فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (134)

{ الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين } : من صفات المتقين الموعودين بجنات النعيم أنهم أهل بر ورحمة وخلق كريم فهم ينفقون في اليسر والعسر ويبذلون ويجودون في الرخاء والشدة ويصلون ويتصدقون مما قل من المال أو كثر والبشرى لهم من الله الذي لا يخلف الميعاد { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون }{[1140]} وروى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال : جاء رجل بناقة مخطومة فقال يا رسول الله هذه في سبيل الله فقال ( لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة ) .

{ والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس } : يسكتون على ما يغيظهم ولا يظهرونه بقول ولا بفعل بل يردون غضبهم ويكفون عن إمضائه وإذا أسيء إليهم قابلوا إساءة المسيء بالإحسان إليه . ونقل عن الحسن : يقال يوم القيامة : ليقم من كان له على الله من أجر فما يقوم إلا إنسان عفا ثم قرأ هذه الآية { والعافين عن الناس . . } وهذا كقول الحق سبحانه { . . وإذا ما غضبوا هم يغفرون }{[1141]} وقوله تبارك اسمه { ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يأتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا . . }{[1142]} .

{ والله يحب المحسنين } – و( ال ) إما للجنس والمذكورون داخلون فيه دخولا أوليا وإما للعهد . . . الإحسان الذي هو الإتيان بالأعمال على الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأن ( تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك )- {[1143]} .


[1140]:من سورة البقرة الآية274.
[1141]:من سورة الشورى من الآية 37.
[1142]:من سورة النور من الآية 22.
[1143]:من روح المعاني.