النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (30)

قوله تعالى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : قصدك .

الثاني : دينك ، قاله الضحاك .

الثالث : عملك ، قاله الكلبي .

{ لِلدِّينِ حَنِيفاً } فيه ستة تأويلات :

أحدها : مسلماً ، وهذا قول الضحاك .

والثاني : مخلصاً ، وهذا قول خصيف .

الثالث : متبعاً ، قاله مجاهد .

الرابع : مستقيماً ، قاله محمد بن كعب .

الخامس : حاجّاً ، قاله ابن عباس .

السادس : مؤمناً بالرسل كلهم ، قاله أبو قلابة .

{ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } فيها تأويلان :

أحدهما : صنعة الله التي خلق الناس عليها ، قاله الطبري .

الثاني : دين الله الذي فطر خلقه عليه ، قاله ابن عباس والضحاك والكلبي يريد به الإسلام ، وقد روى عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مِن فِطْرةِ إِبْرَاهِيمَ السُّوَاكُ " . ومن قول كعب بن مالك :

إن تقتلونا فدين الله فطرتنا *** والقتل في الحق عند الله تفضيل

{ لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : لا تبديل لدين الله ، قاله مجاهد وقتادة .

الثاني : لا تغيير لخلق الله من البهائم أن يخصي فحولها ، قاله عمر ابن الخطاب وابن عباس وعكرمة .

الثالث : لا تبديل خالق غير الله فيخلق كخلق الله ، لأنه خالق يخلق ، وغيره مخلوق لا يخلق ، وهو معنى قول ابن بحر .

ويحتمل رابعاً ، لا يشقى من خلقه سعيداً ولا يسعد من خلقه شقيّاً .

{ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } فيه تأويلان :

أحدهما : ذلك الحساب البين ، قاله مقاتل بن حيان .

الثاني : ذلك القضاء المستقيم ، قاله ابن عباس .

{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يتفكرون فيعلمون أن لهم خالقاً معبوداً وإلهاً قديماً :