أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

شرح الكلمات :

{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا } : أي قضينا لك بفتح مكة وغيرها عُنة بجهادك فتحا ظاهرا بيّنا .

المعنى :

قوله تعالى { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } الآيات هذه فاتحة سورة الفتح التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم " أُنزلت عليَّ سورة لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس ، " ثم قرأ { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } وذلك بعد صلح الحديبية سنة ست من الهجرة وفي منصرفه منه وهو في طريقه عائد مع أصحابه إلى المدين النبويّة . وقد خالط أصحابه حزن وكآبة حيث صدوا عن المسجد الحرام فعادوا ولم يؤدوا مناسك العمرة التي خرجوا لها ، وتمت أحداث جسام تحمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يقدر عليه من أولى العزم غيره فجزاه الله وأصحابه وكافأهم على صبره وجهادهم بما تضمنته هذه الآيات إلى قوله { وكان ذلك عند الله فوزاً عظيما } فقوله تعالى { إنا فتحنا لك } يا رسولنا { فتحاً مبيناً } أي قضينا لك بفتح مكة وخيبر غيرهما ثمرة من ثمرات جهادك وصبرك وهو أمر واقع لا محالة وهذا الصلح بداية الفتح فاحمد ربك واشكره .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفتح

مدنية نزلت في الطريق عند الانصراف من الحديبية وآياتها 29 نزلت بعد الجمعة

نزلت هذه السورة حين انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية ، لما أراد أن يعتمر بمكة فصده المشركون وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر وهما راجعان إلى المدينة : }لقد نزلت علي سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها " .

{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا } يحتمل هذا الفتح في اللغة أن يكون بمعنى الحكم أي : حكمنا لك على أعدائك ، أو من الفتح بمعنى العطاء كقوله : { ما يفتح الله للناس من رحمة } [ فاطر : 2 ] أو من فتح البلاد واختلف في المراد بهذا الفتح على أربعة أقوال :

الأول : أنه فتح مكة وعده الله به ، قبل أن يكون وذكره بلفظ الماضي لتحققه وهو على هذا بمعنى فتح البلاد .

الثاني : أنه ما جرى في الحديبية من بيعة الرضوان ومن الصلح الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قريش وهو على هذا بمعنى الحكم أو بمعنى العطاء ويدل على صحة هذا القول أنه لما وقع صلح الحديبية ، شق ذلك على بعض المسلمين بشروط كانت فيه حتى أنزل الله هذه السورة ، ويتبين أن ذلك الصلح له عاقبة محمودة وهذا هو الأصح ، لأنه روي : أنها لما نزلت قال بعض الناس : ما هذا الفتح وقد صدنا المشركون عن البيت ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " بل هو أعظم الفتوح قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالروح ، ورغبوا إليكم في الأمان " .

الثالث : أنه ما أصاب المسلمون بعد الحديبية من الفتوح كفتح خيبر وغيرها .

الرابع : أنه الهداية إلى الإسلام ودليل هذا القول قوله { ليغفر الله لك } فجعل الفتح علة للمغفرة ولا حجة في ذلك إذ يتصور في الجهاد وغيره أن يكون علة للمغفرة أيضا أو تكون اللام للصيرورة والعاقبة لا للتعليل فيكون المعنى إنا فتحنا لك فتحا مبينا فكان عاقبة أمرك أن جمع الله لك بين سعادة الدنيا والآخرة بأن غفر لك وأتم نعمته عليك وهداك ونصرك .