التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ فَٱسۡلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلٗاۚ يَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ فِيهِ شِفَآءٞ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (69)

{ ثم كلي من كل الثمرات } ، عطف كلي على ا{ تخذي } ، و{ من } للتبعيض ، وذلك أنها إنما تأكل النوار من الأشجار ، وقيل : المعنى من كل الثمرات التي تشتهيها .

{ فاسلكي سبل ربك } ، يعني : الطرق في الطيران ، وأضافها إلى الرب ؛ لأنها ملكه وخلقه ، { ذللا } ، أي : مطيعة منقادة ، ويحتمل أن يكون حالا من السبل ، قال مجاهد : لم يتعرض قط على النحل طريق أو حالا من النحل ، أي : منقادة لما أمرها الله به .

{ يخرج من بطونها شراب } ، يعني : العسل ، { مختلفا ألوانه } ، أي : منه أبيض وأصفر وأحمر .

{ فيه شفاء للناس } ، الضمير للعسل ؛ لأن أكثر الأدوية مستعملة من العسل ، كالمعاجين والأشربة النافعة من الأمراض ، وكان ابن عمر يتداوى به من كل شيء ، فكأنه أخذه على العموم ، وعلى ذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا جاء إليه ، فقال : إن أخي يشتكي بطنه ، " فقال اسقه عسلا " ، فذهب ثم رجع فقال : قد سقيته فما نفع ، قال " فاذهب فاسقه عسلا ، فقد صدق الله وكذب بطن أخيك " ، فسقاه فشفاه الله عز وجل .