بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ فَٱسۡلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلٗاۚ يَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ فِيهِ شِفَآءٞ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (69)

{ ثُمَّ كُلِي مِن كُلّ الثمرات } ، أي : من ألوان الثمرات . أي : ألهمها بأكل الثمرات ، { فاسلكي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً } ، أي : ادخلي الطريق الذي يسهل عليك . ويقال : خذي طرق ربك مذللاً ، أي : مسخراً لك . وقال مقاتل : { فاسلكي سُبُلَ رَبّكِ } ، يعني : ادخلي طرق ربك في الجبال ، وفي خلال الشجر { ذُلُلاً } ؛ لأنَّ الله تعالى ذلل لها طرقها حيثما توجهت . { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا } ، أي : من بطون النحل ، من قبل أفواهها مثل اللعاب . { شَرَابٌ } ، يعني : العسل . { مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ } ، أي : العسل أبيض ، وأصفر ، وأحمر . ويقال : يخرج من أفواه الشباب من النحل الأبيض ، ومن الكهول الأصفر ، ومن الشيوخ الأحمر . { فِيهِ } ، أي : في العسل { شِفَآء لِلنَّاسِ } . روى أبو المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري . قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أخي استطلق بطنه . فقال له : « اسْقِهِ عَسَلاً » . فسقاه . ثم جاء فقال : سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً . فقال له : « اسْقِهِ عَسَلاً » . فسقاه . ثم جاءه فقال : سقيته فلم يزده إلاَّ استطلاقاً . فقال له : « اسْقِهِ عَسَلاً . صَدَقَ الله وَكَذَبَ بَطْنُ أخِيكَ » . فسقاه فبرئ . قال الفقيه أبو الليث : إنما يكون العسل شفاء إذا عرف الإنسان مقداره ، ويعرف لأي داء هو . فإذا لم يعرف مقداره ، ولم يعرف موضعه ، فربما يكون فيه ضرر . كما أن الله تعالى جعل الماء حياة كل شيء ، وربما يكون الماء سبباً للهلاك . وقال السدي : العسل شفاء الأوجاع التي يكون شفاؤها فيه . وقال مجاهد : { فِيهِ شِفَآء لِلنَّاسِ } ، أي : في القرآن بيان للناس من الضلالة . وروى أبو الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : العسل شفاء من كل داء ، والقرآن شفاء لما في الصدور . وروى الأسود عن ابن مسعود أنه قال : عليكم بالشفاء من القرآن ، والعسل .

ثم قال : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } ، أي : فيما ذكر من أمر النحل ، لعلامة لوحدانيتي . { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يعني : علموا أن معبودهم لم يغنهم من شيء .