التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ} (26)

{ لا يستحي } تأول قوم : أن معناه لا يترك لأنهم زعموا أن الحياء مستحيل على الله لأنه عندهم انكسار يمنع من الوقوع في أمر ، وليس كذلك وإنما هو كرم وفضيلة تمنع من الوقوع فيما يعاب ، ويرد عليهم قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله حي كريم يستحي من العبد إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا " .

{ أن يضرب } سبب الآية أنه لما ذكر في القرآن الذباب والنمل والعنكبوت عاب الكفار على ذلك ، وقيل : المثلين المتقدمين في المنافقين تكلموا في ذلك فنزلت الآية ردا عليهم .

{ مثلا ما بعوضة } إعراب بعوضة مفعول ب { يضرب } ، و{ مثلا } حال ، أو { مثلا } مفعول ، و{ بعوضة } بدل منه أو عطف بيان ، أو هما مفعولان ب { يضرب } لأنها على هذا المعنى تتعدى إلى مفعولين ، و{ ما } صفة للنكرة أو زائدة .

{ فما فوقها } في الكبر ، وقيل : في الصغر ، والأول أصح .

{ فيعلمون أنه الحق } لأنه لا يستحيل على الله أن يذكر ما شاء ولأن ذكر تلك الأشياء فيه حكمة ؛ وضرب أمثال ، وبيان للناس ، ولأن الصادق جاء بها من عند الله .

{ ماذا أراد الله } لفظة الاستفهام ، ومعناه الاستبعاد والاستهزاء والتكذيب .

وفي إعراب ماذا وجهان :

أن تكون " ما " مبتدأ و " ذا " خبره وهي موصولة ، وأن تكون كلمة مركبة في موضع نصب على المفعول ب " أراد " و " مثلا " منصوب على الحال أو التمييز .

{ يضل به } من كلام الله جوابا للذين قالوا :{ ماذا أراد الله بهذا مثلا } ، وهو أيضا تفسير لما أراد الله بضرب المثل من الهدى والضلال .