وقارون أعجمي : منع الصرف للعجمة والعلمية .
وقيل : ومعنى كان من قومه : أي ممن آمن به .
قال ابن عطية : وهو إسرائيلي بإجماع . انتهى .
واختلف في قرابته من موسى عليه السلام ، إختلافاً مضطرباً متكاذباً ، وأولاها : ما قاله ابن عباس أنه ابن عمه ، وهو قارون ابن يصهر بن قاهث ، جد موسى ، لأن النسابين ذكروا نسبة كذلك ، وكان يسمى المنور لحسن صورته ، وكان أحفظ بني إسرائيل للتوراة وأقرأهم ، فنافق كما نافق السامري .
{ فبغى عليهم } : ذكروا من أنواع بغيه الكفر والكبر ، وحسده لموسى على النبوة ، ولهارون على الذبح والقربان ، وظلمه لبني إسرائيل حين ملكه فرعون عليهم ، ودسه بغياً تكذب على موسى أنه تعرض لها ، وتفضحه بذلك في ملأ من بني إسرائيل ، ومن تكبره أن زاد في ثيابه شبراً .
{ وآتيناه من الكنوز } ، قيل : أظفره الله بكنز من كنوز يوسف عليه السلام .
وقيل : سميت أمواله كنوزاً ، إذ كان ممتنعاً من أداء الزكاة ، وبسبب ذلك عادى موسى عليه السلام أول عداوته .
وما موصوله ، صلتها إن ومعمولاها .
وقال النحاس : سمعت علي بن سليمان ، يعني الأخفش الصغير ، يقول : ما أقبح ما يقوله الكوفيون في الصلات ، أنه لا يجوز أن تكون صلة الذي إن وما عملت فيه ، وفي القرآن : { ما إن مفاتحه } . انتهى .
وتقدم الكلام في مفاتح في سورة الأنعام ، وقالوا هنا : مقاليد خزائنه .
وقال السدي : هي الخزائن نفسها .
وقرأ الأعمش : مفاتيحه ، بياء ، جمع مفتاح ، وذكروا من كثرة مفاتحه ما هو كذب ، أو يقارب الكذب ، فلم أكتبه .
قال أبو زيد : نؤت بالعمل إذا نهضت به .
إذا وجدنا خلفاً بئس الخلف *** عبداً إذا ما ناء بالحمل وقف
ويقول : ناء ينوء ، إذا نهض بثقل .
تنوء بأحراها فلأياً قيامها *** وتمشي الهوينا عن قريب فتبهر
وقال أبو عبيدة : هو مقلوب وأصله : لتنوء بها العصبة ، أي تنهض ، والقلب عند أصحابنا بابه الشعر .
والصحيح أن الباء للتعدية ، أي لتنيء العصبة ، كما تقول : ذهبت به وأذهبته ، وجئت به وأجأته .
ونقل هذا عن الخليل وسيبويه والفراء ، واختاره النحاس ، وروي معناه عن ابن عباس وأبي صالح والسدي ، وتقول العرب : ناء الحمل بالبعير إذا أثقله .
قال ابن عطية : ويمكن أن يسند تنوء إلى المفاتح ، لأنها تنهض بتحامل إذا فعل ذلك الذي ينهض بها ، وذا مطرد في ناء الحمل بالبعير ونحوه ، فتأمله .
وقرأ بديل بن ميسرة : لينوء ، بالياء ، وتذكيره راعى المضاف المحذوف ، التقدير : ما إن حمل مفاتحه ، أو مقدارها ، أو نحو ذلك .
وقال الزمخشري : ووجهه أن يفسر المفاتح بالخزائن ، ويعطيها حكم ما أضيف إليه للملابسة والإيصال ، كقوله : ذهبت أهل اليمامة . انتهى .
يعني : أنه اكتسب المفاتح التذكير من الضمير الذي لقارون ، كما اكتسب أهل التأنيث من إضافته إلى اليمامة ، فقيل فيه ، ذهبت .
وذكر أبو عمرو الداني أن بديل بن ميسرة قرأ : ما إن مفتاحه ، على الإفراد ، فلا تحتاج قراءته لينوء بالياء إلى تأويل .
وتقدم تفسير العصبة في سورة يوسف عليه السلام .
وتقدم قبل تفسير المفاتح ، أهي المقاليد ، أو الخزائن نفسها ، أو الظروف والأوعية ؟ وعن ابن عباس والحسن : أن المفاتح هي الأموال .
قال ابن عباس : كانت خزائنه تحملها أربعون أقوياء ، وكانت أربعمائة ألف ، يحمل كل رجل عشرة آلاف .
وقال أبو مسلم : المراد من المفاتح : العلم والإحاطة ، كقوله تعالى : { وعنده مفاتح الغيب } والمراد : وآتيناه من الكنوز ، ما إن حفظها والإطلاع عليها ليثقل على العصبة ، أي هذه الكنوز لكثرتها واختلاف أصنافها ، يتعب حفظها القائمين على حفظها .
{ إذ قال له قومه لا تفرح } : نهوه عن الفرح المطغى الذي هو إنهماك وإنحلال نفس وأشر وإعجاب ، وإنما يفرح بإقبال الدنيا عليه من اطمأن إليها وغفل عن أمر الآخرة ، ومن جعل أنه مفارق زهرة الدنيا عن قريب ، فلا يفرح بها .
أشد الغم عندي في سرور *** تيقن عنه صاحبه انتقالا
قال الزمخشري : ومحل إذ منصوب بتنوء .
انتهى ، وهذا ضعيف جداً ، لأن إثقال المفاتح العصبة ليس مقيداً بوقت قول قومه له : { لا تفرح } .
وقال ابن عطية : متعلق بقوله : { فبغى عليهم } ، وهو ضعيف أيضاً ، لأن بغيه عليهم لم يكن مقيداً بذلك الوقت .
وقال الحوفي : الناصب له محذوف تقديره أذكر .
وقال أبو البقاء : { إذ قال له } ظرف لآتيناه ، وهو ضعيف أيضاً ، لأن الإيتاء لم يكن وقت ذلك القول .
وقال أيضاً : ويجوز أن يكون ظرفاً لفعل محذوف دل عليه الكلام ، أي بغى عليهم ، { إذ قال له قومه } . انتهى .
ويظهر أن يكون تقديره : فأظهر التفاخر والفرح بما أوتي من الكنوز ، { إذ قال له قومه } .
وقال تعالى : { ولا تفرحوا بما آتاكم } والعرب تمدح بترك الفرح عند إقبال الخير .
ولست بمفراح إذا الدهر سرني *** ولا جازع من صرفه المتحول
إن تلاق منفساً لا تلقنا . *** فرح الخير ولا نكبوا الضر
وقرىء : الفارحين ، حكاه عيسى بن سليمان الحجازى .
و { لا يحب } : صفة فعل ، لا صفة ذات ، بمعنى الإرادة ، لأن الفرح أمر قد وقع ، فالمعنى : لا يظهر عليهم بركته ، ولا يعمهم رحمته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.