الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ} (26)

قوله تعالى : { إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْىِ أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا }[ البقرة :26 ] .

لما كان الجليلُ القدْرِ في الشاهد لا يمنعه من الخَوْضِ في نازل القوْلِ إِلا الحَيَاء من ذلكَ ، رَدَّ اللَّه بقوله : { إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْىِ أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا }[ البقرة :26 ] على القائلين كيف يضرب اللَّه مثلاً بالذُّبَابِ ونحوه .

واختلف في قوله تعالى : { يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا }[ البقرة :26 ] ، هل هو من قول الكافرين أو خبرٌ من اللَّه تعالى . ولا خلاف أن قوله تعالى : { وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفاسقين }[ البقرة :26 ] من قول اللَّه تعالى ، والفسْقُ : الخروجُ عن الشيء ، يقال : فَسَقَتِ الفَأْرَةُ إِذا خرجَتْ من جحرها ، والرُّطَبَةُ إِذا خرجَتْ من قِشْرها ، والفِسْقُ في عرف استعمال الشرْعِ : الخروجُ من طاعة اللَّه عزَّ وجلَّ بكُفْر أو عصيان .