إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (107)

{ وَمَا أرسلناك } بما ذكر وبأمثاله من الشرائع والأحكامِ وغير ذلك من الأمور التي هي مناطٌ لسعادة الدارين { إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين } هو في حيز النصب على أنه استثناءٌ من أعم العلل أو من أعم الأحوال ، أي ما أرسلناك بما ذكر لعلة من العلل إلا لرحمتنا الواسعةِ للعالمين قاطبةً ، أو ما أرسلناك في حال من الأحوال إلا حالَ كونِك رحمةً لهم فإن ما بُعثتَ به سببٌ لسعادة الدارين ومنشأٌ لانتظام مصالحهم في النشأتين ، ومن لم يغتنمْ مغانمَ آثارِه فإنما فرَّط في نفسه وحُرمةِ حقه لا أنه تعالى حَرَمه مما يُسعِده ، وقيل : كونُه رحمةً في حق الكفار أمنُهم من الخسف والمسخِ والاستئصال حسبما ينطِق به قوله تعالى : { وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } .