وقرئ «يغشيكم » بالتخفيف والتشديد ونصب النعاس والضمير لله عزّ وجل . و { أَمَنَةً } مفعول له .
فإن قلت : أما وجب أن يكون فاعل الفعل المعلل والعلة واحداً ؟ قلت : بلى ، ولكن لما كان معنى يغشاكم النعاس . تنعسون ، انتصب أمنة على أن النعاس والأمنة لهم . والمعنى : إذ تنعسون أمنة بمعنى أمنا ، أي لأمنكم ، و { مِّنْهُ } صفة لها : أي أمنة حاصلة لكم من الله عزّ وجلّ .
فإن قلت : فعلى غير هذه القراءة قلت : يجوز أن تكون الأمنة بمعنى الإيمان ، أي ينعسكم إيماناً منه . أو على يغشيكم النعاس فتنعسون أمناً ،
فإن قلت : هل يجوز أن ينتصب على أنّ الأمنة للنعاس الذي هو فاعل يغشاكم ؟ أي يغشاكم النعاس لأمنه على أن إسناد الأمن إلى النعاس إسناد مجازي وهو لأصحاب النعاس على الحقيقة ، أو على أنه أنامكم في وقت كان من حق النعاس في مثل ذلك الوقت المخوف أن لا يقدم على غشيانكم ؟ وإنما غشيكم أمنة حاصلة من الله لولاها لم يغشكم على طريقة التمثيل والتخييل ؟ قلت : لا تبعد فصاحة القرآن عن احتماله ، وله فيه نظائر ، وقد ألم به من قال :
يَهَابُ النوْمُ أَنْ يَغْشَى عُيُونا *** تَهَابُكَ فَهُوَ نَفَّارٌ شَرُودُ
وقرىء «أمنة » بسكون الميم . ونظير «أمن أمنة » «حيي حياة » ونحو «أمن أمنة » «رحم رحمة » والمعنى : أن ما كان بهم من الخوف كان يمنعهم من النوم ، فلما طمأن الله قلوبهم وأمنهم رقدوا وعن ابن عباس رضي الله عنه : النعاس في القتال : أمنة من الله ، وفي الصلاة : وسوسة من الشيطان { وَيُنَزِّلُ } قرىء بالتخفيف والتثقيل . وقرأ الشعبي «ما ليطهركم به » قال ابن جني : ما موصولة وصلتها حرف الجر بما جره ، فكأنه قال : ما للطهور . و { رِجْزَ الشيطان } وسوسته إليهم ، وتخويفه إياهم من العطش . وقيل : الجنابة ، لأنها من تخييله . وقرئ «رجس الشيطان » وذلك أن إبليس تمثل لهم ، وكان المشركين قد سبقوهم إلى الماء ونزل المسلمون في كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء ، وناموا فاحتلم أكثرهم ، فقال لهم : أنتم يا أصحاب محمد تزعمون أنكم على الحق وأنكم تصلون على غير وضوء وعلى الجنابة ، وقد عطشتم ، ولو كنتم على حق ما غلبكم هؤلاء على الماء وما ينتظرون بكم إلا أن يجهدكم العطش ، فإذا قطع العطش أعناقكم مشوا إليكم فقتلوا من أحبوا وساقوا بقيتكم إلى مكة ، فحزنوا حزناً شديداً وأشفقوا ، فأنزل الله عز وجل المطر ، فمطروا ليلاً حتى جرى الوادي واتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الحياض على عدوة الوادي ، وسقوا الركاب ، واغتسلوا وتوضأوا ، وتلبد الرمل الذي كان بينهم وبين العدو حتى ثبتت عليه الأقدام ، وزالت وسوسة الشيطان وطابت النفوس . والضمير في { بِهِ } للماء . ويجوز أن يكون للربط ، لأن القلب إذا تمكن فيه الصبر والجراءة ثبتت القدم في مواطن القتال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.