ثم قال تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا } أي : اتبع الذي أمرك الله به حنيفا أي : مستقيما .
{ فطرت الله التي فطر الناس عليها } انتصبت " فطرت " على معنى اتبع فطرة الله{[54755]} وقيل : هو مصدر عمل فيه الجملة التي قبله{[54756]} والمعنى فطر الله الناس/ على ذلك فطرة .
فالحنف : الاستقامة ولذلك قيل للمعوج الرجل : ( أحنف ) على التفاؤل كما قيل للمهلكة مفازة والمفازة : النجاة ، وقيل للأعمى : بصير على التفاؤل في ذلك .
قيل معنى حنيفا : مائلا عن كل الأديان إلى الإسلام{[54757]} فيكون الحنف على هذا : الميل ، كما قيل للمائل الرجل : أحنف{[54758]} وقيل : على بمعنى اللام ، والتقدير : التي فطر الناس لها ، أي : لاتباعها ، أي : دين الله الذي خلق الناس لاتباعه .
كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }{[54759]} .
فالمعنى دين الله المفطور له الناس ، أي : المخلوق الناس له أي : خلقوا لاتباع الدين .
قال ابن زيد{[54760]} فطرت الله الإسلام ، منذ خلقهم يقرون بذلك وقرأ { وإذا أخذ ربك }{[54761]} الآية .
وهو قوله : { كان الناس أمة واحدة }{[54762]} وقاله مجاهد{[54763]} أيضا .
وفي الحديث : " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه " {[54764]} .
قال الأوزاعي{[54765]} وحماد بن سلمة{[54766]} : هذا الحديث مثل قوله : { وإذا أخذ ربك من بني آدم } الآية{[54767]} فالمعنى : كل مولود يولد على العهد الذي أخذ عليه .
وفي الحديث : " أخرجهم جل ذكره أمثال الذر فأخذ عليهم العهد ، فكل مولود على ذلك العهد يولد " {[54768]} وقيل : معنى الآية : خلقة الله التي لا يعفونها لا تميز شيئا .
وقال ابن المبارك : هذا لمن يكون مسلما ، يذهب إلى أنه مخصوص .
وقال محمد بن الحسن : هذا قبل أن تنزل الفرائض ويؤمر بالجهاد .
وقوله جل ذكره : { لا تبديل لخلق الله } معناه : لا تبديل لدين الله ، أي : لا ينبغي لك أن تفعل ذلك قاله مجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك والنخعي وابن زيد{[54769]} .
وقال ابن عباس : معناه لا تغيير لما خلق الله من البهائم ، لا تخصى ، وكره خصاء البهائم{[54770]} وقرأ الآية{[54771]} .
ثم قال تعالى : { ذلك الدين القيم } أي : هذا الذي تقدم ذكره هو الدين المستقيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.