قوله : { شَهِدَ الله } أي : بين وأعلم . قال الزجاج : الشاهد هو الذي يعلم الشيء ، ويبينه ، فقد دلنا الله على وحدانيته بما خلق وبيّن ، وقال أبو عبيدة : شهد الله بمعنى قضى ، أي : أعلم . قال ابن عطية : وهذا مردود من جهات ، وقيل : إنها شبهت دلالته على وحدانيته بأفعاله ، ووحيه بشهادة الشاهد في كونها مبنية . وقوله { أنه } بفتح الهمزة . قال المبرد : أي : بأنه ثم حذفت الباء ، كما في أمرتك الخير ، أي : بالخير . وقرأ ابن عباس : «إنه » بكسر الهمزة بتضمين { شهد } معنى " قال " . وقرأ أبو المهلب : «شهداء لله » بالنصب على أنه حال من الصابرين ، وما بعده ، أو على المدح : { والملائكة } عطف على الاسم الشريف ، وشهادتهم إقرارهم بأنه لا إله إلا الله . وقوله : { وَأُوْلُوا العلم } معطوف أيضاً على ما قبله ، وشهادتهم بمعنى الإيمان منهم ، وما يقع من البيان للناس على ألسنتهم ، وعلى هذا لا بدّ من حمل الشهادة على معنى يشمل شهادة الله ، وشهادة الملائكة ، وأولي العلم . وقد اختلف في أولي العلم هؤلاء من هم ؟ فقيل : هم الأنبياء ؛ وقيل : المهاجرون والأنصار ، قاله ابن كيسان . وقيل : مؤمنو أهل الكتاب ، قاله مقاتل . وقيل : المؤمنون كلهم ، قاله السدي ، والكلبي ، وهو الحق إذ لا وجه للتخصيص . وفي ذلك فضيلة لأهل العلم جليلة ، ومنقبة نبيلة ؛ لقربهم باسمه ، واسم ملائكته ، والمراد بأولي العلم هنا : علماء الكتاب ، والسنة ، وما يتوصل به إلى معرفتهما ، إذ لا اعتداد بعلم لا مدخل له في العلم الذي اشتمل عليه الكتاب العزيز ، والسنة المطهرة .
وقوله : { قَائِمَاً بالقسط } أي : العدل ، أي : قائماً بالعدل في جميع أموره ، أو مقيماً له ، وانتصاب { قائماً } على الحال من الاسم الشريف . قال في الكشاف : إنها حال مؤكدة كقوله : { وَهُوَ الحق مُصَدّقًا } [ البقرة : 91 ] وجاز إفراده سبحانه بذلك دون ما هو معطوف عليه من الملائكة ، وأولي العلم لعدم اللبس ، وقيل : إنه منصوب على المدح . وقيل : إنه صفة لقوله : { إِلَهٍ } أي : لا إله قائماً بالقسط ، إلا هو ، أو هو حال من قوله : { إِلاَّ هُوَ } والعامل فيه معنى الجملة . وقال الفراء : هو منصوب على القطع ؛ لأن أصله الألف ، واللام ، فلما قطعت نصب كقوله : { وَلَهُ الدين وَاصِبًا } [ النحل : 52 ] ويدل عليه قراءة عبد الله بن مسعود " القائم بالقسط " . وقوله : { لاَ إله إِلاَّ هُوَ } تكرير لقصد التأكيد ؛ وقيل : إن قوله : { أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ } كالدعوى ، والأخيرة كالحكم . وقال جعفر الصادق الأولى وصف ، وتوحيد ، والثانية رسم ، وتعليم . وقوله : { العزيز الحكيم } مرتفعان على البدلية من الضمير ، أو الوصفية لفاعل شهد لتقرير معنى الوحدانية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.