نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (107)

ولما كان هذا مشيراً إلى رشادهم ، فكان التقدير : فما أرسلناك إلا لإسعادهم {[52056]}والكفاية لهم{[52057]} في البلاغ إلى جنات النعيم ، عطف عليه ما يفهم سبب التأخير لإنجاز ما يستعجله{[52058]} غير العابدين من العذاب فقال : { وما أرسلناك } أي {[52059]}بعظمتنا العامة{[52060]} على حالة من الأحوال { إلا } على حال كونك { رحمة للعالمين* } كلهم ، أهل السماوات وأهل الأرض من الجن والأنس وغيرهم ، طائعهم بالثواب{[52061]} ، وعاصيهم بتأخير العقاب ، الذي كنا نستأصل به الأمم{[52062]} ، فنحن نمهلهم ونترفق بهم ، إظهاراً لشرفك وإعلاء لقدرك ، حتى نبين أنهم مع كثرتهم وقوتهم وشوكتهم وشدة تمالئهم عليك لا يصلون إلى ما يريدون منك ، ثم نرد كثيراً منهم إلى دينك ، ونجعلهم من أكابر أنصارك وأعاظم أعوانك ، بعد طول ارتكابهم الضلال ، وارتباكهم في أشراك المحال ، وإيضاعهم في الجدال والمحال ، فيلعم قطعاً أنه لا ناصر لك إلا الله الذي يعلم القول في السماء والأرض ، ومن أعظم ما يظهر فيه هذا الشرف في عموم الرحمة وقت الشفاعة العظمى يوم يجمع الأولون والآخرون ، وتقوم الملائكة صفوفاً والثقلان وسطهم ، ويموج بعضهم في بعض من شدة ما هم فيه ، يطلبون من يشفع لهم في أن يحاسبوا ليستريحوا من ذلك الكرب أما إلى جنة أو نار ، فيقصدون أكابر الأنبياء نبياً نبياً عليهم الصلاة والسلام ، والتحية والإكرام ، فيحيل بعضهم على بعض ، وكل منهم يقول : لست لها ، حتى يأتوه صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها ، ويقوم{[52063]} ومعه لواء الحمد فيشفعه الله وهو المقام{[52064]} المحمود الذي يغبطه به{[52065]} الأولون والآخرون وقد سبقت{[52066]} أكثر الحديث بذلك في سورة غافر عند{ ولا شفيع يطاع{[52067]} }[ الآية : 18 ] .


[52056]:العبارة من هنا إلى "النعيم" ساقطة من ظ.
[52057]:زيد من مد.
[52058]:من ظ ومد وفي الأصل يستعمله.
[52059]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[52060]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[52061]:سقط من مد.
[52062]:زيد من مد.
[52063]:زيد من ظ ومد.
[52064]:من ظ ومد، وفي الأصل: اللواء.
[52065]:زيد من ظ ومد.
[52066]:من ظ ومد وفي الأصل: مضت.
[52067]:آية 18.