{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى } كان ابن عمه لأنّه قارون بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب ، وموسى بن عمران بن فاهث ، هذا قول أكثر المفسرين ، وقال ابن إسحاق : تزوّج يصهر ابن فاهث شميت بنت تباويت بن بركيا بن يقشان بن إبراهيم فولدت له عمران بن يصهر وقارون ابن يصهر ، فنكح ( عمران ) نجيب بنت سمويا بن بركيا بن رمنان بن بركيا فولدت له هارون ابن عمران وموسى بن عمران ( عليهم السلام ) ، فموسى على قول ابن إسحاق : ابن اخي قارون وقارون عمه لأبيه وأُمه ، قال قتادة : وكان يسمّى المنوّر لحسن صورته ولم يكن في بني إسرائيل أقرأ للتوراة منه ، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري .
{ فَبَغَى عَلَيْهِمْ } أخبرني ابن فنجويه ، قال : حدّثنا موسى بن محمد ، قال : حدّثنا الحسن بن علوية ، قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، عن المسيّب أنّ قارون كان من قوم موسى { فَبَغَى عَلَيْهِمْ } قال : كان عاملا لفرعون على بني إسرائيل وكان يبغي عليهم ويظلمهم ، قال ابن عباس : كان فرعون قد ملّكه على بني إسرائيل حين كان بمصر ، سعيد ، عن قتادة : { بَغَى عَلَيْهِمْ } بكثرة ماله وولده ، سفيان عنه : بالكبر والبذخ ، عطاء الخراساني وشهر بن حوشب : زاد عليهم في الثياب شبراً { وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ } وهي جمع المفتح ، وهو الذي يفتح به الباب { لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي الْقُوَّةِ } أي لتثقل بهم إذا حملوها لثقلها ، يقال : ناء ينوء نوْءاً إذا نهض بثقل ، قال الشاعر :
تنوء بأخراها فلأيا قيامها *** وتمشي الهوينا عن قريب فتبهر
واختلفوا في مبلغ عدد العصبة في هذا الموضع ، فقال مجاهد : ما بين العشرة إلى خمسة عشر ، قتادة : ما بين العشرة إلى أربعين ، أبو صالح : أربعون رجلا ، عكرمة منهم من يقول : أربعون ، ومنهم من يقول : سبعون ، الضحّاك عن ابن عباس : ما بين الثلاثة إلى العشرة ، وقيل : ستون .
روى جرير ، عن منصور ، عن خيثمة ، قال : وجدت في الإنجيل أنّ مفاتيح خزائن قارون توقر ستين بغلا غرّاء محجّلة ، ما يزيد منها مفتاح على أصبع ، لكل مفتاح منها كنز ، مجاهد : كانت المفاتيح من جلود الإبل ، ويقال : كان قارون ( أينما ) ذهب يحمل معه مفاتيح كنوزه ، وكانت من حديد ، فلمّا ثقلت عليه جعلت من خشب ، فثقلت عليه فجعلها من جلود البقر على طول الأصابع ، وكانت تحمل معه إذا ركب على أربعين بغلا .
وقال بعضهم : أراد بالمفاتيح الحرَّاس وإليه ذهب أبو صالح . وروى حصين ، عن أبي زرين قال : لو كان مفتاح واحد لأهل الكوفة كان كافياً إنّما يعني كنوزه ، فإن قيل : فما وجه قوله : { لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ } وإنّما العصبة هي التي تنوء بها ، قيل فيه قولان : أحدهما يميل بهم ويثقلهم حملها ، والآخر قال أهل البصرة : قد يفعل العرب هذا ، تقول للمرأة : إنّها لتنوء بها عجيزتها ، وإنّما هي تنوء بعجيزتها كما ينوء البعير بحمله ، وقال الشاعر :
فديت بنفسه نفسي ومالي *** وما آلوك إلاّ ما أطيق
والمعنى فديت بنفسي ومالي نفسه ، وقال آخر :
وتركب خيلا لا هوادة بينها *** وتشقي الرماح بالضياطرة الحمر
وإنّما يشقي الضياطرة بالرماح ، والخيل هاهنا : الرجال .
{ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ } من بني إسرائيل { لاَ تَفْرَحْ } لا تأشر ولا تمرح ، ومنه قول الله سبحانه : { إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } ، وقال الشاعر :
ولست بمفراح إذا الدهر سرّني *** ولا جازع من صرفه المتحول
أراد : لست بأشر ؛ لأن السرور غير مكروه ولا مذموم { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ } الأشِرين البطِرين المتكبِرين الذين لا يشكرون الله سبحانه على ما أعطاهم .
أخبرني ابن فنجويه ، قال : حدّثنا منصور بن جعفر النهاوندي ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى النهاوندي ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن الجارود ، قال : حدّثنا محمد بن عمرو بن حيان عن نفته قال : حدّثنا مبشر بن عبد الله في قول الله سبحانه وتعالى : { لاَ تَفْرَحْ } قال : لا تفسد إنّ الله لا يحب الفرحين المفسدين ، وقال الشاعر :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.