{ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } نادى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم خاطب أمته ، لأنه السيد المقدم ، فخطاب الجميع معه . وقيل : مجازه : يا أيها الرسول قل لأمتك { إذا طلقتم النساء } أي : إذا أردتم تطليقهن ، كقوله عز وجل : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله }( النحل- 98 ) أي : إذا أردت القراءة . { فطلقوهن لعدتهن } أي لطهرهن بالذي يحصينه من عدتهن . وكان ابن عباس وابن عمر يقرآن : فطلقوهن في قبل عدتهن . نزلت هذه الآية في عبد الله بن عمر كان قد طلق امرأته في حال الحيض .
أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أنبأنا زاهر بن أحمد الفقيه ، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أنبأنا مصعب ، عن مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر " أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : يا عمر مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء " . ورواه سالم عن ابن عمر قال : " مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً " . ورواه يونس بن جبير وأنس بن سيرين عن ابن عمر ، ولم يقولا : ثم تحيض ثم تطهر .
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنبأنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنبأنا أبو العباس الأصم ، أنبأنا الربيع ، أنبأنا الشافعي ، أنبأنا مسلم وسعيد بن سالم ، عن ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير أنه " سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل عبد الله بن عمر -وأبو الزبير يسمع- فقال : كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضاً ؟ فقال ابن عمر : طلق عبد الله بن عمر امرأته حائضاً ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك " قال ابن عمر : وقال الله عز وجل : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن } في قبل لعدتهن ، أو لقبل عدتهن ، الشافعي يشك . ورواه حجاج بن محمد عن ابن جريج ، وقال : قال ابن عمر : وقرأ الرسول صلى الله عليه وسلم : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن . { فصل } اعلم أن الطلاق في حال الحيض والنفاس ، وكذلك في الطهر الذي جامعها فيه بدعة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " وإن شاء طلق قبل أن يمس " . والطلاق السني : أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه . وهذا في حق امرأة تلزمها العدة بالأقراء . فأما إذا طلق غير المدخول بها في حال الحيض ، أو طلق الصغيرة التي لم تحض قط ، والآيسة بعدما جامعها ، أو طلق الحامل بعد ما جامعها ، أو في حال رؤية الدم ، لا يكون بدعياً . ولا سنة ولا بدعة في طلاق هؤلاء ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً " . والخلع في حال الحيض أو في طهر جامعها فيه لا يكون بدعياً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لثابت بن قيس في مخالعة زوجته من غير أن يعرف حالها ، ولولا جوازه في جميع الأحوال لأشبه أن يتعرف الحال . ولو طلق امرأته في حال الحيض أو في طهر جامعها فيه قصداً يعصي الله تعالى ، ولكن يقع الطلاق لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر بالمراجعة ولولا وقوع الطلاق لكان لا يأمره بالمراجعة ، وإذا راجعها في حال الحيض يجوز أن يطلقها في الطهر الذي يعقب تلك الحيضة قبل المسيس ، كما رواه يونس بن جبير وأنس عن سيرين عن ابن عمر . وما رواه نافع : " ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر " . فاستحباب ، استحب تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني حتى لا يكون مراجعته إياها للطلاق ، كما يكره النكاح للطلاق . ولا بدعة في الجمع بين الطلقات الثلاث ، عند بعض أهل العلم ، حتى لو طلق امرأته في حال الطهر ثلاثاً لا يكون بدعياً ، وهو قول الشافعي وأحمد . وذهب بعضهم إلى أنه بدعة ، وهو قول مالك وأصحاب الرأي . قوله عز وجل : { وأحصوا العدة } أي عدد أقرائها ، احفظوها ، قيل : أمر بإحصاء العدة لتفريق الطلاق على الأقراء إذا أراد أن يطلق ثلاثاً . وقيل : للعلم ببقاء زمان الرجعة ومراعاة أمر النفقة والسكنى . { واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن } أراد به إذا كان المسكن الذي طلقها فيه للزوج لا يجوز له أن يخرجها منه ، { ولا يخرجن } ولا يجوز لها أن تخرج ما لم تنقض العدة فإن خرجت لغير ضرورة أو حاجة أثمت ، فإن وقعت ضرورة -وإن خافت هدماً أو غرقاً- لها أن تخرج إلى منزل آخر ، وكذلك إن كان لها حاجة من بيع غزل أو شراء قطن فيجوز لها الخروج نهاراً ولا يجوز ليلاً فإن رجالاً استشهدوا بأحد فقالت نساؤهم : نستوحش في بيوتنا ، فأذن لهن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتحدثن عند إحداهن ، فإذا كان وقت النوم تأوي كل امرأة إلى بيتها ، وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لخالة جابر حين طلقها زوجها أن تخرج لجذاذ نخلها . وإذا لزمتها العدة في السفر تعتد في أهلها ذاهبة وجائية ، والبدوية تتبوأ حيث يتبوأ أهلها في العدة ، لأن الانتقال في حقهم كالإقامة في حق المقيم . قوله : { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال ابن عباس : الفاحشة المبينة : أن تبذأ على أهل زوجها ، فيحل إخراجها . وقال جماعة : أراد بالفاحشة : أن تزني ، فتخرج لإقامة الحد عليها ، ثم ترد إلى منزلها ، يروى ذلك عن ابن مسعود . وقال قتادة : معناه إلا أن يطلقها على نشوزها ، فلها أن تتحول من بيت زوجها والفاحشة : النشوز . وقال ابن عمر ، والسدي : خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة . { وتلك حدود الله } يعني : ما ذكر من سنة الطلاق وما بعدها ، { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } يوقع في قلب الزوج مراجعتها بعد الطلقة والطلقتين . وهذا يدل على أن المستحب أن يفرق الطلقات ، ولا يوقع الثلاث دفعة واحدة ، حتى إذا ندم أمكنته المراجعة .
1- سورة " الطلاق " من السور المدنية الخالصة ، وقد سماها عبد الله بن مسعود بسورة النساء القصري ، أما سورة النساء الكبرى فهي التي بعد سورة آل عمران .
وكان نزولها بعد سورة " الإنسان " وقبل سورة " البينة " ، وترتيبها بالنسبة للنزول : السادسة والتسعون ، أما ترتيبها بالنسبة لترتيب المصحف ، فهي السورة الخامسة والستون .
2- وعدد آياتها إحدى عشرة آية في المصحف البصري ، وفيما عداه اثنتا عشرة آية .
3- ومعظم آياتها يدور حول تحديد أحكام الطلاق ، وما يترتب عليه من أحكام العدة ، والإرضاع ، والإنفاق ، والسكن ، والإشهاد على الطلاق ، وعلى المراجعة .
وخلال ذلك تحدثت السورة الكريمة حديثا جامعا عن وجوب تقوى الله –تعالى- وعن مظاهر قدرته ، وعن حسن عاقبة التوكل عليه ، وعن يسره في تشريعاته ، وعن رحمته بهذه الأمة حيث أرسل فيها رسوله صلى الله عليه وسلم ليتلو على الناس آيات الله –تعالى- ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان بإذنه –سبحانه- .
افتتح الله - تعالى - السورة الكريمة بتوجيه النداء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال : { ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ العدة } .
وأحكام الطلاق التى وردت فى هذه الآية ، تشمل النبى - صلى الله عليه وسلم - كما تشمل جميع المكلفين من أمته - صلى الله عليه وسلم - .
وإنما كان النداء له - صلى الله عليه وسلم - وكان الخطاب بالحكم عاما له ولأمته ، تشريفا وتكريما له - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو المبلغ للناس ، وهو إمامهم وقدوتهم لأحكام الله - تعالى - فيهم .
قال صاحب الكشاف : خُصَّ النبى - صلى الله عليه وسلم - بالنداء ، وعُمًّ بالخطاب ، لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - إمام أمته وقدوتهم ، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم : يا فلان : افعلوا كيت وكيت ، وإظهارا لتقدمه ، واعتبارا لترؤسه ، وأنه مِدْرة قومه ولسانهم - والمدرة : القرية .
أى : أنه بمنزلة القرية لقومه ، وأنه الذى يصدرون عن رأيه ، ولا يستبدون بأمر دونه ، فكان هو وحده فى حكم كلهم ، وساد مسد جميعهم .
وهذا التفسير الذى اقتصر عليه صاحب الكشاف ، هو المعول عليه ، وهو الذى يناسب بلاغة القرآن وفصاحته ، ويناسب مقام النبى - صلى الله عليه وسلم - .
وقيل : الخطاب له ولأمته : والتقدير : يأيها النبى وأمته إذا طلقتم ، فحذف المعطوف لدلالة ما بعده عليه .
وقيل : هو خطاب لأمته فقط ، بعد ندائه - عليه السلام - وهو من تلوين الخطاب ، خاطب أمته بعد أن خاطبه .
وقيل : إن الكلام على إضمار قول ، أى : يأيها النبى قل لأمتك إذا طلقتم .
والحق أن الذى يتدبر القرآن الكريم ، يرى أن الخطاب والأحكام المترتبة عليه ، تارة تكون خاصة به - صلى الله عليه وسلم - كما فى قوله - تعالى - : { ياأيها الرسول بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } وتارة يكون شاملا له - صلى الله عليه وسلم - ولأمته كما فى هذه الآية التى معنا ، وكما فى قوله - تعالى - : { ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ } وتارة يكون - صلى الله عليه وسلم - خارجا عنه كما فى قوله - تعالى - : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل مِنَ الرحمة وَقُل رَّبِّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } فصيغة الخطاب هنا وإن كانت موجهة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا إنه ليس داخلا فيها ، لأن والديه لم يكونا موجودين عند نزول هاتين الآيتين .
والمراد بقوله : { إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء } أى : إذا أردتم تطليقهن ، لأن طلاق المطلقة من باب تحصيل الحاصل .
وهذا الأسلوب يرد كثيرا فى القرآن الكريم ، ومنه قوله - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ . . } أى : إذا أردتم القيام للصلاة فاغسلوا .
والمراد بالنساء هنا : الزوجات المدخول بهن ، لأن غير المدخول بهن خرجن بقوله - تعالى - : { ياأيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } واللام فى قوله - سبحانه - : فطلقوهن لعدتهن ، هى التى تسمى بلام التوقيت ، وهى بمعنى عند ، أو بمعنى فى ، كما يقول القائل : كتبت هذا الكتاب لعشر مضين من شهر كذا .
ومنه قوله - تعالى - : { أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس . . } أى عند أو فى وقت دلوكها .
وقوله : { وَأَحْصُواْ العدة } من الإحصاء بمعنى العد والضبط ، وهو مشتق من الحصى ، وهى من صغار الحجارة ، لأن العرب كانوا إذا كثر عدد الشىء ، جعلوا لكل واحد من المعدود حصاة ، ثم عدوا مجموع ذلك الحصى .
والمراد به هنا : شدة الضبط ، والعناية بشأن العد ، حتى لا يحصل خطأ فى وقت العدة . والمعنى : يأيها النبى ، أخبر المؤمنين ومرهم ، إذا أرادوا تطليق نسائهم المدخول بهن ، من المعتدات بالحيض ، فعليهم أن يطلقوهن فى وقت عدتهن .
وعليهم كذلك أن يضبطوا أيام العدة ضبطا تاما حتى لا يقع فى شأنها خطأ أو لبس .
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : خوطب النبى - صلى الله عليه وسلم - أولا تشريفا وتكريما ، ثم خاطب الأمة تبعا ، فقال : { ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ العدة . . } .
روى ابن أبى حاتم عن أنس قال : طلق النبى - صلى الله عليه وسلم - حفصة ، فأتت أهلها ، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية . وقيل له : راجعها فإنها صوامة قوامة ، وهى من أزواجك فى الجنة .
وروى البخارى أن عبد الله بن عمر ، طلق امرأة له وهى حائض ، فذكر عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، فتغيظ - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : فليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها ، فتلك العدى التى أمر الله - تعالى - .
ثم قال - رحمه الله - : ومن ها هنا أخذ الفقهاء أحكام الطلاق ، وقسموه إلى طلاق سنة ، وطلاق بدعة .
فطلاق السنة : أن يطلقها طاهرا من غير جماع ، أو حاملا قد استبان حملها .
والبدعى : هو أن يطلقها فى حال الحيض ، - وما يشبهه كالنفاس - ، أو فى طهر قد جامعها فيه ، ولا يدرى أحملت أم لا ؟ .
وتعليق { طَلَّقْتُمُ } بإذا الشرطية ، يشعر بأن الطلاق خلاف الأصل ، إذ الأصل فى الحياة الزوجية أن تقوم على المودة والرحمة ، وعلى الدوام والاستقرار .
قال - تعالى - : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً . . . } قال القرطبى : روى الثعلبى من حديث ابن عمر قال : قال رسول - صلى الله عليه وسلم - " إن من أبغض الحلال إلى الله الطلاق " .
وعن أبى موسى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تطلقوا النساء إلا من ريبة فإن الله - عز وجل - لا يحب الذواقين ولا الذواقات " .
وعن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما حلف بالطلاق ، ولا استحلف به إلا منافق " .
والمراد بالأمر فى قوله - تعالى - : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } إرشاد المؤمنين إلى ما يجب عليهم اتباعه إذا ما أرادوا مفارقة أزواجهم ، ونهيهم عن إيقاع الطلاق فى حال الحيض أو ما يشبهها كالنفاس ، لأن ذلك يكون طلاقا بديعا محرما ، إذ يؤدى إلى تطويل عدة المرأة لأن بقية أيام الحيض لا تحسب من العدة ، ويؤدى - أيضا - إلى عدم الوفاء لها ، حيث طلقها فى وقت رغبته فيها فاترة .
ولكن الطلاق مع ذلك يعتبر واقعا ونافذا عند جمهور العلماء .
قال القرطبى : من طلق فى طهر لم يجامع فيه ، نفذ طلاقه وأصاب السنة ، وإن طلقها وهى حائض نفذ طلاقه وأخطأ السنة .
وقال سعيد بن المسبب : لا يقع الطلاق فى الحيض لأنه خلاف السنة ، وإليه ذهبت الشيعة .
وفى الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال : " طلقت امرأتى وهى حائض ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتغيظ وقال : فليراجعها ثم فليمسكها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التى طلقها فيها " .
وكان عبد الله بن عمر قد طلقها تطليقة ، فحسبت من طلاقها ، وراجعها عبد الله بن عمر كما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وفى رواية أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له : " هى واحدة " وهذا نص . وهو يرد على الشيعة قولهم .
وقد بسط الفقهاء وبعض المفسرين الكلام فى هذه المسألة فليرجع إليها من شاء .
والمخاطب بقوله { وَأَحْصُواْ العدة } الأزواج على سبيل الأصالة ، لأنهم هم المخاطبون بقوله { طَلَّقْتُمُ } وبقوله { فَطَلِّقُوهُنَّ } ، ويدخل معهم الزوجات على سبيل التبع ، وكذلك كل من له صلة بهذا الحكم ، وهو إحصاء العدة .
ثم أمر - سبحانه - بتقواه فقال : { واتقوا الله رَبَّكُمْ } أى ، واتقوا الله ربكم ، بأن تصونوا أنفسم عن معصيته ، التى من مظاهرها إلحاق الضرر بأزواجكم ، بتطليقهن فى وقت حيضهن . أو فى غير ذلك من الأوقات المنهى عن وقوع الطلاق فيها .
فالمقصود بهذه الجملة الكريمة : التحذير من التساهل فى أحكام الطلاق والعدة ، كما كان أهل الجاهلية يفعلون .
وجمع - سبحانه - بين لفظ الجلالة ، وبين الوصف بربكم ، لتأكيد الأمر بالتقوى ، وللمبالغة فى وجوب المحافظة على هذه الأحكام .
ثم بين - سبحانه - حكما آخر يتعلق بالأزواج والزوجات فقال : { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } .
والجملة الكريمة مستأنفة ، أو حال من ضمير { وَأَحْصُواْ العدة } أى : حالة كون العدة فى بيوتهن ، والخطاب للأزواج ، والزوجات ، والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال والأساليب .
والفاحشة : الفعلة البالغة الغاية فى القبح والسوء ، وأكثر إطلاقها على الزنا .
وقوله : { مُّبَيِّنَةٍ } صفة للفاحشة ، وقراءة الجمهور - بكسر الياء - أى : بفاحشة توضح لمن تبلغه أنها فاحشة لشدة قبحها .
وقرأ ابن كثير { مُّبَيَّنَةٍ } بفتح الياء - أى : بفاحشة قامت الحجة على مرتكيبيها قياما لا مجال معه للمناقشة أو المجادلة .
أى : واتقوا الله ربكم - أيها المؤمنون - فيما تأتون وتذرون ، ومن مظاهر هذه التقوى ، أنكم لا تخرجون زوجاتكم المطلقات من مساكنهن إلى أن تنقضى عدتهن ، وهن - أيضا - لا يخرجن منها بأنفسهن فى حال من الأحوال ، إلا فى حال إتيانهن بفاحشة عظيمة ثبتت عليهن ثبوتا واضحا .
فالمقصود بالجملة الكريمة نهى الأزواج عن إخراج المطلقات المعتدات من مساكنهن عند الطلاق إلى أن تنتهى عدتهن ، ونهى المعتدات عن الخروج منها إلا عند اتركابهن الفاحشة الشديدة القبح .
وأضاف - سبحانه - البيوت إلى ضمير النساء فقال : { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ } للإشعار بأن استحقاقهن للمكث فى بيوت أزواجهن مدة عدتهن كاستحقاق المالك لما يملكه ، ولتأكيد النهى عن الإخراج والخروج .
وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة ، أن المطلقة لا يصح إخراجها أو خروجها من بيت الزوجية ما دامت فى عدتها ، إلا لأمر ضرورى .
قال الألوسى ما ملخصه : وقوله : { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ } أى : من مساكنهن عند الطلاق إلى أن تنقضى عدتهن . . . وعدم العطف للإيذان باستقلاله بالطلب اعتناء به ، والنهى عن الإخراج يتناول بمنطوقة عدم إخراجهن غضبا عليهن ، أو كراهة لمساكنتهن . . . ويتناول بإشارته عدم الإذن لهن بالخروج ، لأن خروجهن محرم ، لقوله - تعالى - : { وَلاَ يَخْرُجْنَ } فكأنه قيل : لا تخرجوهن ، ولا تأذنوا لهن فى الخروج إذا طلبن ذلك ، ولا يخرجن بأنفسهن إن أردن ، فهناك دلالة على أن سكونهن فى البيوت حق للشرع مؤكد ، فلا يسقط بالإذن . . . وهذا رأى الأحناف .
ومذهب الشافعية أنهما لو اتفقا على الانتقال جاز . إذ الحق لا يعدوهما ، فيكون المعنى : لا تخرجوهن ولا يخرجن باستبدادهن .
والاستثناء فى قوله : { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } يرى بعضهم أنه راجع إلى { وَلاَ يَخْرُجْنَ } فتكون الفاحشة المبينة هى نفس الخروج قبل انقضاء العدة ، أى : لا يطلق لهن فى الخروج ، إلا فى الخروج الذى هو فاحشة ، ومن المعلوم أنه لا يطلق لهن فيه ، فيكون ذلك منعا من الخروج على أبلغ وجه .
. . كما يقال لا تزن إلا أن تكون فاسقا . . .
وقال بعض العلماء : والذى تخلص لى أن حكمة السكنى للمطلقة ، أنها حفظ للأعراض ، فإن المطلقة يكثر التفات العيون لها ، وقد يتسرب سوء الظن إليها ، فيكثر الاختلاف عليها ، ولا تجد ذا عصمة يذب عنها ، فلذلك شرعت لها السكنى ، فلا تخرج إلا لحاجياتها الضرورية . . .
ومن الحكم - أيضا - فى ذلك أن المطلقة قد لا تجد مسكنا ، لأن غالب النساء لم تكن لهن أموال ، وإنما هن عيال على الرجال .
ويزاد فى المطلقة الرجعية ، قصد استبقاء الصلة بينها وبين مطلقها ، لعله يثوب إليه رشده فيراجعها .
فهذا مجموع علل ، فإذا تخلفت واحدة منها لم يتخلف الحكم ، لأن الحكم المعلل بعلتين فأكثر لا يبطله سقوط بعضها .
واسم الإشارة فى قوله : { وَتِلْكَ حُدُودُ الله } يعود إلى الأحكام التى سبق الحديث عنها ، والحدود : جمع حد ، وهو مالا يصح تجاوزه أو الخروج عنه .
أى : وتلك الأحكام التى بيناها لكم ، هى حدود الله - تعالى - التى لا يصح لم تعديها أو تجاوزها ، وإنما يجب عليكم الوقوف عندها ، وتنفيذ ما اشتملت عليه من آداب وهدايات .
ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة من يتجاوز حدوده فقال : { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } أى : ومن يتجاوز حدود الله التى حدها لعباده ، بأن أخل بشىء منها ، فقد حمل نفسه وزرا ، وأكسبها إثما ، وعرضها للعقوبة والعذاب .
وقوله - تعالى - : { لاَ تَدْرِى لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } ترغيب فى امتثال الأحكام السابقة ، بعد أن سلك فى شأنها مسلك الترهيب من مخالفتها ، ودعوة إلى فتح باب المصالحة بين الرجل وزوجه ، وعدم السير فى طريق المفارقة حتى النهاية . .
والخطاب لكل من يصلح له ، أو هو للمتعدى بطريق الالتفات ، والجملة الكريمة مستأنفة ، مسوقة لتعليل مضمون ما قبلها ، وتفصيل لأحواله .
أى : اسلك - أيها المسلم - الطريق الذى أرشدناك إليه فى حياتك الزوجية ، وامتثل ما أمرناك به ، فلا تطلق امرأتك وهى حائض ، ولا تخرجها من بيتها قبل تمام عدتها . . . ولا تقفل باب المصالحة بينك وبينها ، بل اجعل باب المصالح مفتوحا ، فإنك لا تدرى لعل الله - تعالى - يحدث بعد ذلك النزاع الذى نشب بينك وبين زوجك أمرا نافعا لك ولها ، بأن يحول البغض إلى حب ، والخصام إلى وفاق ، والغضب إلى رضا . . .
فالجملة الكريمة قد اشتملت على أسمى ألوان الإرشاد لحمل النفوس المتجهة نحو الطلاق . . . إلى التريث والتعقل ، وفتح باب المواصلة بعد المقاطعة والتقارب بعد التباعد ، لأن تقليب القلوب بيد الله - عز وجل - وليس بعيدا عن قدرته - تعالى - تحويل القلوب إلى الحب بعد البغض .
قال القرطبى : الأمر الذى يحدثه الله أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها ، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه ، فيراجعها .
خُوطب النبي صلى الله عليه وسلم أولا تشريفًا وتكريما ، ثم خاطب الأمة تبعًا فقال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن ثواب بن سعيد الهباري ، حدثنا أسباط بن محمد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة ، فأتت أهلها ، فأنزل الله ، عز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } فقيل له : راجعها فإنها صوامة قوامة ، وهي من أزواجك ونسائك في الجنة .
ورواه ابن جرير ، عن ابن بشار ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة . . . فذكره مرسلا {[28942]} وقد ورد من غير وجه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها .
وقال البخاري : حدثنا يحيى بن بُكَيْر ، حدثنا الليث وعقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني سالم : أن عبد الله بن عمر أخبره : أنه طلق امرأة له وهي حائض ، فذكر عمرُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : " ليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرًا قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله ، عز وجل " {[28943]}
هكذا رواه البخاري هاهنا وقد رواه في مواضع من كتابه ، ومسلم ، ولفظه : " فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " {[28944]}
ورواه أصحاب الكتب والمسانيد من طرق متعددة وألفاظ كثيرة{[28945]} ومواضع استقصائها كتب الأحكام .
وأمَسُّ لفظ يورَد ها هنا ما رواه مسلم في صحيحه ، من طريق ابن جُرَيْج : أخبرني أبو الزبير : أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن - مولى عَزة يسأل ابن عمر - وأبو الزبير يسمع ذلك : كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضًا ؟ فقال : طَلَّق ابن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليراجعها " فَردَّها ، وقال : " إذا طهرت فليطلق أو يمسك " . قال ابن عمر : وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } {[28946]} .
وقال الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله في قوله : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : الطهر من غير جماع{[28947]} وروي عن ابن عمر وعطاء ، ومجاهد ، والحسن ، وابن سيرين ، وقتادة ، وميمون بن مِهْران ، ومقاتل بن حيان مثل ذلك ، وهو رواية عن عكرمة ، والضحاك .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : لا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه ، ولكن : تتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة .
وقال عكرمة : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } العدة : الطهر ، والقرء الحيضة ، أن يطلقها حبلى مستبينا حملها ، ولا يطلقها وقد طاف عليها ، ولا يدري حبلى هي أم لا .
ومن ها هنا أخذ الفقهاء أحكام الطلاق وقسموه إلى طلاق سنة وطلاق بدعة ، فطلاق السنة : أن يطلقها طاهرًا من غير جماع ، أو حاملا قد استبان حملها . والبدعي : هو أن يطلقها في حال الحيض ، أو في طهر قد جامعها فيه ، ولا يدري أحملت أم لا ؟ وطلاق ثالث لا سنة فيه ولا بدعة ، وهو طلاق الصغيرة والآيسة ، وغير المدخول بها ، وتحرير الكلام في ذلك وما يتعلق به مستقصى في كتب الفروع ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقوله { وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ } أي : احفظوها واعرفوا ابتداءها وانتهاءها ؛ لئلا تطول العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج . { وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ } أي : في ذلك .
وقوله : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ } أي : في مدة العدة لها حق السكنى على الزوج ما دامت معتدة منه ، فليس للرجل أن يخرجها ، ولا يجوز لها أيضا الخروج لأنها معتقلة{[28948]} لحق الزوج أيضًا .
وقوله : { إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } أي : لا يخرجن من بيوتهن إلا أن ترتكب المرأة فاحشة مبينة ، فتخرج من المنزل ، والفاحشة المبينة تشمل الزنا ، كما قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، وسعيد بن المُسَيَّب ، والشعبي ، والحسن ، وابن سيرين ، ومجاهد ، وعِكْرمة ، وسعيد بن جبير ، وأبو قِلابة ، وأبو صالح ، والضحاك ، وزيد بن أسلم ، وعطاء الخراساني ، والسُّدِّي ، وسعيد بن أبي هلال ، وغيرهم وتشمل ما ذا{[28949]} نشزَت المرأة أو بَذَت على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفعال ، كما قاله أبي بن كعب ، وابن عباس ، وعكرمة ، وغيرهم .
وقوله : { وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } أي : شرائعه ومحارمه { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ } أي : يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها ولا يأتمر بها { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } أي : بفعل ذلك .
وقوله : { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } أي : إنما أبقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة ، لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله في قلبه رَجْعَتَها ، فيكون ذلك أيسر وأسهل .
قال الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن فاطمة بنت قيس في قوله : { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } قال : هي الرجعة . وكذا قال الشعبي ، وعطاء ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل ابن حيان ، والثوري . ومن هاهنا ذهب من ذهب من السلف ومن تابعهم ، كالإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله تعالى إلى أنه لا تجب السكنى للمبتوتة ، وكذا المتوفى عنها زوجها ، واعتمدوا أيضًا على حديث فاطمة بنت قيس الفهرية ، حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص آخر ثلاث تطليقات ، وكان غائبًا عنها باليمن ، فأرسل إليها بذلك ، فأرسل إليها وكيله بشعير - [ يعني ]{[28950]} نفقة - فَتَسَخَّطته فقال : والله ليس لك علينا نفقة . فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ليس لك عليه نفقة " . ولمسلم : ولا سكنى ، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ، ثم قال : " تلك امرأة يغشاها أصحابي ، اعتدي عند ابن أم مكتوم ، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك " الحديث{[28951]}
وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر ، فقال :
حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا مجالد ، حدثنا عامر قال : قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس ، فحدثتني أن زوجها طلقها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَرية . قالت : فقال لي أخوه : اخرجي من الدار . فقلت : إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل . قال : لا . قالت : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إن فلانا طلقني ، وأن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة ، [ فأرسل إليه ]{[28952]} فقال : " ما لك ولابنة آل قيس " ، قال : يا رسول الله ، إن أخي طلقها ثلاثا جميعًا . قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انظري يا بنت آل قيس ، إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كان له عليها رجعة ، فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى . اخرجي فانزلي على فلانة " . ثم قال : " إنه يُتحَدّث إليها ، انزلي على ابن أم مكتوم ، فإنه أعمى لا يراك " وذكر تمام الحديث{[28953]}
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن عبد الله البزار التُّسْتَريّ ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف ، حدثنا بكر بن بكار ، حدثنا سعيد بن يزيد البجلي ، حدثنا عامر الشعبي : أنه دخل على فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس القرشي ، وزوجها أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي فقالت : إن أبا عمرو بن حفص أرسل إلي وهو منطلق في جيش إلى اليمن بطلاقي ، فسألت أولياءه النفقة علي والسكنى ، فقالوا : ما أرسل إلينا في ذلك شيئًا ، ولا أوصانا به . فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إن أبا عمرو بن حفص أرسل إلي بطلاقي ، فطلبت السكنى والنفقة علي ، فقال : أولياؤه : لم يرسل إلينا في ذلك بشيء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة ، فإذا كانت لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره فلا نفقة لها ولا سكنى " .
وكذا رواه النسائي{[28954]} عن أحمد بن يحيى الصوفي ، عن أبي نعيم الفضل بن دُكَيْن ، عن سعيد بن يزيد وهو الأحمسي البَجَلي الكوفي . قال أبو حاتم الرازي : وهو شيخ ، يروى عنه {[28955]}
القول في تأويل قوله تعالى : { يَأيّهَا النّبِيّ إِذَا طَلّقْتُمُ النّسَآءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ وَأَحْصُواْ الْعِدّةَ وَاتّقُواْ اللّهَ رَبّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يَتَعَدّ حُدُودَ اللّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنّ فَأَمْسِكُوهُنّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشّهَادَةَ لِلّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَمَن يَتّقِ اللّهَ يَجْعَل لّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنّ اللّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللّهُ لِكُلّ شَيْءٍ قَدْراً } .
يعني تعالى ذكره بقوله : يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدتِهِنّ يقول : إذا طلقتم نساءكم فطلقوهنّ لطهرهنّ الذي يحصينه من عدّتهن ، طاهرا من غير جماع ، ولا تطلقوهنّ بحيضهنّ الذي لا يعتددن به من قُرْئهنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله ، قال : الطلاق للعدّة طاهرا من غير جماع .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله فَطَلّقُوهُن لِعِدّتِهِنّ قال : بالطهر في غير جماع .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الله إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدتِهِنّ يقول : إذا طلقتم قال : الطهر في غير جماع .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الله فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ قال : طاهرا من غير جماع .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن داود بن حصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان يرى طلاق السنة طاهرا من غير جماع ، وفي كلّ طهر ، وهي العدّة التي أمر الله بها .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد ، أن رجلاً سأل ابن عباس فقال : إنه طلق امرأته مئة ، فقال : عصيت ربك ، وبانت منك امرأتك ، ولم تتق الله فيجعل لك مخرجا ، وقرأ هذه الاَية : ومَنْ يَتّقِ اللّه يَجْعَل لَهُ مَخْرَجا ، وقال : «يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدتِهِنّ » .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثنا شعبة ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد ، عن ابن عباس بنحوه .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أيوب ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد ، قال : كنت عند ابن عباس ، فجاءه رجل فقال : إنه طلق امرأته ثلاثا ، فسكت حتى ظننا أنه رادّها عليه ، ثم قال : ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ، ثم يقول : يا ابن عباس يا ابن عباس ، وإن الله عزّ وجلّ قال : وَمَنْ يَتّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجا ، عصيت ربك ، وبانت منك امرأتك ، قال الله : «يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ فِي قُبُلِ عِدتِهِنّ » .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت مجاهدا يحدّث عن ابن عباس في هذه الاَية : يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمْ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ قال ابن عباس : في قبل عدتهنّ .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أُمية ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد ، أنه قرأ : «فَطَلّقُوهُنّ فِي قُبُلِ عِدّتِهِنّ » .
حدثنا العباس بن عبد العظيم ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ قال : طاهرا في غير جماع .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، في قوله : فَطَلّقُوهنّ لِعِدّتِهِنّ قال : طاهرا من غير حيض ، أو حاملاً قد استبان حملها .
قال : ثنا هارون ، عن عيسى بن يزيد بن دأب ، عن عمرو ، عن الحسن وابن سيرين ، فيمن أراد أن يطلق ثلاث تطليقات جميعا في كلمة واحدة ، أنه لا بأس به بعد أن يطلقها في قبل عدتها ، كما أمره الله وكانا يكرهان أن يطلق الرجل امرأته تطليقة ، أو تطليقتين ، أو ثلاثا ، إذا كان بغير العدّة التي ذكرها الله .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عون ، عن ابن سيرين أنه قال في قوله فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ قال : يطلقها وهي طاهر من غير جماع ، أو حَبل يستبين حملها .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ : فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ قال : لطهرهنّ .
حدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ ، قال : حدثنا المحاربيّ ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قول الله يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدتِهِنّ قال : العدة : القُرْء ، والقُرء : الحيض . والطاهر : الطاهر من غير جماع ، ثم تستقبل ثلاث حِيَض .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدتِهِنّ والعدة : أن يطلقها طاهرا من غير جماع تطليقة واحدة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ قال : إذا طهرت من الحيض في غير جماع ، قلت : كيف ؟ قال : إذا طهرت فطلقها من قبل أن تمسها ، فإن بدا لك أن تطلقها أخرى تركتها حتى تحيض حيضة أخرى ، ثم طلقها إذا طهرت الثانية ، فإذا أردت طلاقها الثالثة أمهلتها حتى تحيض ، فإذا طهرت الثالثة ، ثم تعتدّ حيضة واحدة ، ثم تنكح إن شاءت .
قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : وقال ابن طاوس : إذا أردت الطلاق فطلقها حين تطهر ، قبل أن تمسها تطليقة واحدة ، لا ينبغي لك أن تزيد عليها ، حتى تخلو ثلاثة قروء ، فإن واحدة تبينها .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ يقول : طلّقها طاهرا من غير جماع .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ قال : إذا طلقتها للعدة كان مِلكُها بيدك . من طلّق للعدة جعل الله له في ذلك فسحة ، وجعل له مِلْكا إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدة ارتجع .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ قال : طاهرا في غير جماع ، فإن كانت لا تحيض ، فعند غرّة كل هلال .
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : طلّقت امرأتي وهي حائض قال : فأتى عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك ، فقال : «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعها حتى تَطْهُرَ ، ثُمّ تَحِيضَ ، ثُمّ تَطْهُرَ ، ثُمّ إنْ شاءَ طَلّقَها قَبْلَ أنْ يُجامِعَها ، وَإنْ شاءَ أمْسَكَها ، فإنّها العُدّةُ التي قال اللّهُ عَزّ وَجَلّ » .
قال : ثنا ابن إدريس ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر بنحوه ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن مهدي ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمرُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْها ، ثُمّ لِيُمْسِكْها حتى تَطْهُرَ ، ثُمّ تَحِيضَ ، ثُمّ تَطْهُرَ ، ثُمّ إنْ شاءَ أمْسَكَها ، فَتِلْكَ العِدّةُ التي أمَرَ اللّهُ أنْ تُطَلّقَ لَهَا النّساءُ » .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه طلق امرأته حائضا ، فأتى عمر النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فأمره أن يراجعها ، ثم يتركها حتى إذا طهرت ثم حاضت طلقها ، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «فَهِيَ العِدّةُ التي أمَرَ اللّهُ أنْ يُطَلّقَ لَهَا النّساءُ » يقول : حين يطهرن .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس في قوله فَطَلّقُوهُنّ لِعَدّتِهِنّ يقول : لا يطلقها وهي حائض ، ولا في طهر قد جامعها فيه ، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة ، فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض ، وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملاً ، فعدتها أن تضع حملها .
حدثنا ابن البرقيّ ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عبد العزيز ، سُئل عن قول الله فَطَلّقُوهُنّ لِعَدّتِهِنّ قال : طلاق السنة أن يطلق الرجل امرأته وهي في قبل عدتها ، وهي طاهر من غير جماع واحدة ، ثم يدعها ، فإن شاء راجعها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة ، وإن أراد أن يطلقها ثلاثا طلقها واحدة في قبل عدتها ، وهي طاهر من غير جماع ، ثم يدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، ثم يدعها ، حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، ثم لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره .
وذُكر أن هذه الاَية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبب طلاقه حَفْصة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر تطليقة ، فأنزلت هذه الاَية : يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ فقيل : راجعها فإنها صّوامة قوّامة ، وإنها من نسائك في الجنة .
وقوله : وأحْصُوا العِدّةَ يقول : وأحصُوا هذه العدّة وأقراءَها فاحفظوها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : وأحْصُوا العِدّةَ قال : احفظوا العدّة .
وقوله : وَاتّقُوا اللّهَ رَبّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ يقول : وخافوا الله أيها الناس ربكم فاحذروا معصيته أن تتعدّوا حده ، لا تخرجوا من طلقتم من نسائكم لعدتهنّ من بيوتهنّ التي كنتم أسكنتموهنّ فيها قبل الطلاق حتى تنقضي عدتهنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : وَاتّقُوا اللّهَ رَبّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتِهِنّ حتى تنقضي عدتهنّ .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا ابن جُرَيج ، قال : قال عطاء : إن أذن لها أن تعتدّ في غير بيته ، فتعتدّ في بيت أهلها ، فقد شاركها إذن في الإثم . ثم تلا : لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَة قال : قلت هذه الاَية في هذه ؟ قال : نعم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا حيوة بن شريح ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، أن عبد الله بن عمر كان يقول في هذه الاَية لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال : خروجها قبل انقضاء العدّة . قال ابن عجلان عن زيد بن أسلم : إذا أتت بفاحشة أخرجت .
وحدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ ، قال : حدثنا المحاربيّ ، عبد الرحمن بن محمد ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال : ليس لها أن تخرج إلا بإذنه ، وليس للزوج أن يخرجها ما كانت في العدّة ، فإن خرجت فلا سُكْنى لها ولا نفقة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَاتّقُوا اللّهَ رَبّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ قال : هي المطلقة لا تخرج من بيتها ، ما دام لزوجها عليها رجعة ، وكانت في عدّة .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ وذلك إذا طلقها واحدة أو ثنتين لها ما لم يطلقها ثلاثا .
وقوله : وَلا يَخْرُجْنَ إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ يقول جلّ ثناؤه : لا تخرجوهنّ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة إنها فاحشة لمن عاينها أو علمها .
واختلف أهل التأويل في معنى الفاحشة التي ذكرت في هذا الموضع ، والمعنى الذي من أجله أذن الله بإخراجهنّ في حال كونهنّ في العدّة من بيوتهنّ ، فقال بعضهم : الفاحشة التي ذكرها الله في هذا الموضع هو الزنى ، والإخراج الذي أباح الله هو الإخراج لإقامة الحدّ . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، في قوله : لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال : الزنى ، قال : فتُخْرَج ليُقام عليها الحدّ .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .
26539حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن صالح بن مسلم ، قال : سألت عامرا قلت : رجل طلق امرأته تطليقة أيخرجها من بيتها ؟ قال : إن كانت زانية .
26540حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال : إلا أن يزنين .
26541حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : وسألته عن قول الله عزّ وجلّ : لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال : قال الله جلّ ثناؤه : وَاللاّتِي يَأْتِينَ الفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ قال : هؤلاء المحصنات ، فاسْتَشِهدُوا عَلَيهنّ أربعةً مِنْكُمْ . . . الاَية . قال : فجعل الله سبيلهنّ الرجم ، فهي لا ينبغي لها أن تخرج من بيتها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة ، فإذا أتت بفاحشة مبينة أخرجت إلى الحدّ فرجمت ، وكان قبل هذا للمحصنة الحبس تحبس في البيوت لا تترك تنكح ، وكان للبكرين الأذى ، قال الله جلّ ثناؤه : وَاللّذَانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فآذُوهُما يا زان ، يا زانية ، فإنْ تابا وأصْلَحا فأعْرِضُوا عَنْهُما إنّ اللّهَ كانَ تَوّابا رَحِيما قال : ثم نُسخ هذا كله ، فجعل الرجم للمحصنة والمحصن ، وجعل جلد مئة للبِكْرين ، قال : ونسخ هذا .
وقال آخرون : الفاحشة التي عناها الله في هذا الموضع : البَذَاء على أحمائها . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن محمد بن إبراهيم ، عن ابن عباس قال الله : لا تُخْرِجُوهُنّ مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال : الفاحشة المبينة أن تبذُوَ على أهلها .
وقال آخرون : بل هي كل معصية لله . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس إلاّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ والفاحشة : هي المعصية .
وقال آخرون : بل ذلك نشوزها على زوجها ، فيطلقها على النشوز ، فيكون لها التحوّل حينئذ من بيتها . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إلا أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال قتادة : إلا أن يطلقها على نشوز ، فلها أن تحوّل من بيت زوجها .
وقال آخرون : الفاحشة المبينة التي ذكر الله عزّ وجلّ في هذا الموضع خروجها من بيتها . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : وَلا يَخْرُجْنَ إلا أنْ يَأتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال : خروجها من بيتها فاحشة . قال بعضهم : خروجها إذا أتت بفاحشة أن تخرج فيُقام عليها الحدّ .
حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا سعيد بن الحكم ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا يحيى بن أيوب قال : ثني محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، في قوله : لا تُخْرِجُوهُن مِنْ بُيُوتهِنّ وَلا يَخْرُجْنَ إلا أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ قال : خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة .
والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال : عنى بالفاحشة في هذا الموضع : المعصية ، وذلك أن الفاحشة هي كلّ أمر قبيح تعدّى فيه حدّه ، فالزنى من ذلك ، والسرق والبذاء على الأحماء ، وخروجها متحوّلة عن منزلها الذي يلزمها أن تعتدّ فيه منه ، فأيّ ذلك فعلت وهي في عدتها ، فلزوجها إخراجها من بيتها ذلك ، لإتيانها بالفاحشة التي ركبتها .
وقوله : وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يقول تعالى ذكره : وهذه الأمور التي بينتها لكم من الطلاق للعدّة ، وإحصاء العدّة ، والأمر باتقاء الله ، وأن لا تخرج المطلقة من بيتها ، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة حدود الله التي حدّها لكم أيها الناس فلا تعتدوها وَمَنْ يَتَعَدّ حُدُودَ اللّهِ فقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ يقول تعالى ذكره : ومن يتجاوز حدود الله التي حدّها لخلقه فقد ظلم نفسه : يقول : فقد أكسب نفسه وزرا ، فصار بذلك لها ظالما ، وعليها متعدّيا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا عليّ بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ ، عن جويبر ، عن الضحاك في قول الله وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يقول : تلك طاعة الله فلا تعتدوها ، قال : يقول : من كان على غير هذه فقد ظلم نفسه .
وقوله : لا تَدْرِي لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلك أمْرا يقول جلّ ثناؤه : لا تدري ما الذي يحدث ؟ لعل الله يحدث بعد طلاقكم إياهنّ رجعةٍ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ ، أن فاطمة بنت قيس كانت تحت أبي حفص المخزومي ، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم أمّر عليا على بعض اليمن ، فخرج معه ، فبعث إليها بتطليقة كانت لها ، وأمر عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، والحارث بن هشام أن ينفقا عليها ، فقالا : لا والله ما لها علينا نفقة ، إلا أن تكون حاملاً ، فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فلم يجعل لها نفقة إلا أن تكون حاملاً ، واستأذنته في الانتقال ، فقالت : أين أنتقل يا رسول الله ؟ قال : «عِنْدَ ابْنِ أُمّ مَكْتُومٍ » ، وكان أعمى ، تضع ثيابها عنده ، ولا يبصرها فلم تزل هنالك حتى أنكحها النبيّ صلى الله عليه وسلم أُسامة بن زيد حين مضت عدتها ، فأرسل إليها مروان بن الحكم يسألها عن هذا الحديث ، فأخبرته ، فقال مروان : لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة ، وسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها ، فقالت فاطمة : بيني وبينكم الكتاب ، قال الله جلّ ثناؤه : فَطَلّقُوهُن لِعِدّتِهِنّ حتى بلغ لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا قالت : فأيّ أمر يحدث بعد الثلاث ، وإنما هو في مراجعة الرجل امرأته ، وكيف تحبس امرأة بغير نفقة ؟
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا قال : هذا في مراجعة الرجل امرأته .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لا تَدْرِي لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا : أي مراجعة .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لا تَدْرِي لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا قال : يراجعها في بيتها هذا في الواحدة والثنتين ، هو أبعد من الزنى .
قال : سعيد ، وقال الحسن : هذا في الواحدة والثنتين ، وما يحدث الله بعد الثلاث .
حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أيوب ، قال : سمعت الحسن وعكرِمة يقولان : المطلقة ثلاثا ، والمتوفى عنها لا سكنى لها ولا نفقة قال : فقال عكرمة لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا فقال : ما يحدث بعد الثلاث .
حدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا يقول : لعلّ الرجل يراجعها في عدتها .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله لا تَدْرِي لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا هذا ما كان له عليها رجعة .
حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ لا تَدْرِي لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا قال : الرجعة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا قال : لعلّ الله يحدث في قلبك تراجع زوجتك قال : قال : ومن طلق للعدّة جعل الله له في ذلك فسحة ، وجعل له ملكا إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدة ارتجع .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْرا قال : لعله يراجعها .
بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء خص النداء وعم الخطاب بالحكم لأنه أمام أمته فنداؤه كندائهم أو لأن الكلام معه والحكم يعمهم والمعنى إذا أردتم تطليقهن على تنزيل المشارف له منزلة الشارع فيه فطلقوهن لعدتهن أي في وقتها وهو الطهر فإن اللام في الأزمان وما يشبهها للتأقيت ومن عد العدة بالحيض علق اللام بمحذوف مثل مستقبلات وظاهره يدل على أن العدة بالأطهار وأن طلاق المعتدة بالأقراء ينبغي أن يكون في الطهر وأنه يحرم في الحيض من حيث إن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده ولا يدل على عدم وقوعه إذ النهي لا يستلزم الفساد كيف وقد صح أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لما طلق امرأته حائضا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالرجعة وهو سبب نزوله وأحصوا العدة واضبطوها وأكملوها ثلاثة أقراء واتقوا الله ربكم في تطويل العدة والإضرار بهن لا تخرجوهن من بيوتهن من مساكنهن وقت الفراق حتى تنقضي عدتهن ولا يخرجن باستبدادهن أما لو اتفقا على الانتقال جاز إذ الحق لا يعدوهما وفي الجمع بين النهيين دلالة على استحقاقهما السكنى ولزومها ملازمة مسكن الفراق وقوله إلا أن يأتين بفاحشة مبينة مستثنى من الأول والمعنى إلا أن تبذو على الزوج فإنه كالنشوز في إسقاط حقها أو إلا أن تزني فتخرج لإقامة الحد عليها أو من الثاني للمبالغة في النهي والدلالة على أن خروجها فاحشة وتلك حدود الله الإشارة إلى الأحكام المذكورة ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه بأن عرضها للعقاب لا تدري أي النفس أو أنت أيها النبي أو المطلق لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وهو الرغبة في المطلقة برجعة أو استئناف .