ولما كان من {[53950]}آفات العبادة{[53951]} لا سيما الأمر والنهي - لتصورهما بصورة الاستعلاء - الإعجاب الداعي إلى الكبر ، قال محذراً من ذلك معبراً عن الكبر بلازمه ، لأن نفي الأعم نفي للأخص ، منبهاً على أن المطلوب في الأمر والنهي اللين لا الفظاظة والغلظة الحاملان على النفور{[53952]} : { ولا تصعر{[53953]} خدك } أي لا تمله معتمداً إمالته بإمالة العنق متكلفاً لها صرفاً عن الحالة القاصدة ، وأصل الصعر داء يصيب البعير يلوي منه عنقه ، وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي : تصاعر ، والمراد بالمفاعلة والتفعيل تعمد فعل ذلك لأجل الكبر حتى يصير خلقاً ، والمراد النهي عما يفعله المصعر من الكبر - والله أعلم .
ولما كان ذلك قد يكون لغرض من الأغراض التي لا تذم ، أشار إلى المقصود بقوله تعالى : { للناس } بلام{[53954]} العلة ، أي لا تفعل ذلك لأجل الإمالة عنهم ، وذلك لا يكون إلا تهاوناً بهم من الكبر ، بل أقبل عليهم بوجهك كله مستبشراً منبسطاً من غير كبر ولا علو ، {[53955]}وأتبع{[53956]} ذلك ما يلزمه فقال : { ولا تمش } ولما كان في أسلوب التواضع وذم الكبر ، ذكره بأن أصله تراب ، وهو لا يقدر أن يعدوه فقال : { في الأرض } وأوقع المصدر موقع الحال أو العلة فقال : { مرحاً } أي اختيالاً وتبختراً ، أي لا تكن{[53957]} منك هذه الحقيقة لأن ذلك مشي أشر وبطر وتكبر ، فهو جدير بأن يظلم صاحبه ويفحش ويبغي ، بل امش هوناً فإن ذلك يفضي بك{[53958]} إلى التواضع ، فتصل إلى كل خير ، فترفق بك الأرض إذا صرت فيها حقيقة بالكون في بطنها .
ولما كانت غاية ذلك الرياء للناس والفخر عليهم المثمر لبغضتهم الناشئة عن بغضة الله تعالى ، علله{[53959]} بقوله مؤكداً لأن كثيراً من الناس يظن أن أسباغ النعم الدنيوية من محبة الله : { إن الله } أي الذي لا ينبغي الكبر إلا له لما له من العظمة المطلقة . ولما كان حب الله الذي{[53960]} يلزمه حب الناس محبوباً للنفوس ، وكان فوات{[53961]} المحبوب أشق على النفوس من وقوع{[53962]} المحذور ، وكانت " لا " لا تدخل إلا على المضارع المستقبل قال : { لا يحب } أي فيما يستقبل من الزمان ، ولو قال " يبغض " لاحتمل التقييد بالحال ، ولما كان النشر المشوش أفصح لقرب الرجوع تدليا فيما ترقى فيه المقبل قال : { كل مختال } أي{[53963]} مراء للناس في مشيه تبختراً يرى له فضلاً على الناس فيشمخ بأنفه ، وذلك فعل المرح { فخور } يعدد مناقبه ، وذلك فعل المصعر ، لأن ذلك من الكبر الذي تردى به سبحانه وتعالى فمن نازعه إياه قصمه{[53964]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.