{ إذ } أي : واذكر إذ { يغشاكم النعاس } وهو النوم الخفيف { أمنة } أي : أمناً مما حصل لكم من الخوف من عدوّكم { منه } أي : من الله تعالى ؛ لأنهم لما خافوا على أنفسهم لكثرة عددهم وعددهم وقلة المسلمين وقلة عددهم ، وعطشوا عطشاً شديداً ألقى الله عليهم النوم حتى حصلت لهم الراحة وزال عنهم الكلال والعطش ، وتمكنوا من قتال عدوّهم كان ذلك النوم نعمة في حقهم ؛ لأنه كان خفيفاً بحيث لو قصدهم العدوّ لعرفوا وصوله إليهم وقدروا على دفعه عنهم .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : النعاس في القتال أمنة من الله تعالى ، وفي الصلاة وسوسة من الشيطان ، وقرأ نافع بضم الياء وكسر الشين مخففة وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والشين مع التخفيف فيهما ، والباقون بضم الياء وكسر الشين مشدّدة ، ورفع السين من النعاس ابن كثير وأبو عمرو ونصبها الباقون على أن الله تعالى هو الفاعل { وينزل عليكم من السماء ماء } أي : مطراً { ليطهركم به } أي : من الأحداث والجنابات ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بسكون النون وتخفيف الزاي ، والباقون بفتح النون وتشديد الزاي ، وذلك أنّ المسلمين نزلوا يوم بدر على كثيب رمل أعفر تسوخ فيه الأقدام وحوافر الدواب ، فناموا فاحتلم أكثرهم ، وكان المشركون قد سبقوهم على ماء بدر ، فنزلوا عليه وأصبح المسلمون على غير ماء وبعضهم محدث وبعضهم جنب وأصابهم العطش ، فوسوس إليهم الشيطان ، أو قال لهم المنافقون : تزعمون أنكم على الحق وفيكم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وأنتم أولياء الله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون محدثين ، فكيف ترجون أن تظهروا على عدوّكم وما ينتظرون بكم إلا أن يجهدكم العطش فإذا قطع العطش أعناقكم مشوا إليكم فقتلوا من أحبوا وساقوا بقيتكم إلى مكة ؟ فحزنوا حزناً شديداً وأشفقوا ، فأنزل الله تعالى مطراً أسال منه الوادي ، فشرب منه المؤمنون واغتسلوا وتوضؤوا وسقوا الدواب وملؤوا الأسقية وطفئ الغبار وعظمت النعمة من الله عليهم بذلك ، وكان دليلاً على حصول النصر والظفر وزالت عنهم وسوسة الشيطان كما قال تعالى : { ويذهب عنكم رجز الشيطان } أي : وسوسة الشيطان التي ألقاها في قلوبكم ، وقيل : الجنابة ؛ لأنها من تخييله .
فإن قيل : يلزم على هذا التكرار فإنّ هذا تقدّم في قوله تعالى : { ليطهركم به } وأجيب عنه : بأنّ المراد من قوله تعالى : { ليطهركم به } حصول الطهارة الشرعية ومن قوله تعالى { ويذهب عنكم رجز الشيطان } أن الرجز هو عين المنيّ ، فإنه شيء مستخبث ، وطابت أنفسهم كما قال تعالى : { وليربط } أي : يحبس { على قلوبكم } باليقين والصبر ولبدت الأرض حتى ثبتت عليها الأقدام كما قال تعالى : { ويثبت به الأقدام } أي : أن تسوخ في الرمل ، والضمير في «به » للماء ويجوز كما قال الزمخشريّ أن يكون للربط ؛ لأنّ القلب إذا تمكن فيه الصبر والجراءة ثبتت الأقدام في مواطن القتال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.