معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

بسم الله الرحمن الرحيم .

قوله عز وجل : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ } .

يقول : ألم تُخبرَ عن الحبشة ، وكانوا غزوا البيت وأهلَ مكة ، فلما كانوا بذي المجاز مروا براعٍ لعبد المطلب فاستاقوا إبله ، فركب دابته وجاء إلى مكة ، فصرخ بصراخ الفزع ثم أخبرهم الخبر ، فجال عبد المطلب في متن فرسه ثم لحقهم ، فقال له رجلان من كندة وحضرموت : ارجع [ 149/ا ] ، وكانا صديقين له ، فقال : والله لا أبرح حتى آخذ إبلي ، أو أُوخَذَ معها ، فقالوا لأَصْحمة رئيس الحبشة : أرددها عليه ؛ فإنه آخذها غدوة ، فرجع بإبله ، وأخبر أهل مكة الخبر ، فمكثوا أياما لا يرون شيئًا ، فعاد عبد المطلب إلى مكانهم فإِذا هم كما قال الله تبارك وتعالى : «كالْعَصْف المأكُولِ » قد بعث الله تبارك وتعالى عليهم طيرا في مناقيرها الحجارة كبعر الغنم ، فكان الطائر يرسل الحجر فلا يخطئ رأس صاحبه ، فيخرج من دبره فقتلتهم جميعا ، فأخذ عبد المطلب من الصفراء والبيضاء يعني : الذهب والفضة ما شاء ، ثم رجع إلى أهل مكة فأخبرهم ، فخرجوا إلى عسكرهم فانتهبوا ما فيه .