جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن يَدۡخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (114)

{ ومن أظلم ممن{[186]} مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن {[187]} يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا } ، عام لكل من خرب مسجدا ، وإن كان سبب نزوله منع المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل مكة ويحج عام الحديبية ، وأي خراب أعظم مما فعلوا من إخراج المسلمين واستحواذهم بالأصنام ، أو نزلت {[188]} في الروم خبروا بيت المقدس ، { أُوْلَئِكَ } : المانعون ، { مَا كَانَ لَهُمْ {[189]} أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ } ، خبر معناه الطلب لا تمكنوهم {[190]} من دخولها إلا تحت هدنة أو جزية ، أو بشارة للمسلمين أنه سيكون كذلك ، أو ما كان ينبغي أن يدخلوها إلا خاشعين فضلا أن يخربوا ، أو ليس الحق أن يدخلوا إلا خائفين عن المسلمين فضلا من أن يمنعوهم منها ، { لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } : قتل وسبي أو جزية ، { وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }


[186]:[هذا كما تقول لمن آذى صالحاً واحداً: من أظلم ممن آذى الصالحين/12
[187]:قوله: "أن يذكر"، أي: من أن يذكر بحذف من وقيل بدل اشتمال من مساجد الله ولا تناقض بين قوله هذا وبين قوله: "فمن أظلم ممن افترى على الله" (الأنعام:144، الأعراف: 37، يونس: 17)، وقوله: "ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها" (السجدة: 22)، لأن معناه هؤلاء أظلم ولا يدل على أن أحدهم أظلم من الآخر، بل كلهم مساو في الأظلمية/12 منه
[188]:ولهذا نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح ألا لا يحج بعد العام مشرك ومن كان له أجل فأجله إلى مدته/12 منه
[189]:ما كان لهم في علم الله وقضائه أن يدخلوها إلا خائفين وقد أنجز وعده/12 منه
[190]:الأول قول سعيد بن جبير عن ابن عباس وكأنه أرجح، لأن القول الثاني وهو قول العوفي عن ابن عباس وقول عكرمة ومجاهد والسدي أن النصارى أخرجوا اليهود ومنعوهم عن الصلاة في بيت المقدس، اليهود إذ ذاك غير مقبولة لأنهم لعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم وذلك بما عصوا وكانوا يعتدون/12 منه