تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (30)

{ فأقم وجهك } أي : وجهتك { للدين حنيفا } أي : مخلصا . { فطرت الله التي فطر } خلق { الناس عليها } . قال محمد : ( فطرت الله ) نصب بمعنى : اتبع فطرة الله .

قال يحيى : وهو قوله : { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم . . . }{[1058]} الآية . إن أول ما خلق الله القلم ؛ فقال : اكتب . قال : رب ما أكتب ! قال : ما هو كائن . قال : فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ؛ فأعمال العباد تعرض كل يوم اثنين وخميس عرضة ( فيجدونها ) على ما في الكتاب . ثم مسح بعد ذلك على ظهر آدم فأخرج ( منها ) كل نسمة هو خالقها ، فأخرجهم مثل الذر . فقال : { ألست بربكم قالوا بلى شهدنا } ثم أعادهم في صلب آدم ، ثم يكتب العبد في بطن أمه : شقيا أو سعيدا ، على الكتاب الأول ، فمن كان في الكتاب الأول شقيا عمر حتى يجري عليه القلم فينقض الميثاق الذي أخذ عليه في صلب آدم بالشرك ، ومن كان في الكتاب الأول سعيدا غمر حتى يجري عليه القلم [ فيؤمن ] فيصير سعيدا ، ومن مات صغيرا من أولاد المؤمنين قبل أن يجري عليه القلم ؛ فيكونون من آبائهم في [ الجنة من ملوك ] أهل الجنة ، ومن كان من أولاد المشركين ، فمات قبل أن يجري عليه القلم ، فليس يكونون مع آبائهم في النار ؛ لأنهم ماتوا على الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم ، ولم ينقضوا الميثاق .

قال يحيى : وقد حدثني الوليد عن [ بن بزع ]{[1059]} عن الربيع بن صبيح ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ؟ فقال : لم تكن لهم حسنات ؛ فيجزوا بها فيكونوا من ملوك أهل الجنة ، ولم تكن لهم سيئات ؛ فيعاقبوا بها فيكونوا من أهل النار ؛ فهم خدم لأهل الجنة " {[1060]} .

يحيى : ( عن ابن أبي ذئب ){[1061]} عن الزهري ( عن عطاء بن يزيد ){[1062]} عن أبي هريرة قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ، فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين " {[1063]} .

قال يحيى : يعني : لو بلغوا .

قوله : { لا تبديل لخلق الله } يعني : لدين الله كقوله : { من يهد الله فهو المهتدي } لا يستطيع أحد أن يضله { ولكن أكثر الناس لا يعلمون( 30 ) } وهم المشركون .


[1058]:سورة الأعراف: آية (172).
[1059]:هكذا في البريطانية والذي في الأصل غير واضح قراءته ولم أقف عليه والله أعلم.
[1060]:رواه البخاري في التاريخ (6/408) الطيالسي في مسنده (2111)، والطبراني في الكبير ((7/244)، (6993)، وفي الأوسط (5355)، والبزار (3/404، 405) [تخريج الكشاف]، وأبو يعلى في مسنده (4090) والروياني في مسنده (838) عن أنس بن مالك، وسمرة بن جندب مرفوعا. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(7/219): رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط، وفي إسناد أبي يعلى: يزيد الرقاشي، وهو ضعيف، وقال فيه ابن معين: رجل صدق، ووثقه ابن عدي، وبقية رجالهما رجال الصحيح. وضعف الحافظ في الفتح (3/290)، إسناد الحديثين. وقال الهيثمي عن رواية ابن جندب: رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار، وفيه عباد ابن منصور، وثقه يحيى القطان، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.
[1061]:حرفت في البريطانية إلى (عن أبي دينار) وهو خطأ وما أثبت كما في الأصل ومصادر التخريج.
[1062]:ما بين [ ] طمس في الأصل وأثبتناه من الأصل ومصادر التخريج.
[1063]:رواه البخاري (1384)، ومسلم (2658)، وأحمد في المسند (2/259، 268)، والنسائي (4/58)، والطيالسي في مسنده (2382)، من طريق الزهري به فذكره بنحوه.