الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (30)

قوله : { حَنِيفاً } : حالٌ مِنْ فاعل " أَقِمْ " أو مِنْ مفعولِه أو مِن " الدِّين " .

قوله : " فِطْرَةَ الله " فيه وجهان ، أحدهما : أنه مصدرٌ مؤكِّدٌ لمضمونِ الجملة كقوله : { صِبْغَةَ اللَّهِ } [ البقرة : 138 ] و { صُنْعَ اللَّهِ } [ النمل : 88 ] . والثاني : أنه منصوبٌ بإضمارِ فِعْل . قال الزمخشري : " أي : الزموا فطرةَ الله ، وإنما أَضْمَرْتُه عَلَى خطابِ الجماعة لقولِه : " مُنِيبيْن إليه " . وهو حالٌ من الضمير في " الزَموا " . وقولُه : " واتَّقوه ، وأقيموا ، ولا تكونوا " معطوفٌ على هذا المضمر " . ثم قال : " أو عليكم فطرةَ " . ورَدَّه الشيخُ : " بأنَّ كلمةَ الإِغراءِ لا تُضْمَرُ ؛ إذ هي عِوَضٌ عن الفعلِ ، فلو حَذَفْتَها لَزِمَ حَذْفُ العِوَضِ والمُعَوَّضِ منه . وهو إحجافٌ " . قلت : هذا رأيُ البصريين . وأمَّا الكسائيُّ وأتباعُه فيُجيزون ذلك .