{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مساجد الله } ، قال في رواية الكلبي معناه ومن أكفر . وقال بعضهم : هذا التفسير غير سديد ، لأن الكفر كله سواء . ولكن معنى قول الكلبي ومن أكفر يعني من أشد في كفره ، لأن الكفار وإن كانوا كلهم في الكفر سواء ، فربما يكون بعضهم في كفره أشد شراً من غيره . قال الكلبي : نزلت هذه الآية في شأن ططوس بن أسفيانوس الرومي ، حيث خرب بيت المقدس وألقى فيه الجيفة ، فكان خراباً إلى زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك قوله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مساجد الله أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسمه وسعى فِى خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا } ، فلم يدخلها بعد عمارتها رومي إلا خائفاً ومستخفياً لو علم أنه رومي قتل . قال قتادة : هم النصارى . وقال مجاهد : هم اليهود والنصارى ويقال : من أراد أن يكون ملكاً عليهم ، لا يمكنه ذلك ما لم يكن دخل مسجد بيت المقدس ، فيجيء ويدخله مستخفياً .
ثم قال عز وجل : { لَهُمْ فِى الدنيا خِزْيٌ } ، أي بفتح مدائنهم الثلاثة قسطنطينة وعمورية وأرمينية . وقال بعضهم : لنزول هذه الآية سبب آخر ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج عام الحديبية إلى مكة ، ومنعه أهل مكة فرجع ، ولم يدخلها في تلك السنة ، فنزلت هذه الآية : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مساجد الله أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسمه وسعى فِى خَرَابِهَا } ، أي سعى ومنع المسلمين عن الصلاة ، وذكر الله فيها لأن عمارة المسجد بالصلاة ، وذكر الله فيها وخرابها في ترك ذلك . { أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ } بعد فتح مكة ، فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا إلا خائفين ، { لَهُمْ فِى الدنيا خِزْيٌ } وهو فتح مكة ، { وَلَهُمْ فِى الآخرة عَذَابٌ عَظِيمٌ } لمن مات على كفره وقتل . وروى الزجاج عن بعض أهل العلم قال : نزلت في شأن جميع الكفار ، لأن الكفار كانوا يقاتلون المسلمين ويمنعونهم من الصلاة ، فقد منعوا المسلمين من الصلاة في جميع المساجد ، لأن الأرض كلها جعلت مسجداً وطهوراً . ومعناه ومن أظلم ممن خالف ملة الإسلام ؟ قال : ومعنى قوله { أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ } ، يعني دار الإسلام ولهم في الدنيا خزي وظهور الإسلام على سائر الأديان لقوله تعالى : { هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المشركون } [ التوبة : 33 وغيرها ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.