( وهي مكية ، وقيل : مدنية ، وهي أربع آيات ، وخمس عشرة كلمة ، وسبعة وأربعون حرفا ) .
( خ ) عن أبي سعيد الخدري " أن رجلا سمع رجلا يقرأ{ قل هو الله أحد } يرددها ، فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، وكان الرجل يتقالها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن " ، وفي رواية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ، فشق ذلك عليهم فقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال : { قل هو الله أحد الله الصمد } ثلث القرآن " . ( م ) عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء ، فجعل ( قل هو الله أحد ) جزءا من القرآن " ( م ) عن أبي هريرة قال : " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أقرأ عليكم ثلث القرآن ، فقرأ { قل هو الله أحد الله الصمد } ، حتى ختمها " ، وقد ذكر العلماء رضي الله عنهم في كونه صلى الله عليه وسلم جعل سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن أقوالا متناسبة متقاربة ، فقيل : إن القرآن العزيز لا يعدو ثلاثة أقسام ، وهي الإرشاد إلى معرفة ذات الله تعالى وتقديسه ، أو صفاته ، وأسمائه ، أو معرفة أفعاله ، وسنته مع عباده ، ولما اشتملت سورة الإخلاص على أحد هذه الأقسام الثلاثة ، وهو التقديس ، وازنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلث القرآن ؛ لأن منتهى التقديس في أن يكون واحدا في ثلاثة أمور لا يكون حاصلا منه من هو من نوعه وشبهه ودل عليه قوله { لم يلد } ، ولا يكون حاصلا ممن هو نظيره ، وشبيهه ، ودل عليه قوله{ ولم يولد } ، ولا يكون أحد في درجته وإن لم يكن أصلا له ، ولا فرعا منه ، ودل عليه قوله{ ولم يكن له كفوا أحد } ، ويجمع ذلك كله قوله{ قل هو الله أحد } ، وجملته وتفصيله ، هو قولك : لا إله إلا الله ، فهذا سر من أسرار القرآن المجيد الذي لا تتناهى أسراره ، ولا تنقضي عجائبه . وقال الإمام فخر الدين الرازي : لعل الغرض منه أن يكون المقصود الأشرف في جميع الشرائع والعبادات معرفة ذات الله جل جلاله ، وتعالى علاؤه وثناؤه ، ومعفرة أفعاله ، وهذه السورة مشتملة على معرفة ذات الله تعالى ، فلهذا كانت هذه السورة معادلة لثلث القرآن ، وقال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله ، قيل : معناه إن القرآن على ثلاثة أنحاء : قصص ، وأحكام ، وصفات الله تعالى ، و( قل هو الله أحد ) متضمنة للصفات ، فهي ثلث القرآن ، وجزء من ثلاثة أجزاء ، وقيل : معناه أن ثواب قراءتها يتضاعف بقدر ثواب قراءة ثلث القرآن بغير تضعيف . قوله : ( يتقالها ) يقال : استقللت الشيء ، وتقللته وتقاللته أي عددته قليلا في بابه ، ونظرت إليه بعين القلة ، قيل : سميت { قل هو الله أحد } سورة الإخلاص . إما لأنها خالصة لله تعالى في صفته ، أو لأن قارئها قد أخلص لله التوحيد . ومن فوائد هذه السورة أن الاشتغال بقراءتها يفيد الاشتغال بالله ، وملازمة الأعراض عما سوى الله تعالى ، وهي متضمنة تنزيه الله تعالى ، وبراءته ، عن كل ما لا يليق به ؛ لأنها مع قصرها جامعة لصفات الأحدية والصّمدانية ، والفردانية ، وعدم النظير عن أنس النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ كل يوم مائتي مرة ( قل هو الله أحد ) ، محيت عنه ذنوب خمسين سنة ، إلا أن يكون عليه دين " ، وفي رواية عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أراد أن ينام على فراشه ، فنام على يمينه فقرأ ( قل هو الله أحد ) مائة مرة ، فإذا كان يوم القيامة يقول الرب جل جلاله : يا عبدي ، ادخل عن يمينك الجنة " ، أخرجه الترمذي وقال : حديث غريب ، وعنه " أن رجلا قال : يا رسول الله ، إني أحب هذه السورة { قل هو الله أحد } ، قال : حبك إياها أدخلك الجنة " ، أخرجه الترمذي . عن أبي هريرة قال : " أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمع رجلا يقرأ { قل هو الله أحد الله الصمد } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وجبت . قلت : وما وجبت ؟ قال : " الجنة " ، أخرجه الترمذي ، وقال : حديث حسن غريب صحيح ، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده .
قوله عز وجل : { قل هو الله أحد } عن أبي بن كعب " أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك ، فأنزل الله { قل هو الله أحد الله الصمد } ، والصّمد الذي لم يلد ، ولم يولد ؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا سيورث ، وإن الله لا يموت ولا يورث ، ولم يكن له كفواً أحد . قال : لم يكن له شبيه ، ولا عديل ، وليس كمثله شيء " أخرجه التّرمذي ، وقال : وقد روي عن أبي العالية أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر آلهتهم ، فقالوا : انسب لنا ربك ، فأتاه جبريل بهذه السّورة { قل هو الله أحد } ، وذكر نحوه ، ولم يذكر فيه عن أبي بن كعب ، وهذا أصح .
وقال ابن عباس : إن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال عامر : إلام تدعونا يا محمد ؟ قال : إلى الله . قال : صفه لنا : أمن ذهب هو ؟ أم من فضة ؟ أم من حديد ؟ أم من خشب ؟ فنزلت هذه السّورة ، وأهلك الله أربد بالصاعقة ، وعامرا بالطاعون ، وقد تقدم ذكرهما في سورة الرّعد .
وقيل : جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : صف لنا ربك ، لعلنا نؤمن بك ، فإن الله تعالى أنزل نعته في التوراة ، فأخبرنا من أي شيء هو ؟ وهل يأكل ويشرب ؟ وممن ورث الربوبية ؟ ولمن يورثها ؟ فأنزل الله هذه السّورة { قل هو الله أحد } ، يعني الذي سألتموني عنه هو الله الواحد في الألوهية والرّبوبية الموصوف بصفات الكمال والعظمة ، المنفرد عن الشبه ، والمثل والنظير .
وقيل : لا يوصف أحد بالأحدية غير الله تعالى ، فلا يقال : رجل أحد ، ودرهم أحد ؛ بل أحد صفة من صفات الله تعالى . استأثر بها ، فلا يشركه فيها أحد ، والفرق بين الواحد والأحد أن الواحد يدخل في الأحد ، ولا ينعكس ، وقيل : إن الواحد يستعمل في الإثبات ، والأحد في النفي ، تقول في الإثبات : رأيت رجلاً واحداً ، وفي النفي : ما رأيت أحداً ، فتفيد العموم . وقيل : الواحد هو المنفرد بالذات فلا يضاهيه أحد ، والأحد هو المنفرد بالمعنى فلا يشاركه فيه أحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.