التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (30)

{ الملائكة } جمع ملك واختلف في وزنه ، فقيل : فعل فالميم أصلية ووزن ملائكة على هذا مفاعلة ، وقيل : هي من الألوكة وهي الرسالة فوزنه مفعل ، ووزنه مألك ثم حذفت الهمزة ، ووزن ملائكة على هذا مفاعلة ، ثم قلبت وأخرت الهمزة فصار مفاعلة وذلك بعيد .

{ خليفة } هو آدم عليه السلام ؛ لأن الله استخلفه في الأرض ، وقيل : ذريته لأن بعضهم يخلف بعضا ، والأول أرجح ، ولو أراد الثاني لقال : خلفاء .

{ أتجعل فيها } الآية : سؤال محض لأنهم استبعدوا أن يستخلف الله من يعصيه وليس فيه اعتراض ؛ لأن الملائكة منزهون عنه وإنما علموا أن بني آدم يفسدون بإعلام الله إياهم بذلك ، وقيل : كان في الأرض جن فأفسدوا ، فبعث الله إليهم ملائكة فقتلهم ، فقاس الملائكة بني آدم عليهم .

{ ونحن نسبح } اعتراف والتزام للتسبيح لا افتخار { بحمدك } أي : حامدين لك والتقدير نسبح متلبسين بحمدك ، فهو في موضع الحال .

{ ونقدس لك } يحتمل أن تكون الكاف مفعولا ، ودخلت عليها اللام كقولك : ضربت لزيدا ، وأن يكون المفعول محذوفا أي : نقدسك على معنى ننزهك أو نعظمك ، وتكون اللام في { لك } للتعليل أي : لأجلك ، أو يكون التقدير نقدس أنفسنا أي : نطهرها لك .

{ ما لا تعلمون } أي : ما يكون في بني آدم من الأنبياء ، والأولياء ، وغير ذلك من المصالح والحكمة .