قال الزجاج : لما ذكر أنهم لا يؤمنون ذكر الدليل الذي يوجب التصديق بالخالق فقال : { الله الذي رَفَعَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ } والعمد : الأساطين جمع عماد أي : قائمات بغير عمد تعتمد عليه ، وقيل لها عمد ولكن لا نراه . قال الزجاج : العمد : قدرته التي يمسك بها السماوات ، وهي غير مرئية لنا ، وقرئ «عمد » على أنه جمع عمود يعمد به ، أي : يسند إليه . قال النابغة :
وخبر الجنّ إني قد أذنت لهم *** يبنون تدمر بالصفاح والعمد
وجملة { ترونها } مستأنفة استشهاد على رؤيتهم لها كذلك . وقيل : هي صفة لعمد ، وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : رفع السماوات ترونها بغير عمد ، ولا ملجئ إلى مثل هذا التكلف { ثُمَّ استوى عَلَى العرش } أي : استولى عليه بالحفظ والتدبير ، أو استوى أمره ، أو أقبل على خلق العرش ، وقد تقدّم الكلام على هذا مستوفى ، والاستواء على العرش صفة لله سبحانه بلا كيف كما هو مقرّر في موضعه من علم الكلام : { وَسَخَّرَ الشمس والقمر } أي : ذللهما لما يراد منهما من منافع الخلق ، ومصالح العباد { كُلٌّ يَجْرِى لأجل مُّسَمًّى } أي كلّ من الشمس والقمر يجري إلى وقت معلوم : وهو فناء الدنيا وقيام الساعة التي تكوّر عندها الشمس ويخسف القمر ، وتنكدر النجوم وتنتثر ، وقيل : المراد بالأجل المسمى درجاتهما ومنازلهما التي تنتهيان إليها لا يجاوزنها ، وهي سنة للشمس ، وشهر للقمر { يُدَبّرُ الأمر } أي : يصرّفه على ما يريد ، وهو أمر ملكوته وربوبيته { يُفَصّلُ الآيات } أي : يبينها ، وهي الآيات الدالة على كمال قدرته وربوبيته ، ومنها ما تقدّم من رفع السماء بغير عمد ، وتسخير الشمس والقمر وجريهما لأجل مسمى ، والجملتان في محل نصب على الحال أو خبر إن لقوله : { الله الذي رَفَعَ } على أن الموصول صفة للمبتدأ ، والمراد من هذا تنبيه العباد أن من قدر على هذه الأشياء فهو قادر على البعث والإعادة ، ولذا قال : { لَعَلَّكُمْ بِلِقَاء رَبّكُمْ تُوقِنُونَ } أي : لعلكم عند مشاهدة هذه الآيات توقنون بذلك لا تشكون فيه ، ولا تمترون في صدقه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.