أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الطلاق بالمدينة .
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور عن طاووس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الجمعة بسورة الجمعة و { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } .
أخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها ، فأنزل الله { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } فقيل له : راجعها فإنها صوّامة قوّامة وإنها من أزواجك في الجنة .
وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين في قوله : { لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } قال : في حفصة بنت عمر طلقها النبي صلى الله عليه وسلم واحدة فنزلت { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } إلى قوله : { يحدث بعد ذلك أمراً } قال : فراجعها .
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : طلق عبد بن يزيد أبو ركانة أم ركانة ثم نكح امرأة من مزينة ، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ما يغني عني إلا ما تغني هذه الشعرة - لشعرة أخذتها من رأسها - فأخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم حمية عند ذلك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة وإخوته ثم قال لجلسائه : أترون كذا من كذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد : «طلقها ففعل ، فقال لأبي ركانة : ارتجعها فقال : يا رسول الله إني طلقتها . قال : قد علمت ذلك فارتجعها » ، فنزلت { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } قال : الذهبي إسناده واهٍ ، والخبر خطأ ، فإن عبد يزيد لم يدرك الإِسلام .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : بلغنا في قوله : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } إنها نزلت في عبد الله بن عمرو بن العاص وطفيل بن الحارث وعمرو بن سعيد بن العاص .
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الزبير عن ابن عمر أنه طلق امرأته ، وهي حائض ، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فانطلق عمر ، فذكر ذلك له فقال : «مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم يطلقها إن بدا له » ، فأنزل الله عند ذلك «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن » قال أبو الزبير : هكذا سمعت ابن عمر يقرأها .
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق في المصنف وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : «ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء » ، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم : «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن » .
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ «فطلقوهن في قبل عدتهن » .
وأخرج ابن الأنباري عن ابن عمر أنه قرأ «فطلقوهن لقبل عدتهن » .
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن مجاهد أنه كان يقرأ «فطلقوهن لقبل عدتهن » .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم { فطلقوهن لعدتهن } قال : «طاهراً من غير جماع » .
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر { فطلقوهن لعدتهن } قال : في الطهر في غير جماع .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود { فطلقوهن لعدتهن } قال : الطهر في غير جماع .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي وابن مردويه عن ابن مسعود قال : من أراد أن يطلق للسنة كما أمره الله فليطلقها طاهراً في غير جماع .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فطلقوهن لعدتهن } قال : طاهراً من غير جماع .
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي موسى رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا يقل أحدكم لامرأته قد طلقتك ، قد راجعتك ، ليس هذا بطلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل طهرها » .
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه { فطلقوهن لعدتهن } قال : طهرهن ، وفي لفظ قال : طاهراً في غير جماع .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { فطلقوهن لعدتهن } قال : العدة أن يطلقها طاهراً من غير جماع ، فأما الرجل يخالط امرأته ، حتى إذا أقلع عنها طلقها عند ذلك فلا يدري أحاملاً هي أم غير حامل ، فإن ذلك لا يصلح .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبراني وابن مردويه عن مجاهد رضي الله عنه قال : سأل ابن عباس يوماً رجل فقال : يا أبا عباس إني طلقت امرأتي ثلاثاً ، فقال ابن عباس : عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك ولم تتق الله ليجعل لك مخرجاً ، يطلق أحدكم ، ثم يقول : يا أبا عباس ، قال الله : «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن » وهكذا كان ابن عباس يقرأ هذا الحرف .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما { فطلقوهن لعدتهن } قال : لا يطلقها وهي حائض ، ولا في طهر قد جامعها فيه ، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة ، فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض ، وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملاً فعدتها أن تضع حملها ، وإذا أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد على ذلك رجلين ، كما قال الله : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } عند الطلاق وعند المراجعة ، فإن راجعها فهي عنده على تطليقتين ، وإن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت منه واحدة وهي أملك بنفسها ، ثم تتزوّج من شاءت هو أو غيره .
وأخرج عبد بن حميد والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } قال : طلاق العدة أن يطلق الرجل امرأته وهي طاهر ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ، أو يراجعها إن شاء .
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي وابن مردويه عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن رجل طلق امرأته مائة قال : عصيت ربك ، من يتق الله يجعل له مخرجاً ثم تلا «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن » .
قوله تعالى : { وأحصوا العدة } .
أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه { وأحصوا العدة } قال : الطلاق طاهراً في غير جماع .
أخرج عبد بن حميد عن الشعبي رضي الله عنه أن شريحاً طلق امرأته واحدة ، ثم سكت عنها حتى انقضت العدة ، ثم أتاها فاستأذن ، ففزعت فدخل ، فقال : إني أردت أن يطاع الله { لا تخرجوهن من بيوتهن } ولا يخرجن .
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه أن شريحاً ، طلق امرأته وأشهد ، وقال للشاهدين : اكتما عليَّ فكتما عليه حتى انقضت العدة ثم أخبرها ، فنقلت متاعها ، فقال شريح : إني كرهت أن تأثم .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عمر رضي الله عنه قال : المطلقة والمتوفى عنها زوجها يخرجان بالنهار ولا يبيتان ليلة تامة عن بيوتهما .
وأخرج عبد بن حميد عن عامر رضي الله عنه قال : حدثتني فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثاً فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها ، فاعتدّت عند عمها عمرو ابن أم مكتوم .
وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن فاطمة بنت قيس أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات ، فزعمت أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجها من بيتها ، فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم ؛ الأعمى ، فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها ، وقال عروة : إن عائشة رضي الله عنها أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس .
وأخرج ابن مردويه عن أبي إسحاق قال : كنت جالساً مع الأسود بن يزيد في المسجد الأعظم ، ومعنا الشعبي فحدث بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ، فأخذ الأسود كفاً من حصى فحصبه ثم قال : ويلك تحدث بمثل هذا ؟ قال عمر : لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري حفظت أم نسيت له السكنى والنفقة ، قال الله : { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } .
أخرج عبد الرزاق عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع عليّ إلى اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت مع طلاقها ، وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة فاستقلتها فقالا لها : والله ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملاً ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له أمرها ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : «لا نفقة لك فاستأذنيه في الانتقال » فأذن لها ، فأرسل إليها مروان يسألها عن ذلك فحدثته فقال مروان : لم أسمع بهذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها ، فقالت فاطمة : بيني وبينكم كتاب الله ، قال الله عز وجل : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } حتى بلغ { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } قالت : هذا لمن كانت له مراجعة ، فأي أمر يحدث بعد الثلاث ، فكيف يقولون : لا نفقة لها إذا لم تكن حاملاً ، فعلام تحبسونها ، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة ، فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض ، وإن كانت لا تحيض ، فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملاً فعدتها أن تضع حملها ، وإن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد على ذلك رجلين كما قال الله : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } عند الطلاق وعند المراجعة فإن راجعها فهي عنده على طلقتين أو إن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت عدتها منه بواحدة ، وهي أملك لنفسها ، ثم تتزوّج من شاءت هو أو غيره .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الطلاق على أربعة منازل : منزلان حلال ، ومنزلان حرام ، فأما الحرام فأن يطلقها حين يجامعها ولا يدري اشتمل الرحم على شيء أو لا ، وأن يطلقها وهي حائض ، وأما الحلال فأن يطلقها لأقرائها طاهراً عن غير جماع وأن يطلقها مستبيناً حملها .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : خروجها قبل انقضاء العدة من بيتها الفاحشة المبينة .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : الزنا .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والشعبي مثله .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : إلا أن يزنين .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : كان ذلك قبل أن تنزل الحدود ، وكانت المرأة إذا أتت بفاحشة أخرجت .
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : إلا أن تصيب حداً فتخرج ، فيقام عليها .
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : الفاحشة المبينة أن تبذو المرأة على أهل الرجل ، فإذا بذت عليهم بلسانها فقد حل لهم إخراجها .
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد رضي الله عنه { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : لو كان الزنا كما تقولون أخرجت فرجمت ، كان ابن عباس يقول : «إلا أن يفحشن » قال : وهو النشوز .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الفاحشة المبينة السوء في الخلق .
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : بفحش لو زنت رجمت .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { بفاحشة مبينة } قال : هو النشوز ، وفي حرف ابن مسعود «إلا أن يفحشن » .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { بفاحشة مبينة } قال : هو النشوز .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } قال : إن بدا له أن يُراجعها راجعها في بيتها هو أبعد من قذر الأخلاق وأطوع لله أن تلزم بيتها .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ثم يدعها حتى يحل أجلها ، وكانوا يقولون : { لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } لعله أن يرغب فيها .
وأخرج ابن أبي حاتم عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قوله : { لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } قالت : هي الرجعة .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ، لأنه لا يدري لعله ينكحها ، قال : وكانوا يتأولون هذه الآية { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } لعله يرغب فيها .
وأخرج ابن أبي حاتم عن فاطمة بنت قيس في قوله : { لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } لعله يرغب في رجعتها .