فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَإِنۡ حَآجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡأُمِّيِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُواْ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (20)

قوله : { فَإنْ حَاجُّوكَ } أي : جادلوك بالشبه الباطلة ، والأقوال المحرّفة ، { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ } أي : أخلصت ذاتي لله ، وعبر بالوجه عن سائر الذات لكونه أشرف أعضاء الإنسان ، وأجمعها للحواس ، وقيل : الوجه هنا بمعنى : القصد . وقوله : { وَمَنِ اتبعن } عطف على فاعل أسلمت ، وجاز للفصل . وأثبت نافع ، وأبو عمرو ، ويعقوب الياء في { اتبعن } على الأصل ، وحذفها الآخرون اتباعاً لرسم المصحف ، ويجوز أن تكون «الواو » بمعنى «مع » والمراد بالأميين هنا : مشركو العرب . وقوله : { ءأَسْلَمْتُمْ } استفهام تقريري يتضمن الأمر ، أي : أسلموا ، كذا قاله ابن جرير ، وغيره . وقال الزجاج : { ءأَسْلَمْتُمْ } تهديد ، والمعنى : أنه قد أتاكم من البراهين ما يوجب الإسلام ، فهل علمتم بموجب ذلك أم لا ؟ تبكيتا لهم ، وتصغيراً لشأنهم في الإنصاف ، وقبول الحق . وقوله : { فَقَدِ اهتدوا } أي : ظفروا بالهداية التي هي الحظ الأكبر ، وفازوا بخير الدنيا ، والآخرة { وَإِن تَوَلَّوْا } أي : أعرضوا عن قبول الحجة ، ولم يعملوا بموجبها { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ } أي : فإنما عليك أن تبلغهم ما أنزل إليك ، ولست عليهم بمسيطر ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ، والبلاغ مصدر .

وقوله : { والله بَصِيرٌ بالعباد } فيه وعد ووعيد لتضمنه أنه عالم بجميع أحوالهم .

/خ20