{ وَيَسْألُونَكَ عَنِ المحيض } عطفٌ على ما تقدم من مثله ولعل حكايةَ هذه الأسئلة الثلاثةِ بالعطف لوقوع الكلِّ عند السؤال عن الخمر ، وحكاية ما عداها بغير عطف لوقوع كلَ من ذلك في وقت على حِدَة والمحيض مصدر من حاضت المرأة كالمجيء والمبيت . روي أن أهل الجاهلية كانوا لا يساكنون الحُيَّضَ ولا يؤاكلونهن كدأب اليهودِ والمجوسِ واستمر الناسُ على ذلك إلى أن سأل عن ذلك أبو الدحداحِ في نفر من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فنزلت . { قُلْ هُوَ أَذًى } أي شيء يُستقذرُ منه ويؤذي من يقرَبُه نفرةً منه وكراهةً له { فاعتزلوا النساء فِي المحيض } أي فاجتنبوا مجامعتَهن في حالة المحيض . قيل : أخذ المسلمون بظاهر الاعتزال فأخرجوهن من بيوتهم فقال ناسٌ من الأعراب : يا رسولَ الله البردُ شديدٌ والثيابُ قليلة فإن آثرناهن هلك سائرُ أهل البيت وإن استأثرنا بها هلكت الحُيَّض فقال صلى الله عليه وسلم : « إنما أُمِرْتم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حِضْنَ ولم يأمركم بإخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم » وقيل : إن النصارى كانوا يجامعونهن ولا يبالون بالحيض ، واليهودُ كانوا يفرِّطون في الاعتزال فأُمر المسلمون بالاقتصاد بين الأمرَيْن { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حتى يَطْهُرْنَ } تأكيدٌ لحكم الاعتزال وتنبيه على أن المراد به عدمُ قربانهن لا عدمُ القربِ منهن وبيانٌ لغايته وهو انقطاعُ الدم عند أبي حنيفة رحمه الله فإن كان كذلك في أكثر المدة حلَّ القُربان كما انقطع وإلا فلا بدَّ من الاغتسال أو من مُضيِّ وقت صلاة وعند الشافعي رحمه الله أن يغتسلن بعد الانقطاع كما تُفصح عنه القراءة بالتشديد وينبئ عنه قوله عز وجل : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } فإن التطهرَ هو الاغتسال { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله } من المأتى الذي حلله لكم وهو القُبُل { إِنَّ الله يُحِبُّ التوابين } مما عسى يبدُر منهم من ارتكاب بعض ما نُهوا عنه ومن سائر الذنوب { وَيُحِبُّ المتطهرين } المتنزِّهين عن الفواحش والأقذار ، وفي ذكر التوبة إشعارٌ بمِساس الحاجة إليها بارتكاب بعضِ الناسِ لما نُهوا عنه ، وتكريرُ الفعل لمزيد العناية بأمر التطهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.