التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (30)

{ فأقم وجهك للدين } هو دين الإسلام ، وإقامة الوجه في الموضعين من السورة عبارة عن الإقبال عليه والإخلاص فيه في قوله : { أقم } ، والقيم ضرب من ضروب التجنيس . { فطرة الله } منصوب على المصدر : كقوله : { صبغة الله } [ البقرة :138 ] أو مفعولا بفعل مضمر تقديره الزموا فطرة الله ، أو عليكم فطرة الله ، ومعناه خلقة الله ، والمراد به دين الإسلام ، لأن الله خلق الخلق عليه ، إذ هو الذي تقتضيه عقولهم السليمة ، وإنما كفر من كفر لعارض أخرجه عن أصل فطرته ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه ) .

{ لا تبديل لخلق الله } : يعني بخلق الله الفطرة التي خلق الناس عليها من الإيمان ، ومعنى أن الله لا يبدلها أي : لا يخلق الناس على غيرها ولكن يبدلها شياطين الإنس والجن بعد الخلقة الأولى ، أو يكون المعنى أن تلك الفطرة لا ينبغي للناس أن يبدلوها ، فالنفي على هذا حكم لا خبر وقيل : إنه على الخصوص في المؤمنين أي : لا تبديل لفطرة الله في حق من قضى الله أنه يثبت على إيمانه ، وقيل : إنه نهى عن تبديل الخلقة كخصاء الفحول من الحيوان وقطع آذانها وشبه ذلك .