وقوله : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ76 } وكان ابن عمِّه { فَبَغَى عَلَيْهِمْ } وبَغْيه عليهم أنه قال : إذا كانت النبوّة لموسى ، وكان المذبح والقُرْبان الذي يُقَرّب في يد هارون فمالي ؟
وقوله : { وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ } نَوؤها بالعُصْبة أن تُثقلهم ، والعُصْبة ها هنا أربعون رجلاً ومفاتحه : خزائنه . والمعنى : ما إن مفاتحه لتُنئ العُصْبة أي تميلهم من ثقلها فإذا أدخلت الباء قلت : تنوء بهم وتُنئ بهم ، كما قال { آتُوني أُفرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } والمعنى : ائتوني بقِطْرٍ افرغ عَليه ، فإذا حذفت الباء زدت في الفعل ألِفاً في أوَّله . ومثله { فَأَجَاءها المَخَاضُ } معناه : فجاء بها المخاض . وقد قال رجل من أهل العربية : إن المعنى : ما إن العُصْبة لتنوءُ بمفاتحه فحوّل الفعل إلى المفاتح كما قال الشاعر :
إن سراجاً لكريم مفخره *** تَحْلَى به العَيْنُ إذا ما تَجْهَرُه
وهو الذي يَحْلَى بالعين . فان كان سَمع بهذا أثراً فهو وجه . وإلاّ فإنّ الرجل جَهل المعنى . ولقد أنشدني بعض العرب :
حتى إذا ما التأمَتْ مَوَاصِلُهْ *** وناء في شقٍّ الثِّمالِ كاهِلُهْ
يعنى الرامي لما أخذ القوس ونزع مال على شِقِّه . فذلك نَوْؤه عَليها . ونُرى أن قول العرب : ما ساءك وناءك من ذلكَ ، ومَعناه ما سَاءك وأناءك ، إلا أنّه أَلقى الألِف ؛ لأنه مُتْبَع لساءك ، كما قالت العرب : أكلت طعاما فهَنأنِي ومَرَأَني ، ومَعْناه ، إذا أفردت : وأمرأني ، فحذفت منه الألِف لما أن أُتبع ما لا ألفِ فيه .
وقوله : { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ } ذكروا أن موسى الذي قال له ذلكَ ؛ لأنه من قومه وإن كان على غير دينه . وجمعَه ها هنا وهو وَاحد كقول الله { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ الناسُ إنَّ الناسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ } وإنما كان رَجُلاً من أَشْجع وقوله { الفَرِحين } وَلو قيلَ : الفارحين كان صواباً ، كأنَّ الفارحينَ : الذين يفرحون فيما يَستقبِلون ، والفرحين الذين هم فيه السَّاعة ، مثل الطامع والطَمِع ، والمائت والميّت ، والسَّالس والسَّلِس . أنشدَني بعض بنى دُبَير ، وهم فصحاء بنى أَسَدٍ :
ممكورةٌ غَرْثي الوشاحِ السَّالِسِ * تضحك عن ذى أُشُر عُضارس
العضارس البارد وهو مأخوذ من العَضْرس وهو البَرْد . يقال : سَالِس وسلِس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.