{ المحيض } مصدر . يقال : حاضت محيضاً ، كقولك : جاء مجيئاً وبات مبيتاً { قُلْ هُوَ أَذًى } أي الحيض شيء يستقذر ويؤذي من يقربه نفرة منه وكراهة له { فاعتزلوا النساء } فاجتنبوهنّ ؛ يعني فاجتنبوا مجامعتهنّ .
روي : أنّ أهل الجاهلية كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجالسوها على فرش ولم يساكنوها في بيت كفعل اليهود والمجوس ، فلما نزلت أخذ المسلمون بظاهر اعتزالهنّ فأخرجوهنّ من بيوتهن ، فقال ناس من الأعراب : يا رسول الله البرد شديد والثياب قليلة ، فإن آثرناهن بالثياب هلك سائر أهل البيت ؛ وإن استأثرنا بها هلكت الحِيَّضُ : فقال عليه الصلاة والسلام : " إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهنّ إذا حضن ، ولم يأمركم بإخراجهنّ من البيوت كفعل الأعاجم " وقيل : إنّ النصارى كانوا يجامعونهنّ ولا يبالون بالحيض ، واليهود كانوا يعتزلونهنّ في كل شيء ، فأمر الله بالاقتصاد بين الأمرين ، وبين الفقهاء خلاف في الاعتزال ، فأبو حنيفة وأبو يوسف : يوجبان اعتزال ما اشتمل عليه الإزار ، ومحمد بن الحسن لا يوجب إلا اعتزال الفرج ، وروى محمد حديث عائشة رضي الله عنها : أنّ عبد الله بن عمر سألها : هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض ؟ فقالت : تشدّ إزارها على سفلتها ، ثم ليباشرها إن شاء . وما روى زيد بن أسلم :
أنّ رجلاً سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم : ما يحلّ لي من امرأتي وهي حائض ؟ قال : " لتشدّ عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها " ، ثم قال : وهذا قول أبي حنيفة . وقد جاء ما هو أرخص من هذا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : يجتنب شعار الدم وله ما سوى ذلك وقرىء «يطهرن » بالتشديد ، أي يتطهرن ، بدليل قوله : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } وقرأ عبد الله : «حتى يتطهرن » . و«يطهرن » بالتخفيف . والتطهر : الاغتسال . والطهر : انقطاع دم الحيض . وكلتا القراءتين مما يجب العمل به ، فذهب أبو حنيفة إلى أن له أن يقربها في أكثر الحيض بعد انقطاع الدم وإن لم تغتسل ، وفي أقل الحيض لا يقربها حتى تغتسل أو يمضي عليها وقت صلاة . وذهب الشافعي إلى أنه لا يقربها حتى تطهر وتُطَهَّر ، فتجمع بين الأمرين ، وهو قول واضح . ويعضده قوله : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } . { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله } من المأتى الذي أمركم الله به وحلله لكم وهو القبل { إِنَّ الله يُحِبُّ التوابين } مما عسى يندر منهم من ارتكاب مانهوا عنه من ذلك { وَيُحِبُّ المتطهرين } المتنزهين عن الفواحش . أو إنّ الله يحبّ التوّابين الذين يطهرون أنفسهم بطهرة التوبة من كل ذنب ، ويحب المتطهرين من جميع الأقذار : كمجامعة الحائض والطاهر قبل الغسل ، وإتيان ما ليس بمباح ، وغير ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.