{ أَن يُذْكَرَ } ثاني مفعولي منع . لأنك تقول : منعته كذا . ومثله { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ } [ الاسراء : 59 ] ، { وَمَا مَنَعَ الناس أَن يُؤْمِنُواْ } [ الاسراء : 94 ] ويجوز أن يحذف حرف الجر مع أن ، ولك أن تنصبه مفعولاً له بمعنى كراهة أن يذكر ، وهو حكم عام لجنس مساجد الله ، وأن مانعها من ذكر الله مفرط في الظلم ، والسبب فيه أن النصارى كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه ، وأن الروم غزوا أهله فخربوه وأحرقوا التوراة وقتلوا وسبوا . وقيل : أراد به منع المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل المسجد الحرام عام الحديبية .
فإن قلت : فكيف قيل مساجد الله وإنما وقع المنع والتخريب على مسجد واحد وهو بيت المقدس أو المسجد الحرام ؟ قلت : لا بأس أن يجيء الحكم عاماً وإن كان السبب خاصاً ، كما تقول لمن آذى صالحاً واحداً : ومن أظلم ممن آذى الصالحين . وكما قال الله عز وجل : { وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } [ الهمزة : 1 ] والمنزول فيه الأخنس بن شريق { وسعى فِى خَرَابِهَا } بانقطاع الذكر أو بتخريب البنيان . وينبغي أن يراد ب «من » منع العموم كما أريد بمساجد الله ، ولا يراد الذين منعوا بأعيانهم من أولئك النصارى أو المشركين { أولئك } المانعون { مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا } أي ما كان ينبغي لهم أن يدخلوا مساجد الله { إِلاَّ خَائِفِينَ } على حال التهيب وارتعاد الفرائص من المؤمنين أن يبطشوا بهم ، فضلاً أن يستولوا عليها ويلوها ويمنعوا المؤمنين منها . والمعنى ما كان الحق والواجب إلا ذلك لولا ظلم الكفرة وعتوّهم . وقيل : ما كان لهم في حكم الله ، يعني : أن الله قد حكم وكتب في اللوح أنه ينصر المؤمنين ويقوّيهم حتى لا يدخلوها إلا خائفين . روى : أنه لا يدخل بيت المقدس أحد من النصارى إلا متنكراً مسارقة . وقال قتادة : لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلا أنهك ضرباً وأبلغ إليه في العقوبة . وقيل : نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا لا يحجنّ بعد هذاالعام مشرك ، ولا يطوفنّ بالبيت عُريان " وقرأ أبو عبد الله : «إلا خيفاً » ، وهو مثل صيم . وقد اختلف الفقهاء في دخول الكافر المسجد : فجوّزه أبو حنيفة رحمه الله ، ولم يجوزه مالك ، وفرق الشافعي بين المسجد الحرام وغيره . وقيل : معناه النهي عن تمكينهم من الدخول والتخلية بينهم وبينه ، كقوله : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله } [ الاحزاب : 53 ] { خِزْىٌ } قتلٌ وسبيٌ ، أو ذلة بضرب الجزية . وقيل : فتح مدائنهم قسطنطينية ورومية وعمورية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.