بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (30)

قوله عز وجل : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ } يعني : أخلص دينك الإسلام { للدين حنيفاً } يعني : للتوحيد مخلصاً . ويقال : يذكر الوجه ويراد به هو ، فكأنه يقول : فأقم الدين مخلصاً . ويقال : معناه فأقبل بوجهك إلى الدين ، وأقم عليه { حنيفاً } ، أي : مخلصاً ، مائلاً إليه . ويقال : أخلص دينك وعملك لله تعالى ، وكن مخلصاً .

ثم قال : { فِطْرَةَ الله } يعني : اتبع دين الله . ويقال : اتبع ملة الله . ويقال : الفطرة الخلقة يعني : خلقة الله { التي فَطَرَ الناس عَلَيْهَا } أي : خلق البشر عليها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ ، وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ » وروي عن أبي هريرة أنه قال : اقرؤوا إن شئتم { فِطْرَةَ الله الذي فَطَرَكُمْ الناس عَلَيْهَا } يعني : خلق الناس عليها . وفي الخبر أنه قال : «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ » لأنه شهد يوم الميثاق .

ثم قال : { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله } يعني : لا تغيير لدين الله . ويقال : { لا تبديل لخلق الله } عندما خلق الله الخلق ، لم يكن لأحد أن يغير خلقته .

ثم قال : { ذلك الدين القيم } يعني :التوحيد ، هو الدين المستقيم { ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ } يعني : كفار مكة لا يعلمون بتوحيد الله .