فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَإِذَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَٰذِهِۦۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓۗ أَلَآ إِنَّمَا طَـٰٓئِرُهُمۡ عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (131)

{ فَإِذَا جَاءتْهُمُ الحسنة } من الخصب والرخاء { قَالُواْ لَنَا هذه } أي هذه مختصة بنا ونحن مستحقوها ولم نزل في النعمة والرفاهية ، واللام مثلها في قولك . الجل للفرس { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } من ضيقة وجدب { يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ } يتطيروا بهم ويتشاءموا ويقولوا : هذه بشؤمهم ، ولولا مكانهم لما أصابتنا ، كما قالت الكفرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذه من عندك . فإن قلت : كيف قيل فإذا جاءتهم الحسنة بإذا وتعريف الحسنة ، وإن تصبهم سيئة بإن وتنكير السيئة ؟ قلت : لأنّ جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته واتساعه . وأمّا السيئة فلا تقع إلاّ في الندرة ، ولا يقع إلاّ شيء منها . ومنه قول بعضهم : قد عددت أيام البلاء ، فهل عددت أيام الرخاء { طَائِرُهُمْ عِندَ الله } أي سبب خيرهم وشرهم عند الله ، وهو حكمه ومشيئته ، والله هو الذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسيئة ، وليس شؤم أحد ولا يمنه بسبب فيه ، كقوله تعالى : { قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ الله } [ النساء : 78 ] ويجوز أن يكون معناه : ألا إنما سبب شؤمهم عند الله وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجري عليهم ما يسوءهم لأجله ، ويعاقبون له بعد موتهم بما وعدهم الله في قوله سبحانه : { النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } [ غافر : 46 ] الآية . ولا طائر أشأم من هذا . وقرأ الحسن : «إنما طيركم عند الله » ، وهو اسم لجمع طائر غير تكسير ، ونظيره : التجر ، والركب . وعند أبي الحسن : هو تكسير .