السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ} (62)

الثالث : منها قوله تعالى : { أم من يجيب المضطرّ } أي : المكروب وهو الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر إلى اللجأ والتضرّع إلى الله تعالى { إذا دعاه } وقت اضطراره ، وعن ابن عباس : هو المجهود ، وعن السدي هو الذي لا حول له ولا قوة . فإن قيل : هذا يعم كل مضطرّ وكم مضطرّ يدعو فلا يجاب ؟ أجيب : بأنّ اللام فيه للجنس لا للاستغراق ولا يلزم منه إجابة كل مضطرّ ، وقوله تعالى : { ويكشف السوء } كالتفسير للاستجابة وأنه لا يقدر أحد على كشف ما وقع له من فقر إلى غنى ومرض إلى صحة إلا القادر الذي لا يعجزه شيء والقاهر الذي لا ينازع ، والإضافة في قوله تعالى : { ويجعلكم خلفاء الأرض } بمعنى في أي يخلف بعضكم بعضاً لا يزال يجدّد ذلك بإهلاك قرن وإنشاء آخر إلى قيام الساعة { أإله مع الله } أي : الملك الذي لا كفؤ له ثم استأنف التبكيت تفظيعاً له ومواجهاً به بقوله تعالى : { قليلاً ما تذكرون } أي : تتعظون وقرأ أبو عمرو وهشام بالياء ، التحتية على الغيبة ، والباقون بالخطاب وفيه ادغام التاء في الذال وما زائدة لتقليل القليل .