الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٞ يُصَلِّي فِي ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحۡيَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدٗا وَحَصُورٗا وَنَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (39)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي { فنادته الملائكة } قال : جبريل .

وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي حماد قال : في قراءة ابن مسعود ( ( فناداه جبريل وهو قائم يصلي في المحراب ) )

و أخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود قال : ذكروا الملائكة ثم تلا ( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ) ( النجم الآية 27 ) وكان يقرأها ( ( فناداه الملائكة ) ) .

وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ " فناداه الملائكة " بالتاء .

وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم قال : كان عبد الله يذكر الملائكة في القرآن .

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأ { فنادته الملائكة } بالتاء { إن الله } بنصب الألف { يبشرك } مثقلة .

قوله تعالى { وهو قائم يصلي } .

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ثابت قال : الصلاة خدمة الله في الأرض ، ولو علم الله شيئا أفضل من الصلاة ما قال { فنادته الملائكة وهو قائم يصلي } .

قوله تعالى : { في المحراب } .

أخرج عبد المنذر عن السدي . المحراب المصلى .

وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا هذه المذابح . يعني المحاريب " .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن موسى الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى " .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : اتقوا هذه المحاريب .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن أبي الجعد قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون : إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد . يعني الطاقات .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أي ذر قال : إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد .

وأخرج ابن أبي شيبة عن علي ، أنه كره الصلاة في الطاق .

وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم ، أنه كان يكره الصلاة في الطاق .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد ، أنه يكره المذابح في المساجد .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب ، أنه كره المذابح في المسجد .

وأخرج ابن جرير عن معاذ الكوفي قال : من قرأ { يبشر } مثقلة فإنه من البشارة ، ومن قرأ { يبشر } مخففة بنصب الباء فإنه من السرور .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : أن الملائكة شافهته بذلك مشافهة فبشرته بيحيى .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة { أن الله يبشرك بيحيى } قال : إنما سمي يحيى لأن الله أحياه بالإيمان .

وأخرج ابن عدي والدارقطني في الأفراد والبيهقي وابن عساكر عن ابن مسعود مرفوعا " خلق الله فرعون في بطن أمه كافرا ، وخلق يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا " .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { مصدقا بكلمة من الله } قال : عيسى ابن مريم ، والكلمة يعني تكون بكلمة من الله .

وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير عن مجاهد قال : قالت امرأة زكريا لمريم : إني أجد الذي في بطني يتحرك للذي في بطنك ، فوضعت امرأة زكريا يحيى عليه السلام ، ومريم عيسى عليه السلام . وذلك قوله { مصدقا بكلمة من الله } قال : يحيى مصدق بعيسى .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله { مصدقا بكلمة من الله } قال : كان يحيى أول من صدق بعيسى ، وشهد أنه كلمة من الله . قال : وكان يحيى ابن خالة عيسى ، وكان أكبر من عيسى .

وأخرج ابن جرير عن قتادة { مصدقا بكلمة من الله } يقول : مصدق بعيسى ، وعلى سنته ومنهاجه .

وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس { مصدقا بكلمة من الله } قال : كان عيسى ويحيى ابني خالة ، وكانت أم يحيى تقول لمريم : إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك ، فذلك تصديقه بعيسى سجوده في بطن أمه وهو أول من صدق بعيسى ، وكلمة عيسى . ويحيى أكبر من عيسى .

وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لقيت أم يحيى أم عيسى وهذه حامل بيحيى ، وهذه حامل بعيسى فقالت امرأة زكريا : إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك . فذلك قوله تعالى { مصدقا بكلمة من الله } .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس { وسيدا } قال : حليما تقيا .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : " السيد " الكريم على الله .

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن جرير عن عكرمة قال : " السيد " الذي لا يغلبه الغضب .

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال : " السيد " الفقيه العالم .

وأخرج أحمد في الزهد والخرائطي في مكارم الأخلاق عن الضحاك قال : " السيد " الحسن الخلق { والحصور } الذي حصر عن النساء .

وأخرج أحمد البيهقي في سننه عن مجاهد قال : ( الحصور ) الذي لا يأتي النساء .

وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه قال : نادى مناد من السماء إن يحيى بن زكريا سيد من ولدت النساء ، وإن جورجيس سيد الشهداء .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سعيد بن جبير قال : ( السيد ) الحليم و " الحصور " الذي لا يأتي النساء .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس في قوله { و سيدا وحصورا } قال : " السيد " الحليم و " الحصور " الذي لا يأتي النساء .

وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : " الحصور " الذي لا ينزل الماء .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال : " الحصور " الذي لا يقرب النساء . ولفظ ابن المنذر : العنين .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من عبد يلقى الله إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا ، فإن الله يقول : { وسيدا وحصورا } قال : وإنما كان ذكره مثل هدبة الثوب ، وأشار بأنملته " .

وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن أبي هريرة من وجه آخر عن ابن عمرو . موقوفا وهو أقوى إسنادا من المرفوع .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن أبي هريرة : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا يحيى بن زكريا ، فإنه كان { سيدا وحصورا ونبيا من الصالحين } ثم أهوى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قذاة من الأرض فأخذها وقال : كان ذكره مثل هذه القذاة " .

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربعة لعنوا في الدنيا والآخرة ، وأمنت الملائكة : رجل جعله الله ذكرا فأنث نفسه وتشبه بالنساء ، وامرأة جعلها الله أنثى فتذكرت وتشبهت بالرجال ، والذي يضل الأعمى ، ورجل حصور ، ولم يجعل الله حصورا إلا يحيى بن زكريا " .

وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن صالح عن بعضهم رفع الحديث " لعن الله والملائكة رجلا تحصر بعد يحيى بن زكريا " .

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب في قوله { وحصورا } قال : لا يشتهي النساء ، ثم ضرب بيده إلى الأرض فأخذ نواة فقال : ما كان معه مثل هذه .

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { وحصورا } قال : الذي لا يأتي النساء . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم . أما سمعت قول الشاعر :

وحصور عن الخنا يأمر النا *** س بفعل الحراب والتشمير