الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ فَٱسۡلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلٗاۚ يَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ فِيهِ شِفَآءٞ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (69)

قوله تعالى : { ذُلُلاً } : جمع ذَلُول . ويجوز أن تكونَ حالاً مِن السُّبُل ، أي : ذَلَّلها اللهُ تعالى ، كقوله : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً } [ الملك : 15 ] ، وأن تكونَ حالاً مِنْ فاعلِ " اسْلُكي " ، أي : مطيعةً منقادةً . وفي التفسير المعنيان منقولان .

وانتصابُ " سُبُل " ، يجوز أن يكونَ على الظرفية ، أي : فاسْلُكي ما أكلْتِ في سُبُلِ ربِّك ، أي : في مسالكه التي يحيل فيها بقدرته النَّوْر ونحوه عَسَلاً ، وأن يكونَ مفعولاً به ، أي : اسْلكي الطرقَ التي أَفْهَمَكِ وعلَّمَكِ في عَمَلِ العسل . و " مِنْ " في : { مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } ، يجوز أن تكونَ تبعيضيةً ، وأن تكونَ للابتداء على معنى : أنها تأكُلُ شيئاً ينزل من السماء شِبْهَ التَّرَنْجَبِيْن على وَرَق الشجر وثمارِها ، لا أنها تأكلُ نَفْسَ الثمرات ، وهو بعيدٌ جداٌ .

قوله : { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا } ، التفاتٌ وإخبارٌ بذلك ، ولو جاءَ على الكلام الأوَّل لقيل : مِنْ بطونِك . والهاء في / " فيه " ، تعودُ على " شَراب " ، وهو الظاهرُ ، وقيل : تعودُ على القرآن .