الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وآياتها 5 .

هذه السورةُ تنبيهٌ على العِبرَةِ في أخذِ اللَّهِ تعالى لأَبْرَهَةَ أميرِ الحَبَشَةِ ، حينَ قَصَدَ الكعبةَ ليهدمَها ، وكانَ صاحبَ فيلٍ يَرْكَبُه ، وقصتُه شهيرةٌ في السِّيرَ فِيها تطويلٌ ، واختصارها أن أبرهَة بَنَى في اليمنِ بَيْتاً وأرادَ أن يَرِدَ إليه حجُّ العَرَبِ ، فذهبَ أعرابي وأحْدَثَ في ذلك البيتِ ، فَغَضِبَ أَبْرَهَةُ واحْتَفَلَ في جُمُوعِه ، ورَكِبَ الفيلَ وقَصَدَ مكةَ ، فَلمَّا قَرُبَ منها ، فَرَّتْ قريشٌ إلى الجبالِ والشِّعَابِ من مَعَرَّةِ الجيْشِ ، ثم تَهَيَّأ أبرهةُ لدخولِ مكةَ وَهَيَّأَ الفيلَ ، فأخَذَ نُفَيْلُ بنُ حَبِيبٍ بِأُذُنِ الفيلِ وكان اسمه محموداً ، فقال له : ابْرُكْ محمودُ ؛ فَإنَّكَ في حَرَمِ اللَّه ، وارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جئتَ رَاشِداً ، فَبَرَكَ الفِيلُ بِذِي الغَمِيسِ ، فَبَعَثُوهُ فَأَبَى ، فَضَرَبُوا رأسه بالمِعْوَلِ ، ورَامَوْهُ بِمَحَاجِنِهِمْ فَأَبَى ، فَوَجَّهُوه رَاجِعاً إلى اليمنِ ، فَقَام يُهَرْوِلُ ، فبعثَ اللَّه عليهم طَيْراً جماعاتٍ جماعاتٍ سُوداً مِنَ البَحْرِ ، عِنْدَ كُلِّ طَائرٍ ثَلاَثَةُ أحْجَارٍ : في منقارِه ، ورِجْلَيْهِ ، كلُّ حَجَرٍ فَوْقَ العَدَسَةِ ودون الْحمَّصَةِ ، ترميهم بهَا ، فَمَاتوا في طريقِهم متفرقينَ ، وتَقَطَّع أبْرَهَةُ أُنْمَلَةً أُنْمَلَةً حتى مات ، وحَمَى اللَّهُ بيتَه ، والأبابيلُ : الجماعاتُ تَجِيءُ شيئاً بَعْدَ شيءٍ ، قال أبو عبيدةَ : لاَ وَاحِدَ لَهُ مِنْ لفظهِ .