التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٞ يُصَلِّي فِي ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحۡيَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدٗا وَحَصُورٗا وَنَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (39)

فاستجاب الله الدعاء ، وبيان ذلك أن الملائكة نادته خطابا فأسمعته وهو قائم في محراب عبادته يصلي تحمل له البشرى ( أن الله يبشرك بيحيى ) يبشرك من البشرى وهي ما يبشر به . استبشر : فرح وسر . والبشارة : الخبر السار لا يعمله المخبر . تبشر : فرح وتهلل{[459]} .

بشرت الملائكة زكريا بولد اسمه يحيى ( مصدقا بكلمة من الله ) يعني المسيح عيسى . وهو قول أكثر المفسرين . وسمي عيسى كلمة ؛ لأنه كان بكلمة الله تعالى التي هي " كن " فكان من غير أب . أما يحيى فهو أول من آمن بعيسى عليهما الصلاة والسلام ، وصدقه وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين . وقيل : بستة أشهر ، وكانا ابني خالة .

والظاهر في اسم يحيى أنه اسم أعجمي فلا يصرف كموسى وعيسى ، وقيل عربي من الحياة وسمي بذلك ؛ لأن الله أحياه بالإيمان .

قوله : ( وسيدا ) السيد الذي يسود قومه ويُنتهى إلى قوله . أي يفوقهم في الشرف . وقيل : الحليم . وجملة ذلك أنه الشريف في العلم والعبادة والتقى .

قوله : ( وحصورا ) من الحصر ، وهو الحبس . والحصور الذي لا يأتي النساء . وقيل : المانع نفسه من الشهوات . وقيل : كان معصوما من الذنوب . أي لا يأتيها كأنه حصور عنها .

قوله : ( ونبيا من الصالحين ) هذه بشارة أخرى بنبوة يحيى بعد البشارة الأولى بولادته وهي أعلى من الأولى{[460]} .


[459]:- المعدم الوسيط جـ 1 ص 58.
[460]:- تفسير الطبري جـ 3 ص 172- 174 وتفسير القرطبي جـ 4 ص 75- 78 وتفسير ابن كثير جـ 1 ص 361، 362 .