وهي مكية ، قاله ابن عباس والجمهور ، وقيل : إنها مدنية ، قاله الحسن وعكرمة وقتادة . وهي ثلاث آيات ، وعشر كلمات ، واثنان وأربعون حرفا .
قوله عزّ وجلّ : { إنا أعطيناك الكوثر } نهر في الجنة أعطاه الله محمداً صلى الله عليه وسلم . وقيل : الكوثر القرآن العظيم . وقيل : هو النّبوة ، والكتاب ، والحكمة . وقيل : هو كثرة أتباعه ، وأمته . وقيل : الكوثر الخير الكثير كما فسره ابن عباس . ( خ ) عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه . قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير : إن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنة ، فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه . وأصل الكوثر فوعل من الكثرة ، والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد أو كثير القدر والخطر كوثراً . وقيل : الكوثر الفضائل الكثيرة التي فضل بها على جميع الخلق ، فجميع ما جاء في تفسير الكوثر فقد أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم : أعطي النبوة ، والكتاب ، والحكمة ، والعلم ، والشفاعة ، والحوض المورود ، والمقام المحمود ، وكثرة الأتباع ، والإسلام ، وإظهاره على الأديان كلها ، والنّصر على الأعداء ، وكثرة الفتوح في زمنه وبعده إلى يوم القيامة .
وأولى الأقاويل في الكوثر الذي عليه جمهور العلماء ، أنه نهر في الجنة كما جاء مبيناً في الحديث ( ق ) عن أنس قال : " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءه ثم رفع رأسه متبسماً ، فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : " أنزلت عليَّ آنفاً سورة " ، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم { إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر } ، ثم قال : " أتدرون ما الكوثر ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي عزّ وجلّ ، فيه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة . آنيته عدد نجوم السماء ، فيختلج العبد منهم ، فأقول : رب إنه من أمتي . فيقول : ما تدري ما أحدث بعدك " . لفظ مسلم وللبخاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما عرج بي إلى السّماء أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، فقلت ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، فإذا طينه -أو طينته- مسك أذفر " شك الراوي . عن أنس رضي الله عنه قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم :ما الكوثر ؟ قال : ذلك نهر أعطانيه الله -يعني في الجنة- أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طير أعناقها كأعناق الجزور ، قال عمر : إن هذه لناعمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكلتها أنعم منها " أخرجه التّرمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، ومجراه على الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ، وماؤه أحلى من العسل ، وأبيض من الثلج " أخرجه التّرمذي ، وقال حديث حسن صحيح . ( خ ) " عن عامر بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال : سألت عائشة عن قوله تعالى { إنا أعطيناك الكوثر } ، فقالت : الكوثر نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم ، شاطئاه در مجوف ، آنيته كعدد نجوم السماء " . ( ق ) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حوضي مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، من شرب منها لا يظمأ أبداً " ، زاد في رواية " وزواياه سواء " . ( ق ) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أمامكم حوضي ما بين جنبيه كما بين جربا وأذرح " ، قال بعض الرواة هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاثة أيام ، وفي رواية " فيه أباريق كنجوم السّماء ، من ورده فشرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً " . ( ق ) عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما بين ناحيتي -وفي رواية لابتي- حوضي كما بين صنعاء والمدينة " ، وفي رواية " مثل ما بين المدينة وعمان " ، وفي رواية قال : " إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن ، وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء " . ( م ) عن أبي ذر رضي الله عنه قال : " قلت : يا رسول الله ، ما آنية الحوض ؟ قال : والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها ، ألا في الليلة المظلمة المصحية آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ ، آخر ما عليه يشخب فيه ميزابان من الجنة من شرب منه لم يظمأ ، عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل " . ( م ) عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي ، أي حتى يرفض عليهم ، فسئل عن عرضه فقال : " من مقامي إلى عمان " ، وسئل عن شرابه فقال : " أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، يغت فيه ميزابان يمدانه من الجنة ، أحدهما : من ذهب ، والآخر من الورق " ( ق ) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن إلي رجال منكم ، حتى إذا أهويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي ربي أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " . ( ق ) عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال : ليردن عليَّ الحوض رجال ممن صاحبني ، حتى إذا رفعوا إليّ اختلجوا دوني ، فلأقولن : أي رب أصحابي أصحابي ، فليقالن لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " ، وفي رواية " يردن عليَّ ناس من أمتي الحديث " ، وفي آخره " فأقول سحقاً لمن بدل بعدي " . ( ق ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يرد عليَّ يوم القيامة رهطان من أصحاب- أو قال من أمتي- فيجلون عن الحوض ، فأقول : رب أصحابي ، فيقول : إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك . إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى " ، ولمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ترد عليَّ أمتي الحوض ، وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله . قالوا : أيا نبي الله تعرفنا ؟ قال : نعم ، لكم سيما ليست لأحد غيركم ، تردون علي غرّاً محجلين من آثار الوضوء ، وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون إليّ ، فأقول : يا رب هؤلاء من أصحابي ، فيجيبني ملك فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟ " . ( ق ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لأذودن رجالاً عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض " . ( م ) عن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن حوضي لأبعد من أيلة إلى عدن ، والذي نفسي بيده لأذودن عنه الرجل كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن إبله . قالوا : يا رسول الله وتعرفنا ؟ قال : نعم ، تردون على غرّاً محجلين من آثار الوضوء ، ليس لأحد غيركم " . عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلاً فقال : ما أنتم إلا جزء من مائة ألف جزء ممن يرد على الحوض ، قيل : كم كنتم يومئذ ؟ قال : سبعمائة أو ثمانمائة " أخرجه أبو داود .
( فصل في شرح هذه الأحاديث وذكر ما يتعلق بالحوض ) :
قال الشّيخ محيي الدّين النّووي : قال القاضي عياض : أحاديث الحوض صحيحة ، والإيمان به فرض ، والتصديق به من الإيمان ، وهو على ظاهره عند أهل السنة ، والجماعة لا يتأول ، ولا يختلف فيه ، وحديثه متواتر النقل ، رواه الخلائق من الصحابة ، فذكره مسلم من رواية ابن عمر ، وأبي سعيد ، وسهل بن سعد ، وجندب بن عبد الله ، وعبد الله بن عمر ، وعائشة ، وأم سلمة ، وعقبة بن عامر ، وابن مسعود ، وحذيفة ، وحارثة بن وهب ، والمستورد ، وأبي ذر ، وثوبان ، وأنس ، وجابر بن سمرة ، ورواه غير مسلم من رواية أبي بكر الصّديق ، وزيد بن أرقم ، وأبي أمامة ، وعبد الله بن زيد ، وأبي برزة ، وسويد بن حبلة ، وعبد الله بن الصنابحي ، والبراء بن عازب ، وأسماء بنت أبي بكر الصّديق ، وخولة بنت قيس ، وغيرهم . قال الشيخ محيي الدّين : ورواه البخاري ومسلم أيضاً من رواية أبي هريرة ، ورواه غيرهما من رواية عمر بن الخطاب ، وعائذ بن عمرو ، وآخرين ، وقد جمع ذلك كله الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه " البعث والنشور " بأسانيده وطرقه المتكاثرة . قلت : وقد اتفقا على إخراج حديث الحوض عن جماعة ممن تقدم ذكرهم من الصّحابة على ما سبق ذكره في الأحاديث ، وفيه بيان ما اتفقا عليه ، وانفرد به كل واحد منهما ، وأخرجا أيضاً حديث الحوض عن أسماء بنت أبي بكر الصّديق ، وذكرها القاضي عياض فيمن خرج له في غير الصحيحين . قال القاضي عياض : وفي بعض هذا ما يقتضي كون الحديث متواتراً ، وأما صفة الحوض ومقداره ، فقد قال في رواية : " حوضي مسيرة شهر " ، وفي رواية : " ما بين جنبيه كما بين جرباء ، وأذرح " ، وفي رواية : " كما بين أيلة ، وصنعاء اليمن " ، وفي رواية : " عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة " ، وفي رواية : " إن حوضي لأبعد من أيلة إلى عدن " ، فهذا الاختلاف في هذه الروايات في قدر الحوض ليس موجباً للاضطراب فيها ؛ لأنه لم يأت في حديث واحد ؛ بل في أحاديث مختلفة الرواة ، عن جماعات من الصّحابة سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن مختلفة ، ضربها النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لبعد أقطار الحوض وسعته ، وقرب ذلك على أفهام السامعين لبعد ما بين هذه البلاد المذكورة ، لا على التقدير الموضوع للتحديد ؛ بل لإعلام السامعين عظم بعد المسافة وسعة الحوض ، وليس في ذكر القليل من هذه المسافة منع من الكثير ، فإن الكثير ثابت على ظاهره ، وصحت الرواية به ، والقليل داخل فيه فلا معارضة ، ولا منافاة بينهما ، وكذلك القول في آنية الحوض من أن العدد المذكور في الأحاديث على ظاهره ، وأنها أكثر عدداً من نجوم السّماء ، ولا مانع يمنع من ذلك ، إذ قد وردت الأحاديث الصّحيحة الثّابتة بذلك ، وكذلك القول في الواردين إلى الحوض الشّاربين منه ، وكثرتهم وقوله صلى الله عليه وسلم : " ما أنتم إلا جزء من مائة ألف جزء ممن يرد الحوض " ، لم يرد به الحصر بهذا العدد المذكور ، وإنما ضربه مثلاً لأكثر العدد المعروف للسّامعين ، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم " من ورد شرب منه " ، فهذا صريح في أن جميع الواردين يشربون ، وإنما يمنع منه الذين يزدادون ، ويمنعون الورود لارتدادهم ، وتبديلهم ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " فيختلج العبد منهم فأقول : رب إنه من أمتي ، فيقول : ما تدري ما أحدث بعدك " ، وفي رواية " وليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " ، ونحو هذا من الروايات المذكورة في الأحاديث السابقة ، وهذا مما اختلف العلماء في معناه ، وفي المراد به منهم ، فقيل : المراد بهم المنافقون والمرتدون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيحتمل أنهم إذا حشروا عرفهم النبي صلى الله عليه وسلم للسيما التي عليهم فيناديهم ، فيقال : له ليس هؤلاء ممن وعدت بهم ، إنهم قد بدلوا بعدك ، أي لم يكونوا على ما ظهر من إسلامهم ، وقيل : المراد بهم من أسلموا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ارتدوا بعده في زمن أبي بكر الصّديق ، وهم الذين قاتلهم على الردة ، وهم أصحاب مسيلمة الكذاب ، فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يعرفه من إيمانهم في حياته ، فيقال له : قد ارتدوا بعدك ، وقيل : المراد بهم أصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام ، وأصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التّوحيد ، ولم يتوبوا من بدعتهم ومعاصيهم ، فعلى هذا القول لا يقطع لهؤلاء المطرودين عن الحوض بالنّار ؛ بل يجوز أن يزادوا عنه عقوبة لهم ، ثم يرحمهم الله ، فيدخلهم الجنة من غير عذاب . وقال ابن عبد البر : كل من أحدث في الدين كالخوارج والروافض وسائر أصحاب الأهواء فهو من المطرودين عن الحوض . قال : وكذلك الظلمة المسرفون في الجور ، وغمط الحق ، والمعلنون بالكبائر ، فكل هؤلاء يخاف أن يكونوا ممن عنى بهذا الحديث . وقوله : " من شرب منه لم يظمأ أبداً " قال القاضي عياض : ظاهر هذا الحديث أن الشرب منه يكون بعد الحساب ، والنجاة من النار ، ويحتمل أن من شرب منه من هذه الأمة وقدر عليه دخول النار لا يعذب فيها بالظمأ ؛ بل يكون عذابه بغير ذلك ؛ لأن ظاهر الحديث أن جميع الأمة تشرب منه إلا من ارتد وصار كافراً . وقيل : إن جميع المؤمنين يأخذون كتبهم بأيمانهم ، ثم يعذب الله من شاء من عصاتهم . وقيل : إنما يأخذ بيمينه الناجون منهم خاصة ، والشرب من الحوض مثله .
قوله : " فيختلج العبد منهم " ، أي ينتزع ويجذب منهم .
قوله : " ما بين جنبيه كما بين جربا وأذرح " ، أما جربا فبجيم ثم راء ساكنة ثم باء موحدة ثم ألف مقصورة ، ووقع عند بعض رواة البخاري فيها المد ، والقصر أولى ، وهي قرية من الشام ، وأما أذرح فبهمزة ثم ذال معجمة ثم راء ثم حاء مهملة ، وهي في طرف الشام قريب من الشّوبك ، وأما عمان فبفتح العين وتشديد الميم بليدة بالبلقاء من أرض الشّام ، وأما أيلياء فبفتح الهمزة وإسكان المثناة تحت وفتح اللام : مدينة معروفة في طرف الشام على ساحل البحر ، متوسطة بين دمشق ومصر ، بينها وبين المدينة نحو خمس عشرة مرحلة ، وبينها وبين مصر ثماني مراحل ، وإلى دمشق اثنا عشر مرحلة ، وهي آخر الحجاز وأول الشّام ، وأما صنعاء فهي قاعدة اليمن ، وأكبر مدنه ، وإنما قيد باليمن في الحديث ؛ لأن بدمشق موضعاً يعرف بصنعاء دمشق ، وقد تقدم الكلام على اختلاف هذه المسافات والجمع بين رواتها .
قوله : " يشخب فيه ميزابان " هو بفتح الياء المثناة تحت وبالشين والخاء المعجمتين ، أي يسيل فيه ، وفي الحديث الآخر " يغت " بفتح الياء وبالغين المعجمة وكسرها ، وتشديد التاء المثناة فوق ، أي يدفق منه ميزابان تدفقاً شديداً متتابعاً .
قوله : " إني لبعقر حوضي " هو بضم العين المهملة ، وإسكان القاف ، وهو موقف الإبل من الحوض إذا وردته للشرب ، وقيل : هو مؤخر الحوض .
قوله : " أذود الناس ، أي أضرب الناس لأهل اليمن بعصاي حتى يرفض عليهم " ، معناه أطرد الناس عنه غير أهل اليمن ، ومعنى يرفض أي يسيل عليهم ، وفيه منقبة عظيمة لأهل اليمن .
قوله : " أنا فرطكم على الحوض " الفرط بفتح الفاء والراء هو الذي يتقدم على الواردين ليصلح لهم الحياض والدّلاء ونحوها من آلات الاستقاء ، والمعنى أنا سابقكم على الحوض كالمهيئ له .
قوله : " سحقاً : ، أي بعداً وفيه دليل لمن قال : إنهم أهل الردة ؛ إذ لا يقال للمؤمن : سحقاً ؛ بل يشفع . قلت : في حديث أنس الأول دليل لمن يقول : إن سورة الكوثر مدنية ، وهو الأظهر ، لقوله : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا إذا أغفى إغفاءة ، يعني نام نومة ثم رفع رأسه متبسماً ، والله أعلم .