{ الكوثر } الخير الكثير{[13837]} .
{ إنا أعطيناك الكوثر ( 1 ) فصل لربك وانحر ( 2 ) إن شانئك هو الأبتر ( 3 ) }
في صحيح مسلم عن أنس قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أغفى إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسما ؛ فقلنا : ما أضحك يا رسول الله ؟ قال : " نزلت علي آنفا سورة ، فقرأ : { بسم الله الرحمان الرحيم : إنا أعطيناك الكوثر( 1 ) فصل لربك وانحر( 2 ) إن شانئك هو الأبتر( 3 ) } ثم قال : " أتدرون ما الكوثر " ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ؛ قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل ، عليه خير كثير . هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم ، فيختلج العبد منهم فأقول : إنه من أمتي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدث بعدك " { فصل لربك وانحر } فأقم الصلاة ، وانحر{[13838]} نسكك ؛ قال ابن العربي : أما من قال : إن المراد بقوله تعالى : { فصل } الصلوات الخمس ؛ فلأنها ركن العبادات ، وقاعدة الإسلام ، وأعظم دعائم الدين ؛ وأما من قال : إنها صلاة الصبح بالمزدلفة ؛ فلأنها مقرونة بالنحر وهو في ذلك اليوم ، ولا صلاة فيه قبل النحر غيرها ، فخصها بالذكر . . . لاقترانها بالنحر . اه .
{ إن شانئك هو الأبتر } إن مبغض نبينا هو الذي انقطع خيره وطمس ذكره ، أما خاتم رسلنا فهو الذي آتيناه أبرك الخير ، وأرفع الذكر في الدنيا والآخرة [ و لا يشكل ذلك بمن كان يبغضه عليه الصلاة والسلام قبل الإيمان من أكابر الصحابة رضي الله تعالى عنهم ثم هداه الله تعالى للإيمان . . فكان صلى الله تعالى عليه وسلم أحب إليه من نفسه ، وأعز عليه من روحه ، ولم يكن أبتر ، لما أن الحكم على المشتق يفيد علية مأخذه ، فيفيد الكلام أن الأبترية معللة بالبغض فتدور معه ؛ وقد زال في أولئك الأكابر رضي الله تعالى عنهم . . . وفي التعبير بالأبتر دون المبتور –على ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- ما لا يخفى من المبالغة ؛ وعمم الشيخ – عليه الرحمة- كلا من جزأي الجملة فقال : إنه سبحانه يبتر شانئ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل خير ، فيبتر أهله وماله ، فيخسر ذلك في الآخرة ، ويبتر حياته فلا ينتفع بها ، ولا يتزود فيها صالحا لمعاده . . . ]{[13839]} ؛ وأورد صاحب جامع البيان أقوالا تتحدث عن سبب نزولها وفيمن نزلت ، ومن هو شانئه ؛ ثم قال : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أن مبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأقل الأذل المنقطع عقبه ، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس ، وإن كان الآية نزلت في شخص بعينه . اه . والله تعالى أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.