الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرٗا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (106)

وقوله سبحانه : { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ } [ النحل : 106 ] .

كبلالٍ وَعمَّارِ بنِ يَاسِرٍ وأمِّهِ وخَبَّابٍ وصُهَيْبٍ وأشباههم ممَّن كان يُؤْذَى في اللَّه سبحانه ، فربَّما سامَحَ بعضُهم بما أراد الكَفَّارُ من القَوْل لِمَا أصابه من تَعْذيبِ الكفرة ، فيروى : أنَّ عَمَّار بْنَ ياسِرٍ فعَلَ ذلك ، فاستثناه الله في هذه الآية ، وبقيَّة الرخْصَةِ عامَّة في الأمرْ بَعْده ، ويروى أن عمَّار بنَ ياسِرٍ شكَا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما صُنعَ به مِنَ العذاب ، وما سَامَحَ به من القولِ ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ » ، قالَ : أَجدُهُ مُطْمِئَناً بالإِيمَانِ ، قَالَ : ( فأجِبْهُمْ بِلِسَانِكَ ؛ فإِنَّهُ لا يَضُرُّكَ ، وإِن عادُوا فَعُدْ ) .

وقوله سبحانه : { ولكن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } ، معناه : انبسط إلى الكفر باختياره .

( ت ) : وقد ذكر ( ع ) هنا نَبَذاً من مسائِلِ الإِكراه ، تركْتُ ذلك خشية التطويل ، وإن محلُّ بسطها كُتُبُ الفقْهِ .