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي ، عن أبي مالك وأبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : { سبحان الذي أسرى بعبده } الآية . قال : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فحمله على البراق ، فسار به إلى بيت المقدس ، فمر بأبي سفيان في بعض الطريق وهو يحتلب ناقة ، فنفرت من حس البراق فأهرقت اللبن ، فسب أبو سفيان من نفرها ، ونَدَّ جمل لهم أورق ، فذهب إلى بعض المياه فطلبوه ، فأخذوه ، ومر بواد فنفخ عليه من ريح المسك ، فسأل جبريل - عليه السلام - ما هذا الريح فقال : هؤلاء أهل بيت من المسلمين ، حرقوا بالنار في الله عز وجل .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عبد الله بن حوالة الأزدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رأيت ليلة أسري بي عمود أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة ، قلت : ما تحملون ، قالوا : عمود الإسلام أمرنا أن نضعه بالشام » .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { سبحان الذي أسرى بعبده } قال : أسري به من شعب أبي طالب .
وأخرج ابن إسحق وابن جرير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما فقدت جسد رسول الله ولكن الله أسرى بروحه .
وأخرج ابن إسحق وابن جرير ، عن معاوية بن أبي سفيان : أنه كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كانت رؤيا من الله صادقة .
وأخرج ابن النجار في تاريخه ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتاني جبريل بالبراق ، فقال له أبو بكر رضي الله عنه : قد رأيتها يا رسول الله ؟ قال : صفها لي ، قال : بدنة . قال : صدقت ، قد رأيتها يا أبا بكر » .
وأخرج الخطيب ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما أسري بي إلى السماء قربني الله تعالى حتى كان بيني وبينه كقاب قوسين أو أدنى لا بل أدنى ، وعلمني المسميات ، قال : يا محمد ، قلت : لبيك يا رب ، قال : هل غمك أن جعلتك آخر النبيين ؟ قلت : يا رب ، لا . قال : فهل غم أمتك أن جعلتهم آخر الأمم ؟ قلت : يا رب لا ، قال : أبلغ أمتك مني السلام ، وأخبرهم أني جعلتهم آخر الأمم ، لأفضح الأمم عندهم ، ولا أفضحهم عند الأمم » .
وأخرج الطبراني ، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به : «إني أريد أن أخرج إلى قريش فأخبرهم » فكذبوه ، وصدقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فسمي يومئذ الصديق .
وأخرج ابن جرير من طريق ابن شهاب رضي الله عنه قال : أخبرني ابن المسيب وأبو أسامة بن عبد الرحمن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أسري به على البراق - وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام ، يقع حافرها موضع طرفها . قال : فمرت بعير من عيرات قريش - بواد من تلك الأودية ، فنفر بعير عليه غرارتان سوداء وزرقاء ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيليا ، فأتي بقدحين قدح خمر وقدح لبن ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن . قال له جبريل عليه السلام : هديت إلى الفطرة ، لو أخذت قدح الخمر غوت أمتك .
قال ابن شهاب رضي الله عنه : فأخبرني ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي هناك إبراهيم وموسى وعيسى ، فنعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أما موسى فضرب ، رجل الرأس كأنه من رجال شنوأة ، وأما عيسى فرجل أحمر كأنما خرج من ديماس ، فأشبه من رأيت به عروة بن مسعود الثقفي ، وأما إبراهيم فأنا أشبه ولده به .
فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث قريشاً أنه أسري به ، فارتد ناس كثير بعدما أسلموا . قال أبو سلمة : فأتى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - فقيل له : هل لك في صاحبك ؟ يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس . ثم رجع في ليلة واحدة . قال أبو بكر رضي الله عنه : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم . قال : فأشهد إن كان قال ذلك ، لقد صدق . قالوا : أفتشهد أنه جاء الشام في ليلة واحدة ؟ قال : إني أصدقه بأبعد من ذلك ! أصدقه بخبر السماء .
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، عن ابن جريج قال نافع بن جبير رضي الله عنه وغيره : لما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم من الليلة التي أسري به فيها ، لم يرعه إلا جبريل عليه السلام يتدلى حين زاغت الشمس ، ولذلك سميت الأولى ، فأمر بلالاً يصيح في الناس الصلاة جامعة فاجتمعوا ، فصلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم - وصلى النبي صلى الله عليه وسلم - للناس ، طوّل الركعتين الأوليين ، ثم قصر في الباقيتين ، ثم سلم جبريل - عليه السلام - على النبي صلى الله عليه وسلم ، وسلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ، ثم في العصر عمل مثل ذلك ، ففعلوا كما فعلوا في الظهر ، ثم نزل في أول الليل ، فصيح الصلاةُ جامعة ، فصلى جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم - وصلى النبي صلى الله عليه وسلم - للناس طوّل في الأولتين وقصر في الثالثة ، ثم سلم جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ، ثم لما ذهب ثلث الليل نزل فصيح الصلاة جامعة ، فاجتمعوا فصلى جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم للناس ، فقرأ في الأولتين فطوّل وجَهَرَ وقصر في الباقيتين ، ثم سلم جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم على الناس ، ثم لما طلع الفجر صيح الصلاة جامعة ، فصلى جبريل عليه السلام للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصلى النبي صلى الله عليه وسلم للناس ، فقرأ فيهما وجهر وطول ورفع صوته ، ثم سلم جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم - وسلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس .
وأخرج أبو بكر الواسطي في كتاب بيت المقدس ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كانت الأرض ماء فبعث الله تعالى ريحاً فمسحت الماء مسحاً ، فظهرت على الأرض زبدة ، فقسمها أربع قطع : خلق من قطعة مكة ، والثانية المدينة ، والثالثة بيت المقدس ، والرابعة الكوفة . وقال الواسطي رضي الله عنه ، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : أن داود عليه السلام أراد أن يعلم عدد بني إسرائيل كم هم ، فبعث نقباء وعرفاء وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ عددهم ، فعتب الله عليه لذلك ، وقال : قد علمت أني وعدت إبراهيم أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلكم كعدد الذر ، وأجعلهم لا يحصى عددهم ، وأردت أن تعلم عددهم ، إنه لا يحصى عددهم ، فاختاروا اثنين أن أبتليكم بالجوع ثلاث سنين ، أو أسلط عليكم العدو ثلاثة أشهر ، أو الموت ثلاثة أيام ، فأشار بذلك داود عليه السلام على بني إسرائيل ، فقالوا ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر ، ولا بالعدوّ ثلاثة أشهر صبر ، فليس لهم تقية ، فإن كان لا بد ، فالموت بيده لا بيده غيره ، فمات منهم في ساعة ألوف كثيرة ما يدري عددهم ، فلما رأى ذلك داود - عليه السلام - شق عليه ما بلغه من كثرة الموت فسأل الله ودعا ، فقال : يا رب ، أنا آكل الحامض وبنو إسرائيل تدرس ؟ أنا طلبت ذلك ، وأمرت به بني إسرائيل ، فما كان من شيء فبي ، وارفع عن بني إسرائيل .
فاستجاب الله له ، ورفع عنهم الموت ، فرأى داود عليه السلام الملائكة - عليهم السلام - سالين سيوفهم يغمدونها ، يرفعون في سلم من ذهب من الصخرة ، فقال داود : هذا مكان ينبغي أن يبنى فيه لله مسجد أو تكرمة ، وأراد أن يأخذ في بنيانه ، فأوحى الله إليه : هذا بيت المقدس ، وإنك بسطت يدك في الدماء فلست ببانيه ، ولكن ابن لك بعدك اسمه سليمان ، أسلمه من الدماء . فلما ملك سليمان عليه الصلاة والسلام بناه وشرفه ، فلما أراد سليمان عليه السلام أن يبنيه قال للشياطين : إن الله عز وجل أمرني أن ابني بيتاً له لا يقطع فيه حجر بحديدة . فقالت الشياطين : لا يقدر على هذا إلا شيطان في البحر له مشربة يردها ، فانطلقوا إلى مشربته فأخرجوا ماءها ، وجعلوا مكانه خمراً فجاء يشرب ، فوجد ريحاً ، فقال شيئاً ولم يشرب ، فلما اشتد ظمؤه جاء فشرب فأخذ ، فبينما هم في الطريق إذا هم برجل يبيع الثوم بالبصل فضحك ، ثم مر بامرأة تكهن لقوم فضحك ، فلما انتهى إلى سليمان أخبر بضحكه ، فسأله ؟ فقال : مررت برجل يبيع الدواء بالداء ، ومررت بامرأة تكهن وتحتها كنز لا تعلم به . فذكر له شأن البناء ، فأمر أن يؤتى بقدر من نحاس لا تقلها البقر . فجعلوها على فروخ النسر ، ففعلوا ذلك ، فأقبل إليه ، فلم يصل إلى فروخه ، فعلا في جوّ السماء ثم تدلى فأقبل بعود في منقاره فوضعه على القدر فانفلقت ، فعمدوا إلى ذلك العود فأخذوه فعملوا به الحجارة .
وأخرج ابن سعد ، عن سالم أبي النضر رضي الله عنه قال : لما كثر المسلمون في عهد عمر رضي الله عنه ضاق بهم المسجد ، فاشترى عمر رضي الله عنه ما حول المسجد من الدور ، إلا دار العباس بن عبد المطلب وحجر أمهات المؤمنين ، فقال عمر رضي الله عنه للعباس : يا أبا الفضل إن مسجد المسلمين قد ضاق بهم ، وقد ابتعت ما حوله من المنازل ؛ نوسع به على المسلمين في مسجدهم إلا دارك وحجر أمهات المؤمنين . قال عمر : فأما حجر أمهات المؤمنين فلا سبيل إليها ، وأما دارك فبعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين ، أوسع بها في مسجدهم . فقال العباس - رضي الله عنه - ما كنت لأفعل . فقال عمر رضي الله عنه : اختر مني إحدى ثلاث : إما أن تبيعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين ، وإما أن أحطك حيث شئت من المدينة وأبنيها لك من بيت مال المسلمين ، وإما أن تصدق بها على المسلمين فيوسع بها في مسجدهم .
فقال : لا ولا واحدة منها . فقال عمر رضي الله عنه : اجعل بيني وبينك من شئت . فقال أبي بن كعب رضي الله عنه فانطلقا إلى أبي فقصا عليه القصة فقال أبي - رضي الله عنه - إن شئتما حدثتكما بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالا : حدثنا . فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الله أوحى إلى داود ، ابن لي بيتاً أُذْكَرُ فيه ، فخط له هذه الخطة - خطة بيت المقدس - فإذا بربعها زاوية بيت من بني إسرائيل ، فسأل داود أن يبيعه إياه فأبى ، فحدث داود نفسه أن يأخذه منه ، فأوحى الله إليه : «أن يا داود أمرتك أن تبني لي بيتاً أذكر فيه ، فأردت أن تدخل في بيتي الغصب ، وليس من شأني الغصب ، وإن عقوبتك أن لا تبنيه » قال : يا رب ، فمن ولدي قال : من ولدك . قال : فأخذ عمر رضي الله عنه بمجامع ثياب أبي بن كعب رضي الله عنه وقال : جئتك بشيء ، فجئت بما هو أشد منه ، لتخرجنّ مما قلت ، فجاء يقوده حتى أدخله المسجد ، فأوقفه على حلقة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيهم أبو ذر رضي الله عنه . فقال أبي رضي الله عنه إني نشدت الله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم - يذكر حديث بيت المقدس ، حيث أمر الله تعالى ، داود أن يبينه إلا ذكره . فقال أبو ذر : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال آخر : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأرسل أبياً . فأقبل أبي على عمر رضي الله عنه فقال : يا عمر ، أتتهمني على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : يا أبا المنذر ، لا والله ما اتهمتك عليه ، ولكني كرهت أن يكون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهراً . قال : وقال عمر رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه : اذهب فلا أعرض لك في ذلك . فقال العباس رضي الله عنه : أما إذ فعلت هذا ، فإني قد تصدقت بها على المسلمين أوسع بها عليهم في مسجدهم ، فأما وأنت تخاصمني فلا . فخط له عمر رضي الله عنه داره التي هي له اليوم وبناها من بيت مال المسلمين .
وأخرج ابن سعد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت للعباس دار بالمدينة فقال عمر - رضي الله عنه - هبها لي أو بعنيها حتى أدخلها في المسجد فأبى . قال اجعل بيني وبينك رجلاً من أصحاب رسول الله ، فجعلا أبي بن كعب رضي الله عنه بينهما ، فقضى أبي على عمر .
فقال عمر - رضي الله عنه - ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أجرأ علي من أبي . قال : إذ أنصح لك يا أمير المؤمنين ، أما علمت قصة المرأة ؟ أن داود - عليه السلام - لما بنى بيت المقدس ، ادخل فيه بيت امرأة بغير إذنها ، فلما بلغ حجراً لرجال منع بناءه ، فقال : أي رب ، إذ منعتني ففي عقبي من بعدي . فلما كان بعد قال له العباس - رضي الله عنه - أليس قد قضيت لي ؟ قال : بلى . قال : فهي لك قد جعلتها لله .
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يأخذ دار العباس بن عبد المطلب ليزيد بها في المسجد ، فأبى العباس رضي الله عنه أن يعطيها إياه . فقال عمر - رضي الله عنه - لآخذنها . قال : فاجعل بيني وبينك أبي بن كعب . قال : نعم ، فأتيا أبياً فذكرا له ، فقال أبي - رضي الله عنه - أوحى الله إلى سليمان بن داود - عليه السلام - أن يبني بيت المقدس ، وكانت أرض لرجل فاشترى منه الأرض ، فلما أعطاه الثمن ، قال : الذي أعطيتني خير أم الذي أخذت مني ؟ قال : بل الذي أخذت منك . قال : فإني لا أجيز ، ثم اشتراها منه بشيء أكثر من ذلك ، فصنع الرجل مثل ذلك مرتين أو ثلاثاً ، فاشترط عليه سليمان عليه السلام ، إني أبتاعها منك على حكمك ، ولا تسألني أيهما خير . قال : نعم . فاشتراها منه بحكمة ، فاحتكم إثني عشر ألف قنطار ذهباً ، فتعاظم ذلك سليمان أن يعطيه ، فأوحى الله إليه «إن كنت تعطيه من شيء هو لك فأنت أعلم ، وإن كنت تعطيه من رزقنا ، فأعطه حتى يرضى » قال : ففعل . قال : وإني أرى أن عباساً رضي الله عنه أحق بداره حتى يرضى . قال العباس رضي الله عنه - فإذ قضيت ، فإني أجعلها صدقة على المسلمين .
وأخرج عبد الرزاق ، عن زيد بن أسلم قال : كان للعباس بن عبد المطلب دار إلى جنب مسجد المدينة ، فقال له عمر رضي الله عنه بعنيها . وأراد عمر أن يدخلها في المسجد ، فأبى العباس أن يبيعها إياه . فقال عمر رضي الله عنه : فهبها لي ، فأبى . فقال عمر : فوسعها أنت في المسجد . فأبى ، فقال عمر : لا بد لك من إحداهن ، فأبى عليه . قال : فخذ بيني وبينك رجلاً . فأخذا أبي بن كعب ، فاختصما إليه ، فقال أبي لعمر : ما أرى أن تخرجه من داره حتى ترضيه : فقال له عمر : أرأيت قضاءك هذا في كتاب الله ، أم سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال أبي : بل سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال عمر : وما ذاك ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس جعل كلما بنى حائطاً أصبح منهدماً ، فأوحى الله إليه «أن لا تبن في حق رجل حتى ترضيه » فتركه عمر رضي الله عنه فوسعها العباس رضي الله عنه بعد ذلك في المسجد .
وأخرج الواسطي عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : لما أمر الله تعالى داود أن يبني بيت المقدس قال : يا رب وأين أبنيه ؟ قال : «حيث ترى الملك شاهراً سيفه » قال : فرآه في ذلك المكان . فأخذ داود عليه السلام فأسس قواعده ورفع حائطه ، فلما ارتفع انهدم . فقال داود عليه السلام : يا رب ، أمرتني أن أبني لك بيتاً ، فلما ارتفع هدمته ! فقال : « يا داود إنما جعلت خليفتي في خلقي ، لم أخذته من صاحبه بغير ثمن ؟ إنه يبنيه رجل من ولدك » فلما كان سليمان عليه السلام ساوم صاحب الأرض بها . فقال له : هي بقنطار ، فقال له سليمان عليه السلام : قد استوجبتها ، فقال له صاحب الأرض : هي خير أم ذاك ؟ قال : لا ، بل هي خير ، قال : فإنه قد بدا لي . قال : أو ليس قد أوجبتها . قال : لا ، ولكن البيعان بالخيار ما لم يتفرقا . قال ابن المبارك - رضي الله عنه - هذا أصل الخيار . قال : فلم يزل يزايده ويقول له مثل قوله الأول حتى استوجبها منه بتسعة قناطير ، فبناه سليمان عليه السلام حتى فرغ منه ، وتغلقت أبوابه فعالجها سليمان عليه السلام أن يفتحها فلم تنفتح حتى قال في دعائه : بصلوات أبي داود إلا تفتحت الأبواب ، فتفتحت الأبواب . قال : ففرغ له سليمان - عليه السلام - عشرة آلاف من قراء بني إسرائيل ، خمسة آلاف بالليل ، وخمسة آلاف بالنهار ، ولا تأتي ساعة من ليل ولا نهار ، إلا والله عز وجل يعبد فيه .
وأخرج الواسطي ، عن الشيباني قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود - عليه السلام - إنك لم تتم بناء بيت المقدس . قال أي رب ، ولم ؟ قال : لأنك غمرت يدك في الدم . قال : أي رب ، أو لم يكن ذلك في طاعتك ؟ قال : بلى وإن كان .
وأخرج ابن حبان في الضعفاء ، والطبراني وابن مردويه والواسطي ، عن رافع بن عمير رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «قال الله لداود عليه السلام : ابن لي بيتاً في الأرض » فبنى داود عليه السلام بيتاً لنفسه قبل البيت الذي أمر به . فأوحى الله إليه : «يا داود قضيت بيتك قبل بيتي » قال : يا رب ، هكذا قلت : من ملك استأثر ، ثم أخذ في بناء المسجد ، فلما تم السور سقط ثلث ، فشكا ذلك إلى الله . فأوحى الله إليه : «إنك لا تصلح أن تبني لي بيتاً » قال : ولم يا رب ؟ قال : لما جرى على يديك من الدماء ! قال : يا رب أو لم يكن ذلك في هواك ومحبتك ؟ قال : «بلى ولكنهم عبادي وأنا أرحمهم » فشق ذلك عليه ، فأوحى الله إليه «لا تحزن ، فإني سأقضي بناءه على يدي ابنك سليمان «فلما مات داود عليه السلام ، أخذ سليمان عليه السلام في بنائه ، فلما تم قرب القرابين وذبح الذبائح وجمع بني إسرائيل . فأوحى الله تعالى إليه : «قد أرى سرورك ببنيان بيتي ، فاسألني أعطك » قال : أسألك ثلاث خصال : حكماً يصادف حكمك ، وملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ، ومن أتى هذا البيت لا يريد إلا الصلاة فيه ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « - أما الاثنتان فقد أعطيهما وأنا أرجو أن يكون قد أعطي الثالثة » .
وأخرج الواسطي عن كعب ، قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : «ابن لي بيت المقدس : فعارضه ببناء له . فأوحى الله إليه «يا داود أمرتك أن تبني بيتاً لي فعارضته ببناء لك ليس لك أن تبنيه » قال : يا رب ، ففي عقبي . قال : في عقبك . فلما ولي سليمان - عليه السلام - أوحى الله إليه «أن ابن بيت المقدس » فبناه فلما كمل خرَّ ساجداً شاكراً لله تعالى . قال : يا رب ، من دخله من خائف فأمنه ، أو من داع فاستجب له ، أو مستغفر فاغفر له ، فأوحى الله إليه «إني قد خصصت لآل داود الدعاء » قال : فذبح أربعة آلاف بقرة ، وسبعة آلاف شاة ، وصنع طعاماً ودعا بني إسرائيل .
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن سليمان عليه السلام لما بنى بيت المقدس سأل ربه ثلاثاً ، فأعطاه اثنتين ، وأنا أرجو أن يكون أعطاه الثالثة . سأله حكماً يصادف حكمه فأعطاه إياه ، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، فأعطاه إياه ، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد يعني بيت المقدس خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه » قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ونحن نرجو أن يكون الله أعطاه ذلك » .
وأخرج ابن أبي شيبة والواسطي ، عن عبد الله بن عمر قال : إن الحرم ، لَحَرَم في السماوات السبع بمقداره من الأرض . وإن بيت المقدس لمقدس في السماوات السبع بمقداره من الأرض .
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن ماجه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى » .
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه ، عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى » .
وأخرج الواسطي ، عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : لما فرغ سليمان بن داود عليه السلام من بناء بيت المقدس ، أنبت الله له شجرتين عند باب الرحمة : إحداهما تنبت الذهب ، والأخرى تنبت الفضة . فكان في كل يوم ينتزع من كل واحدة مائتي رطل من ذهب وفضة ، ففرش المسجد بلاطة ذهباً ، وبلاطة فضة ، فلما جاء بختنصر ، خربه واحتمل منه ثمانين عجلة ذهباً وفضة فطرحه برومية .
وأخرج ابن عساكر ، عن يحيى بن عمرو الشيباني قال : لما بنى داود عليه السلام مسجد بيت المقدس ، نهى أن يدخل الرخام بيت المقدس ، لأنه الحجر الملعون ، فخر على الحجارة فلعن .
وأخرج الحاكم وصححه ، عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أيهما أفضل ؟ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو مسجد بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ، ولنعم المصلى ، وليوشكن أن يكون للرجل مثل بسط فرشه من الأرض ، حيث يرى منه بيت المقدس ، خير له من الدنيا جميعاً ، أو قال خير من الدنيا وما فيها » .
وأخرج الواسطي ، عن كعب رضي الله عنه قال : أن الله عز وجل ينظر إلى بيت المقدس كل يوم مرتين .
وأخرج الواسطي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال ، وهو ببيت المقدس : يا نافع ، أخرج بنا من هذا البيت ، فإن السيئات تضاعف فيه ، كما تضاعف الحسنات .
وأخرج الواسطي عن مكحول رضي الله عنه : أن ميمونة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيت المقدس ، قال : «نعم المسكن بيت المقدس ، ومن صلى فيه صلاة بألف صلاة فيما سواه » قالت : فمن لم يطق ذلك ، قال فليهد إليه زيتاً .
وأخرج الواسطي ، عن مكحول رضي الله عنه قال : من صلى في بيت المقدس ظهراً وعصراً ومغرباً وعشاءً وصبحاً ، ثم صلى الغداة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه .
وأخرج الواسطي ، عن كعب رضي الله عنه قال : شكا بيت المقدس إلى الله عز وجل الخراب ، فقيل : هل يتكلم المسجد ؟ فقال : إنه ما من مسجد إلا وله عينان يبصر بهما ، ولسان يتكلم به ، وإنه ليلتوي من البزاق والنجاسة كما تلتوي الدابة من ضرب السوط .
وأخرج الواسطي ، عن كعب في بيت المقدس : اليوم فيه كألف يوم ، والشهر فيه كألف شهر ، والسنة فيه كألف سنة ، ومن مات فيه فكأنما مات في السماء الدنيا .
وأخرج الواسطي ، عن الشيباني رضي الله عنه قال : ليس يعد من الخلفاء إلا من ملك المسجدين المسجد الحرام ومسجد بيت المقدس .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي رضي الله عنه في قوله : { الذي باركنا حوله } قال : أنبتنا حوله الشجر .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل } قال جعله الله هدى ، يخرجهم من الظلمات إلى النور ، وجعله رحمة لهم .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { أن لا يتخذوا من دوني وكيلاً } قال : شريكاً .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { ذرية من حملنا مع نوح } قال : هو على النداء ، يا ذرية من حملنا مع نوح .
وأخرج ابن مردويه ، عن عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ذرية من حملنا مع نوح » ما كان مع نوح إلا أربعة أولاد : حام وسام ويافث وكوش ، فذاك أربعة أولاد انتسلوا هذا الخلق » .
وأخرج ابن مردويه ، عن أبي فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «كان نوح عليه السلام لا يحمل شيئاً صغيراً ولا كبيراً إلا قال : بسم الله والحمد لله ، فسماه الله عبداً شكوراً » .
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن سلمان رضي الله عنه قال : كان نوح عليه السلام إذا لبس ثوباً أو طعم طعاماً قال : الحمد لله فسمي عبداً شكوراً .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني ، عن سعيد بن مسعود الثقفي الصحابي رضي الله عنه قال : إنما سمي نوح عليه السلام عبداً شكوراً ، لأنه كان إذا أكل أو شرب أو لبس ثوباً أحمد الله .
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن نوحاً لم يقم عن خلاء قط إلا قال : الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى فيّ منفعته ، وأخرج عني أذاه » .
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، عن العوّام قال : حدثت أن نوحاً عليه السلام كان يقول : الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى في منفعته ، وأذهب عني أذاه .
واخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان ، عن أصبغ بن زيد : أن نوحاً عليه السلام كان إذا خرج من الكنيف قال ذلك ، فسمي { عبداً شكوراً } .
وأخرج ابن أبي شيبة ، عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه : أن نوحاً عليه السلام إذا خرج من الغائط قال : الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني .