{ للملائكة } للخلق النورانيين سكان السماء جند الله المطيعين
{ جاعل } خالق . { خليفة } يخلف من كان قبله في الأرض
{ يسفك } يصب . { نسبح } ننزهك عما لا يليق بصفاتك .
{ نقدس } نعظمك ونمجدك ونطهر ذكرك عما لا يليق بك .
{ وإذ قال ربك } امتن الله تعالى بأن خلق علوي الكون وسفليه وسخره لنا ثم امتن بتكريمه لأبي البشر لآدم عليه السلام وتشريفه لكل بني جنسنا وإذ{[196]} قد تكون مسبوقة بجملة مقدرة أي : وابتدأ خلقكم إذا قال أو متعلقة بفعل محذوف ، تقديره : واذكر إذ قال ربك ، أو التقدير : واذكر وقت قول ربك{[197]} { للملائكة } جمع ملك والتاء للمبالغة كعلامة ونسابة .
{ إني جاعل في الأرض خليفة } : إني خالق في هذا الكوكب الأرضي من يخلف الذين كانوا قبل فيها أو خلقا يخلق بعضهم بعضا عن أبي مسعود وابن عباس وأهل التأويل أن المعنى بالخليفة هنا آدم- عليه السلام- وهو خليفة الله في إمضاء أحكامه وأوامره- هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة . . ودليلنا قول الله تعالى : { إني جاعل في الأرض خليفة } ، وقوله تعالى : { يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض . . . } {[198]} وقال : { وعد الله الذي آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض . . }{[199]} أي : يجعل منهم خلفاء . . واختلفت فيما يكون به الإمام إماما وذلك ثلاث طرق أحدهما النص ، . . فإذا نص المستخلف على واحد معين كما فعل الصديق أو على جماعة كما فعل عمر وهو الطريق الثاني ويكون التخيير إليهم في تعيين واحد منهم كما فعل الصحابة رضي الله عنهم في تعيين عثمان ابن عفان رضي الله عنه ، الطريق الثالث إجماع أهل الحل والعقد . . . شرائط الإمام . . . أحد عشر-{[200]} .
{ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويفسد الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } نقل ابن جرير ؛ وقال بعضهم : إنما قالت الملائكة ما قالت { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } لأن الله أذن لهم في السؤال عن ذلك بعد ما أخبرهم أن ذلك كائن من بني آدم فسألتهم الملائكة فقالت على التعجب منها : فكيف يعصونك يا رب وأنت خالقهم ؟ فأجابهم ربهم : { إني أعلم ما لا تعلمون } يعني أن ذلك كائن منهم . . . قال ، وقال بعضهم ذلك من الملائكة على وجه الاسترشاد عما لم يعلموا من ذلك فكأنهم قالوا يا رب اخبرنا – مسألة اختبار منهم لا على وجه الإنكار- واختاره ابن جرير لما أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقا وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون فيها فقالوا : { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } ؟ فإذا كان المراد عبادك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك أي نصلي لك ولا يصدر منا شيء من ذلك وهلا وقع الاقتصار علينا ؟ قال الله تعالى مجيبا لهم عن هذا السؤال { إني أعلم ما لا تعلمون } أي إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد الذي ذكرتموها مالا تعلمون أنتم ، فإني سأجعل فيهم الأنبياء وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى ، المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم جميعا –{[201]}قال ابن جرير : التقديس هو التعظيم والتطهير ومنه . . . سبوح قدوس ، . . : تنزيه له : . . قدوس : طهارة وتعظيم ، وكذلك قيل للأرض مقدسة يعني . . المطهرة فمعنى قول الملائكة : ونحن نسبح بحمدك ننزهك ونبرؤك مما يضيفه إليك أهل الشرك بك { ونقدس لك } ننسبك إلى من هو من صفاتك من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك ، روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي الكلام أفضل ؟ ( قال ما اصطفى الله لملائكته : سبحان الله وبحمده ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.