جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الطلاق مدنية

وهي إحدى عشرة أو اثنتا عشرة آية وفيها ركوعان

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } أي أردتم تطليقهن خصه عليه السلام بالنداء ، وعم الخطاب ؛ لأنه إمام أمته ، فنداؤه نداؤهم ، أو لأن الكلام معه والحكم يعمهم { فطلقوهن لعدتهن{[5032]} } أي : وقتها ، وهو الطهر ، أي : لطهرهن الذي يحصينه من عدتهن ، وعن أكثر السلف أنه الطهر الذي لم يجامعها فيه ، فطلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع في ذلك الطهر ، والبدعي أن يطلقها في الحيض أو في طهر قد جامعها فيه . نزلت{[5033]} حين طلق عليه السلام حفصة فقيل له : " راجعها فإنها صوامة قوامة ، وهي من أزواجك في الجنة " ، وطلق ابن عمر امرأته حائضا فقال{[5034]} عليه السلام : " ليراجعها " وقال : " إذا طهرت فليطلق أو يمسك " وقرأ الآية :{ وأحصوا العدة } اضبطوها ابتداءها وانتهاءها للعلم ببقاء زمن الرجعة ولغير ذلك { واتقوا الله ربكم } في ذلك { لا تخرجوهن من بيوتهن } البيوت التي سكن فيها حتى تنقضي عدتهن { ولا يخرجن } من بيوت كن فيها عند الفراق في مدة العدة فإن خرجت أثمت { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } استثناء من الأول والفاحشة الزنا فإنها تخرج لإقامة الحد أو إلا أن تبذو{[5035]} على أهل الزوج وآذتهم في الكلام والفعال لأنها كالنشوز في إسقاط{[5036]} الحق { وتلك } الأحكام المذكورة { حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } فإنه عرضها للعقاب { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك } أي الطلاق { أمرا } وهو أن يقلب قلبه من الرغبة عنها فيندم يعني أمرنا بعدم إخراجها مدة العدة لأنه ربما يندم ، ومن ذلك ذهب كثير من السلف ومن تابعهم كالإمام أحمد إلى أنه لا يجب السكنى للبائنة وكذا المتوفاة عنها ، وبعض{[5037]} الأحاديث يدل على مذهبه صريحا


[5032]:اللام في الأزمان وما يشبهها للتأقيت نحو أقم الصلاة لدلوك الشمس ومن عد العدة بالحيض قال تقديره: مستقبلات لعدتهن نحو أتيت ليلة بقيت من المحرم أي مستقبلا لها / 12منه.
[5033]:كذا ذكر السيوطي في الدر المنثور وعزاه إلى ابن أبي حاتم/12.
[5034]:كما رواه الشيخان عن ابن عمر / 12 كمالين.
[5035]:بذوت على القوم، وآبذيتهم، وأبذيت عليهم من البذاء، وهو الكلام القبيح (اللسان: بذا)
[5036]:الأول قول ابن مسعود وسعيد بن المسيب والشعبي والحسن والمجاهد وغيرهم من السلف والثاني قول أبي بن كعب وابن عباس وعكرمة/12 منه.
[5037]:في مسند الإمام أحمد والطبراني قال عليه والسلام في حديث طويل:" إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة وإذا لم تكن فلا نفقة ولا سكنى/12 منه [أحمد في"المسند" (6/413) و إسناده حسن]